الأربعاء، ٤ نيسان ٢٠٠٧

نقد لدليل الحدوث عند المتكلمين - الكاتب: ايف هتس

نقد لدليل الحدوث عند المتكلمين

مرحباً
لعل احد اشهر الادلة عند الفكر الديني على وجود اله هو دليل الحدوث فما ان تدخل اي منتدى اسلامي حتى تجده في اول الادلة التي تذكر على وجود اله، ولايقتصر الامر على هذا بل وجدنا الفيلسوف المسيحي William Lane Craig يعيد احياء هذا الدليل في العالم المسيحي وتحت اسم "حجة علماء الكلام الكونية" او Kalam Cosmological Argument وحتى لا اطيل عليكم فان دليل الحدوث متكون من برهانين ونتيجة البرهان الاول تشكل صغرى البرهان الثاني:
البرهان الاول:
1- كل متغير حادث.
2- العالم متغير.
3- لذا: العالم حادث.
وهذه النتيجة تشكل- كما قلنا- صغرى البرهان الثاني:
1- العالم حادث
2- كل حادث يحتاج الى محدث
3- لذا: العالم يحتاج الى محدث.
للوهلة الاولى سنسلم للمتكلمين قولهم "العالم متغير" فلابد للمتكلمين كيما تصح حجتهم ان يثبتوا كبرى القياس الاول والثاني، اي:
1- كل متغير حادث.
2- كل حادث يحتاج الى محدث.
اما الاول فقد طرح المتكلمون برهاناً لم يوافق الفلاسفة عليه ولكن الفلاسفة برهنوا تلك المقدمة بطريقة اخرى ولهذا فنحن سنقبل بها على اي حال، فلايتبق لدينا سوى كبرى القياس الثاني وهي "كل حادث يحتاج الى محدث" وهنا نجد ان الفلاسفة لايوافقون المتكلمين عليها بل يرون انه لايوجد سبيل لاثبات تلك المقدمة لان الحادث من حيث هو حادث – اي مسبوقية وجود الشي بالعدم- غير محتاج الى علة وانما مناط الحاجة الى العلة هو الامكان بحسب الفلاسفة السينويين (اتباع ابن سينا). فالفلاسفة يرون ان مناط الحاجة الى العلة لابد ان يبحث في ذات المعلول لا في العدم السابق له.
وقبل ان نستمر فان الجملة السابقة حول مناط الحاجة الى علة تحتاج بعض الشرح والتفصيل.
ماهي علة الحاجة الى علة؟ اي متى يكون من الضروري ان يكون للشيء علة؟ وهل كل شيء لابد له من علة؟
المتكلمون وبعض ادعياء الفلسفة يرون ان الحدوث هو مناط الحاجة الى العلة، يعني الشيء لم يكن موجوداً او معدوماً ثم وجد بعد ذلك، فخروجه الى الوجود يستدعي مانح ومفيض يفيض عليه الوجود والا فلايمكن ان يكون وجود ذاك الشيء صدفة اذ ان الامر بين مدارين اما يوجد الشيء بعلة او بالاتفاق والصدفة وحيث ان الصدفة ممتنعة في هكذا مورد فيكون لابد لكل ما لم يكن موجوداً ثم وجد من علة، وعليه فان القديم اي الموجود منذ الازل لاعلة له وليس هذا استثناء من قانون العلية. لان القديم لايخضع لشرط العلية وهو الحدوث.
وعليه فان المتكلمين يحصرون القديم بالواجب او الاله ويجعلون كل ماسواه حادث لم يكن موجوداً ثم وجد وهو مايعرف بالحادث الزماني. فيتصورون نقطة بدء زمانية لكل العالم لم يكن العالم موجوداً قبلها ثم وجد، والحقيقة ان مثل هذا الامر بنظر الفلاسفة يعد غير مقبول اذ لايمكن تصور ان يكون العالم مسبوقاً بعدم في الزمان السابق اذ يلزم من ذلك انفكاك العلة عن معلولها بل يرى الفلاسفة ان كليات العالم غير حادثة زمانياً ولكن جزئيات العالم هي الحادثة وهذا لايعني انها –اي كليات العالم- مستغنية في وجودها عن الواجب بل كل مافي الامر ان الفلاسفة لايحصرون القديم بذات الواجب بل يرون ان الشيء قد يكون ازلياً ولكنه محتاج الى علة ومتكأ بوجوده على الواجب وهذا مايعرف بالحدوث الذاتي. وللحقيقة فان المتكلمين لم يتعمقوا في فهم مناط الحاجة الى علة بل انهم حصروا الامر بالحدوث ومادفعهم الى هذا هو قولهم ان "الشرائع الحقة" نطقت بحدوث العالم زمانياً ! يعني انهم قدموا النقل على العقل.
فهناك كملخص ثلاث ردود على دعوى كون الحدوث هو مناط الحاجة الى علة:
1- مناط الحاجة الى علة يجب ان يبحث في ذات المعلول لا في العدم السابق له.
2- لايمتنع من ان يكون هناك موجود غير حادث زمانياً ومع ذلك يكون محتاج الى علة.
3- نظرية الحدوث لاتفسر العلل الغير وجودية كما هو الحال بالاثر والمؤثر.
اما عموم الفلاسفة المؤمنين باصالة الماهية او ممن اغفلوا البحث في هذا الموضوع فهم يرون ان مناط الحاجة الى العلة هو التوفر على الماهية، ولمن لايذكر الماهية اقول ان الماهية هي مايقال في جواب ماهو مثل ماهية الانسان هي الحيوانية والناطقية.
هناك صفات ضرورية لصحة تصور بعض القضايا والاشياء بحيث لايصح تصور الشيء اذا ما سلبت تلك الصفة منه فمثلاً صفة الزوجية في الرقم اربعة هي صفة ضرورية للرقم اربعة اذ لايمكن ان يكون الرقم اربعة الا زوجاً، ولايمكنك ان تتصور الرقم اربعة الا زوجاً فاذا انتفت هذه الصفة منه ماعاد اربعة وانما صار شيء اخر، ولكن صفة الوجود للانسان ليست ضرورية اذ بالامكان ان تصور الانسان غير موجود او معدوم وبامكاننا ان نتصوره موجوداً، وهكذا كل ماله ماهية بامكاننا ان نتصور ان وجوده او عدمه ممكن او ان صفة الوجود او حتى العدم غير ضرورية له، فاصطلح الفلاسفة على هذا الشيء بانه ممكن فالممكن بحسب التعريف هو كل ماتتساوى نسبته الى الوجود والعدم وايضاً فان كل ذي ماهية ممكن. وهذا يشكل المقدمة الاولى لمناط الحاجة الى العلة عند السينويين.
المقدمة الثانية من القانون العقلي القائل باستحالة الترجح بلا مرجح. يعني مثلاً تصور ميزان ذو كفتين وفي كل كفة هناك مجموعة متماثلة من الاوزان بحيث يكون الميزان متوازناً والكفة الاولى مستوية مع الثانية، فلكي نجعل احