دراسة في قضية الانتحار الاسلامي
للحق .. التالي يعد أحد القضايا التي تعد من أهم الأسباب لتفاقم الورطة الاسلامية الحالية في تعامل الفرد المسلم مع ذاته ومع المؤمن الآخر ومع الغير مسلم وهذا يشمل التوجه العقائدي في المجتمع الواحد وتعامل هذا التوجه مع المجتمعات الأخرى..
العقيدة الاسلامية تقول ان الفرد المسلم المؤمن مخلوق من قبل الإله الواحد الأحد وان هذا الفرد المسلم قد حصل على هذه الهبه (هبة الايمان) من الله .. كون الله هو صاحب الحق أولا وأخيرا ابتداءا بمحمد رسول المسلمين (ووجدك ضالاً فهدى) و (ألم نشرح لك صدرك ، ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك) وروجوعا الى الآية واضحة المعالم (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَآءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) من هنا نتثبت بأن الايمان بالله ما هو الا هبة مقدمة من الخالق للمخلوق وعليه فان أراد المسلم المؤمن دخول جنة الله ويفوز بالوعد الآلهي المطروح في الديانة الاسلامية ما عليه سوى القيام بمتطلبات واوامر الله المنصوص عليها في العقيدة الاسلامية ليصل الى مرحلة استيفاء وطلب حقوقه كمؤمن لم يخالف شرع الله ليستأثر في الوعد الآلهي ومميزاته..
من جهة اخرى فلكون الله هو الخالق.. ولكون الفرد المسلم المؤمن والمكمل للواجبات والأوامر الآلهية المنصوص عليها في العقيدة الاسلامية هو المخلوق .. ولكون المخلوق لا يملك حرية التصرف بما خلقه الله او غيره كشمولية فان الجسد الانساني والروح الانسانية وكل ما هو موجود في ذات الفرد المسلم المؤمن مملوك للخالق الآلهي ولا يجوز التصرف بما خلقه الخالق الا في حالة واحدة وهي ان الخالق اعطى المخلوق حق التصرف بتصريح وتفويض ومن خلال هذا التصريح والتفويض أصبح للمسلم المؤمن الحق بالتصرف بما خلقه هذا الخالق .. بمعنى آخر .. الله خالق الانسان .. خالق هذا الفرد المسلم المؤمن ولكون الله هو الخالق وهذا الفرد مخلوق .. فإن مكنونات المخلوق ان كانت مادية او معنوية او نتاجية يملكها الخالق حقا له لا نزاع على هذا الحق.. اذن فالله هو صاحب الحق بالتصرف بما خلقه.. من هذا الحق تطفو على السطح مشكلة لم يتم الاجابة عليها للآن .. يتهرب جميع المسلمين من الاجابة لتساؤلات في هذا الشأن والتي تضخم الورطة الاسلامية العقائدية في قضية من القضايا الاسمانية الاسلامية المهمة وهي الجهاد وذلك يعود لعدة اسباب .. أهمها انه لا يوجد توضيح آلهي موثق او واضح بهذا الشأن ..
المسلم والانتحار في سبيل الله
بما ان الفرد المسلم المؤمن قد سلم أمره لله وان الله صاحب هبة الايمان لهذا الفرد وان الله هو الخالق وهذا الفرد هو المخلوق ولكون الخالق يتمتع بالتحكم بما خلق بكافة الاتجاهات يتبادر سؤال غاية في الأهمية يختص بقضة الجهاد الاسلامي وخاصة باستخدام السلاح الجسدي للمسلم والذي يجعله حاملا لادوات القتل عن طريق لغم جسده ومن ثم اخذ المبادره بالتفجير .. فيكون هذا الفرد المسلم المؤمن اول ضحايا هذا الفعل ..
والسؤال المهم هو : من أين اخذ (حصل / تحصل / نال / أ ُذن له) تصريح القتل و / أو التفويض بذلك .. اولا تصريح قتل نفسه وهو كمخلوق لا يملك هذا الحق وثانيا تصريح قتل الآخرين وهو كمخلوق لا يملك هذا الحق ايضا ؟؟
حقيقة ان تم اعتبار ان ما قام به الفرد المسلم المؤمن جهادا في سبيل الله فلا بد من وجود مرجعية آلهية تبرر له هذا التصرف وتعطيه الحق الموثق بذلك ولا بد من وجود هذه المرجعية باتجاهين .. الاتجاه الأول تصريح وتفويض شامل بالتصرف الكامل الغير محدود بكل المكنونات الذاتية للفرد المسلم من جسد وروح ووجود وفكر..تؤهله لسلب حياته .. والاتجاه الآخر هو تصريح وتفويض شامل بالتصرف الكامل والغير محدود بكل مكنونات الفرد الآخر الذاتية ان كان مسلما او غير مسلم والتي تؤهله (أي الفرد المسلم المؤمن المنتحر) من حق سلب حياة الآخرين بغض النظر عن ايمانهم العقائدي..
ان كان هذا التصريح والتفويض تم اعطاؤه من قبل الارادة الآلهية فلا مجال للنقاش حول هذا الأمر .. كون الخالق هو من أوجد المخلوق وله الحرية والمرد الكامل والتحكم الغير محدود في التصرف بما خلق .. وان كان لا يوجد اي تصريح من هذا القبيل .. فان تصنيف العمل هذا يعد جرما ليس في حق نفس ذاتية المنتحر فقط وانما في حق سلب حياة الآخرين .. وهذا يجعل من عمليه الانتحار عملا مرفوضا من قبل الاراده الآلهية ومخالفا لتشريعاته ويستوجب هذا العمل العقاب الآلهي..
هل اعطت الارادة الآلهية من خلال العقيدة الاسلامية هذا الحق وهذا التفويض للمسلم المؤمن للقيام بهذا العمل ؟؟
انتظر الاجابة والتعليق
مع التحية
للحق .. التالي يعد أحد القضايا التي تعد من أهم الأسباب لتفاقم الورطة الاسلامية الحالية في تعامل الفرد المسلم مع ذاته ومع المؤمن الآخر ومع الغير مسلم وهذا يشمل التوجه العقائدي في المجتمع الواحد وتعامل هذا التوجه مع المجتمعات الأخرى..
العقيدة الاسلامية تقول ان الفرد المسلم المؤمن مخلوق من قبل الإله الواحد الأحد وان هذا الفرد المسلم قد حصل على هذه الهبه (هبة الايمان) من الله .. كون الله هو صاحب الحق أولا وأخيرا ابتداءا بمحمد رسول المسلمين (ووجدك ضالاً فهدى) و (ألم نشرح لك صدرك ، ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك) وروجوعا الى الآية واضحة المعالم (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَآءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) من هنا نتثبت بأن الايمان بالله ما هو الا هبة مقدمة من الخالق للمخلوق وعليه فان أراد المسلم المؤمن دخول جنة الله ويفوز بالوعد الآلهي المطروح في الديانة الاسلامية ما عليه سوى القيام بمتطلبات واوامر الله المنصوص عليها في العقيدة الاسلامية ليصل الى مرحلة استيفاء وطلب حقوقه كمؤمن لم يخالف شرع الله ليستأثر في الوعد الآلهي ومميزاته..
من جهة اخرى فلكون الله هو الخالق.. ولكون الفرد المسلم المؤمن والمكمل للواجبات والأوامر الآلهية المنصوص عليها في العقيدة الاسلامية هو المخلوق .. ولكون المخلوق لا يملك حرية التصرف بما خلقه الله او غيره كشمولية فان الجسد الانساني والروح الانسانية وكل ما هو موجود في ذات الفرد المسلم المؤمن مملوك للخالق الآلهي ولا يجوز التصرف بما خلقه الخالق الا في حالة واحدة وهي ان الخالق اعطى المخلوق حق التصرف بتصريح وتفويض ومن خلال هذا التصريح والتفويض أصبح للمسلم المؤمن الحق بالتصرف بما خلقه هذا الخالق .. بمعنى آخر .. الله خالق الانسان .. خالق هذا الفرد المسلم المؤمن ولكون الله هو الخالق وهذا الفرد مخلوق .. فإن مكنونات المخلوق ان كانت مادية او معنوية او نتاجية يملكها الخالق حقا له لا نزاع على هذا الحق.. اذن فالله هو صاحب الحق بالتصرف بما خلقه.. من هذا الحق تطفو على السطح مشكلة لم يتم الاجابة عليها للآن .. يتهرب جميع المسلمين من الاجابة لتساؤلات في هذا الشأن والتي تضخم الورطة الاسلامية العقائدية في قضية من القضايا الاسمانية الاسلامية المهمة وهي الجهاد وذلك يعود لعدة اسباب .. أهمها انه لا يوجد توضيح آلهي موثق او واضح بهذا الشأن ..
المسلم والانتحار في سبيل الله
بما ان الفرد المسلم المؤمن قد سلم أمره لله وان الله صاحب هبة الايمان لهذا الفرد وان الله هو الخالق وهذا الفرد هو المخلوق ولكون الخالق يتمتع بالتحكم بما خلق بكافة الاتجاهات يتبادر سؤال غاية في الأهمية يختص بقضة الجهاد الاسلامي وخاصة باستخدام السلاح الجسدي للمسلم والذي يجعله حاملا لادوات القتل عن طريق لغم جسده ومن ثم اخذ المبادره بالتفجير .. فيكون هذا الفرد المسلم المؤمن اول ضحايا هذا الفعل ..
والسؤال المهم هو : من أين اخذ (حصل / تحصل / نال / أ ُذن له) تصريح القتل و / أو التفويض بذلك .. اولا تصريح قتل نفسه وهو كمخلوق لا يملك هذا الحق وثانيا تصريح قتل الآخرين وهو كمخلوق لا يملك هذا الحق ايضا ؟؟
حقيقة ان تم اعتبار ان ما قام به الفرد المسلم المؤمن جهادا في سبيل الله فلا بد من وجود مرجعية آلهية تبرر له هذا التصرف وتعطيه الحق الموثق بذلك ولا بد من وجود هذه المرجعية باتجاهين .. الاتجاه الأول تصريح وتفويض شامل بالتصرف الكامل الغير محدود بكل المكنونات الذاتية للفرد المسلم من جسد وروح ووجود وفكر..تؤهله لسلب حياته .. والاتجاه الآخر هو تصريح وتفويض شامل بالتصرف الكامل والغير محدود بكل مكنونات الفرد الآخر الذاتية ان كان مسلما او غير مسلم والتي تؤهله (أي الفرد المسلم المؤمن المنتحر) من حق سلب حياة الآخرين بغض النظر عن ايمانهم العقائدي..
ان كان هذا التصريح والتفويض تم اعطاؤه من قبل الارادة الآلهية فلا مجال للنقاش حول هذا الأمر .. كون الخالق هو من أوجد المخلوق وله الحرية والمرد الكامل والتحكم الغير محدود في التصرف بما خلق .. وان كان لا يوجد اي تصريح من هذا القبيل .. فان تصنيف العمل هذا يعد جرما ليس في حق نفس ذاتية المنتحر فقط وانما في حق سلب حياة الآخرين .. وهذا يجعل من عمليه الانتحار عملا مرفوضا من قبل الاراده الآلهية ومخالفا لتشريعاته ويستوجب هذا العمل العقاب الآلهي..
هل اعطت الارادة الآلهية من خلال العقيدة الاسلامية هذا الحق وهذا التفويض للمسلم المؤمن للقيام بهذا العمل ؟؟
انتظر الاجابة والتعليق
مع التحية
هناك تعليق واحد:
كتب أحمد المُهري
الأخ الفاضل جوردان
أشكرك كثيرا على توجيه هذا السؤال المهم إلينا نحن المسلمين. إنك ذكرت الكثير من الحقائق وأنا لا يمكنني طمس الحقيقة فما قلته صحيح واعتراضك وارد والذين يفجرون أنفسهم ليسوا مجاهدين بل هم يقترفون جريمة قتل أنفسهم وغيرهم. وسترى بأن الله تعالى لم يفوض أحدا بأن يعطي حكم الجهاد حتى الرسول نفسه ولم يعط أحداً أي حق لإيراد أذىً لا على نفسه ولا على الآخرين. وجريمة القتل كبيرة عند الله تعالى ويكفي أن يقوم به الشخص مرة واحدة ليستحق العذاب الأبدي في الحياة الأخروية. ولا يمكن أن يمنح الله العليم الخبير إذنا بأكبر عملية فوضوية هي الحرب، للناس أو للأنبياء والأنبياء هم طبقة من الناس. إن الغرض من إرسال الرسل هو إقناع الناس بألا يلتفتوا إلى كل الدعوات المحيطة بهم ويعودوا إلى فطرتهم وطبيعتهم ليصلوا إلى الله تعالى وهو حسبهم. ولم يسمح الله تعالى للمسلمين أن يدخلوا الحروب التي كانت تفرض عليهم أحيانا إلا بعد حين. والواقع بعد استنفاد كل المحاولات لإقناع المشركين واليهود والنصارى على السماح لهذا الدين بمباشرة دعوته دون المساس بهم. لهم دينهم وللمسلمين دينهم. بالطبع كان الله تعالى مريدا لتخصيص مكان جغرافي آمن للدين الجديد قبل أن يموت رسوله. وهناك موعد لوفاة الرسول عليه السلام ولا يمكن التخلف عنه كما نعرفه من قراءة فلسفة العدالة الإلهية.
وإذا ما نحلل حقيقة الحرب مثلا لنرى بأنها تقام إما للسيطرة على رقاب الناس والتمتع بخيراتهم من مال وثمرات ومن بشر ومن جنس أو من أر ض يعيشون عليها أو ثروة طبيعية يقبعون على مكانها. وكل ذلك عمل الظالمين ولا ارتباط لأي منها بالدعوة إلى الله تعالى وليست من أفعال الأنبياء. فالناس أحرار في دنياهم كما خلقهم ربهم يختارون لأنفسهم الدين والأمير والصناعة والتجارة التي يحبونها ويملكون جناة أيديهم، وكل من يسطو على الناس بأي حجة أو ذريعة فهو ظالم لا يمكن أن يرضى عنه ربه الذي هو رب الناس جميعا. وليس في القرآن أي إكراه في الدين بعد نزول القرآن باعتبار أن الناس قد وصلوا إلى قمة التطور الفكري ولا يحتاجون إلى من يتولى تربيتهم كالأطفال. ولهذا السبب توقف الله تعالى عن إرسال مزيد من الأنبياء أو تغيير الكتب التي تفَصِّل ما كتبه الله تعالى على البشرية من أوامر ونواهي تشريعية. وأما الذين يدعون رغبتهم في فرض الإسلام، فإن الله تعالى لا يريد ذلك أو الذين يتذرعون بوجود الكافرين فإن الله تعالى لا يريد
إزالة الكفر. لو كان مريدا لذلك لما أعطى الفرصة للشيطان أن يوسوس في صدور الناس حتى انتهاء الحياة من هذا الكوكب. إن الله تعالى لا يريد فرض العدالة على الأرض حيث أنه سبحانه سيجعل العدالة بل القسط الذي هو أدق من العدالة ليوم القيامة وليس للدنيا ولم يعين الله تعالى لنفسه وكيلا في الأرض. وهؤلاء الذين يبعثون الناس إلى مجالات الموت فهم يريدون السلطة ولا علاقة لهم بالقرآن الكريم. إنهم يتبعون الكتب التي ورثوها من ملوكهم الذين مضوا من سالف الزمان ولهم دين آخر غير الدين الذي ارتضاه الله تعالى لنوح و إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وبقية الأنبياء والرسل الكرام ولكل من يريد أن يتبعهم من الناس.
وإذا ننظر إلى تصرفات الملوك الذين أتوا بعد رسول الله وخاصة بعد وفاة آخر الخلفاء الراشدين نرى بأن طابع الملوك الضعفاء الذين يسعون لإحكام السيطرة السلطانية البحتة على رقاب الناس جميعا يطغى على كل أهدافهم ومناهجهم. إنهم سعوا ونجحوا في قمع حركة الشورى وتحويلها إلى دعوة جائرة باسم الدين لاتباع السلاطين وقبولهم والرضا بكل ما فعلوه وربطوا رضا الظالمين برضا الله تعالى. وكل ذلك كذب وافتراء وأنا على استعداد كامل بإذن الله تعالى لأفند كل مزاعمهم وأُعرِّف الناس على التفسير الحقيقي لآيات الله الكريمة، وأنا قائم بذلك الآن والحمد له سبحانه.
ولو تنتبه إلى هذه الآيات الكريمة التي ختم الله تعالى بها سورة التوبة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴿119﴾ مَا كَانَ ِلأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿120﴾ وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴿121﴾ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴿122﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿123﴾ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿124﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿125﴾ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿126﴾ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون ﴿127﴾ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿128﴾ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿129﴾.
هذه الآيات وردت لتشجيع الناس على الجهاد في سبيل الله تعالى وقد حدد الله تعالى فيها زمن الجهاد وحدد نهايته. لو تنظر إلى الآية 122 التي تتحدث عن نفير طائفة من كل فرقة للتفقه في الدين. فما هو ارتباط هذا النفير بسورة الجهاد وبآيات الجهاد؟ إن الآية التالية تشرحها بأن تحدد الجهاد في الذين يلون الذين آمنوا من الكفار. والذين آمنوا يعني الذين آمنوا بمحمد من صحابته ليفرق بينهم وبين الذين لم يؤمنوا وليس معناه كل المؤمنين في الأرض. وكل الذين حضروا الرسالة فهم صحابة الرسول كما كان عليه بقية الرسل والقرآن يخاطب المشركين بقوله: وما صاحبكم بمجنون. فمحمد وكل من كانوا حاضرين هناك وفي زمانه كانوا أصحابا مع بعض. والذين يلونهم في اللغة العربية يعني الذين هم معهم في ذلك الوقت باعتبار أن الذي يليك هو الجالس بجنبك. فحكم الجهاد بكامله غير موسع وليس من فروع الدين كما زعموا. وأما المقصود من إنزال السورة التي ذكرت مرتين في الآيات التالية فإن الله تعالى يشير إلى معنى لكلمة "السورة" موضح داخل نفس سورة التوبة. فقد ذكر سبحانه "السورة" قبلهما مرة واحدة هكذا: وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ ﴿86﴾. فنعرف بأن المقصود من إنزال السورة هو إنزال سورة يأمر الله تعالى المؤمنين فيها بالجهاد مع رسوله لا مع غيره. فربط الله تعالى الجهاد بسورة ينزلها هو سبحانه ولم يسمح للنبي نفسه أن يأمر بالجهاد باعتبار زعامته للمسلمين. ليس في القرآن أية إشارة إلى مثل هذا الحق لنبي المسلمين ولكن هؤلاء الإخوة يعتبرون أنفسهم أكثر ارتباطا بالله تعالى من رسوله الأمين! ودعني أزيدك علما، ولعلك تعلم وتنتظر غيرك أن يقول، ما يلي:
هذا هو دأب الله تعالى مع من سبقهم من حاضري عصور الأنبياء. ذكر سبحانه قصة سعي اليهود لطرد الفلسطينيين من بيت المقدس هكذا في سورة البقرة: وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿244﴾ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿245﴾ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿246﴾ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿247﴾. فاعتبر الله تعالى الجهاد في سبيله قرضا لله وذكر أن بني إسرائيل طلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون في سبيل الله فقال النبي إن الله قد بعث لهم ملكا. والسؤال لماذا ذهب المؤمنون إلى النبي الذي لم يكن عسكريا قادرا على الجهاد. كان عليهم أن يذهبوا إلى من يقدر على ذلك لو كان الجهاد مباحا. ثم إن النبي لم يعين ملكا بنفسه بل أخبرهم بأن الله تعالى عين لهم ملكا للقتال في سبيله. ثم فكر أخي الكريم في معنى القتال في سبيل الله. ألا يعني ذلك أن يأذن الله تعالى بذلك في كل حادثة أو يرسل حكما عاما لكل ذي عمامة مثلا أن يفتي بالجهاد؟! وهو سبحانه لم يفعل ذلك فلا أدري من أين أتوا بهذا الحكم التعسفي. وأنا أرى أن الله تعالى يمنع عنهم حتى النصر الطبيعي في جهادهم المزعوم، حينما أحلل نتائج حروبهم المتواصلة على مر التاريخ حتى يومنا هذا. وحينما يحارب المسلمون المسلمين فيغلب بعضهم بعضا ترى الجميع يعتبرون تلك الغلبة الطبيعية نصرا من الله تعالى أو اختبارا ليعطيهم النصر فيما بعد ولم يعترف أية جهة بأنه أخطأ. وأنا لا أريد أن أذكر الأمثلة في مزاعمهم الجهادية اليوم وكل منهم ينسب حربه وظلمه وطغيانه إلى الله تعالى.
إن بعضهم يستعين بأنصاف الآيات أو جمل داخل آية ما لإثبات كذبه وافترائه على الله تعالى وبأنه يريد إحياء حكم شرعي أماته غيره، وهم يعلمون بأنهم يكذبون. إن أكثر كبرائهم يجهلون القرآن وهو سيد كتب المسلمين ولكنهم يفتون بالجهاد وكأنهم وكلاء رب العالمين. وليس لله تعالى وكيل أبدا. إنه هو على كل شيء وكيل وهو الذي له مقاليد السماوات والأرض. وأنا حينما أنظر إلى القرون التي مضت على سعي الظالمين لطمس كتاب الله تعالى وتحويله إلى مسلسة الأغاني أو إلى كتاب يُقرأ على قبور الموتى وأرى بأنني وبعض الإخوة والأخوات المؤمنين بالله نستخرج الكثير من الحلول لأعقد المسائل الدينية اليوم، أشعر بالطمأنينة والرضا بأني ربي الكريم موجود ومسيطر على كل شيء ويمكنه التواصل مع عبيده حينما يعودوا إليه. إنني أحب أخينا الكبير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وأتمنى أن أعيش معه في جنات النعيم أخا صغيرا، ولكني لا أشعر بأية حاجة إليه لفهم القرآن. إن الله تعالى قد علمني الكثير من أسرار الكتاب في خضم هذه الضلالات التي ملأت مكتبات المسلمين ولم يوح إلي ولم أر شيئا في المنام. وأرى أننا بصورة طبيعية يمكننا معرفة الطريق الصحيح والواضح، والذي أضلنا هو هذه الأحاديث المنسوبة إلى رسولنا المؤمن الصالح الصادق والأمين التي أورثها إيانا ملوك بني أمية وبني العباس وكذلك بقية ملوك المسلمين. وأترحم على أخينا الكبير أبا بكر الذي أحرق الأحاديث الصحيحة التي كانت بحوزته وأشعر بأنها فعلاً غير مفيدة لنا اليوم. وقد فعل أبو بكر عملا صحيحا. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولنا ما نكسب.
فلا جهاد في الإسلام بعد وفاة رسول الله وأما الدفاع فهو مسألة عقلية يجب على القادر أن يدافع عن نفسه ضد من يظلمه مراعيا الشروط الطبيعية التي أقر بها القرآن الكريم ولم يَعِد أحدا بأن الله تعالى سوف يأتي بالنصر لكل من يطلبه بغض النظر عن قدرته أو ضعفه. قال تعالى في سورة الأنفال وهي سورة جهادية أيضا: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿55﴾ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ﴿56﴾ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿57﴾ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ﴿58﴾ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ ﴿59﴾ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴿60﴾ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿61﴾ وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴿62﴾. الآية الستون أتت تماما بعد الأمر بالجهاد ويعني أن يكونوا متكافئين مع عدوهم حد الإمكان وهم مع رسول الله الموعود بالنصر لا مع هؤلاء الإخوة الذين يدعون كل حق لأنفسهم دون دليل. والعجيب أن أكثرهم مختبئ ولا نعلم عنه شيئا. وأما الذين يؤيدونهم ويفتون لهم ممن يظهرون أمام الناس فهم لا يملكون هذا الحق وليس لهم دليل على ادعاءاتهم عدا السيف. وأرجو أن أوجه عنايتكم قليلا بأن العهود والاتفاقيات سبقت الحكم من الله وحده بالجهاد وبأنه سبحانه قبل أن يعطي الحكم بالقتال العسكري لاحظ أن أعداءهم خانوا المواثيق ولم يفوا بعهودهم. ونحن نقول لا مفاوضات ولا نقاش ولا اعتراف ولا ولا. ونوعد أنفسنا بنصر الله تعالى. أنا لست عدوا للبشرية وأحبهم جميعا وأكبر دليل على ادعائي أنني أسعى لأرفع الغموض والشبهات عن الذين يعترفون بالإلحاد كما يعترفون بأنهم يرفضون الله تعالى وأنا، أحب موجود عندي هو الله تعالى.
وأما الرخصة بالقتل في كتاب الله تعالى فلا تراها إلا للذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، ومن بعدهم للذي يقتل أحدا فعلا. وليس في القرآن رخصة لقتل أو قتال حربي ضد أي شخص أو أشخاص آخرين. يقول سبحانه في سورة الإسراء: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴿33﴾. وقال في سورة الأنعام: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿151﴾. وقال في سورة النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿29﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا ﴿30﴾. وحينما تجادلهم يقولون لك بأن الله تعالى منع من أن نقتل أحدا إلا بالحق. ثم يفسرون الحق من عند أنفسهم وبالطريقة التي يريدونها وأنا أسأل: إذا حرم الله تعالى القتل في القرآن واستثنى منه الذي يُقتل بالحق ثم ذكر موارد الحق وهي القاتل لشخص فعلا أوالذي يسعى في الأرض الفساد فهل يجوز لنا أن نضيف إلى ما ذكره الله تعالى شيئا دون القرآن نفسه؟ لو كان هذا جائزا فمعناه أننا أحللنا ما حرمه الله تعالى، فما معنى وجوب اتباع كتاب الله، أم أننا نكذب ولا نؤمن به سبحانه؟
وأما قوله تعالى في سورة التوبة: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿5﴾. فالمشركون في هذا السورة تعبر عن مجموعة خاصة من مشركي مكة والذين عاهدوا الرسول ثم نقضوا العهد وقد وضحهم الله تعالى في بداية السورة واستثنى منهم الذين لم ينقضوا العهود. إنهم هم المقصودون بأن يُقتلوا أينما ثقفوا وليس غيرهم. وهم الذين قال الله تعالى عنهم أنهم نجس ومنع من دخولهم المسجد الحرام وليس غيرهم. وأما قيام الحكومات الإسلامية بمنع غير المسلمين من دخول الحرم فهو عمل خاطئ ولا يجوز شرعا وليس لهم دليل. إن البيت الحرام هو مكان ميلاد أبينا آدم لقوله تعالى في سورة آل عمران: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴿96﴾ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿97﴾. فأول بيت عمليا هو بيت أول إنسان وأول إنسان هو آدم. والملاحظ أن الله تعالى لم يفرض الحج على المسلمين فحسب بل على كل الناس. فالناس جميعا مدعوون للحج باعتبار أن البيت بيت أبيهم آدم وكل إنسان يحب أن يزور بيت أبيه الأول.
وأما اليهود والنصارى فإن الله تعالى وضح حكمهم في نفس السورة هكذا: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴿29﴾. والمقاتلة لا تعني القتل ولا الحرب بل تعني الفرض. مفهوم الآية معمول به اليوم في كل الدول التي تفرض الضرائب على شعوبها. والكثير من الدول تسمح للجباة أن يرسلوا مانع الضريبة إلى القضاء وهناك بعض الدول تمنع من عقاب الإعدام إلا في حالة اللعب بالضرائب. والخلاصة أن الرحمن سبحانه يريد لخلقه أن يعيشوا في الدنيا بحالتها الموجودة بسلام ووئام مع بعضهم البعض ليختبرهم فيثيب أو يعاقب يوم العدالة بعد هذه الحياة. وما يفعله الإخوة هو من منطلق مصالحهم وليس من الله تعالى في شيء ولا أظن بأنهم وكل علمائهم يمكن أن ينجو من عذاب النار.
أخوكم المؤمن بالله العظيم أحمد المُهري
إرسال تعليق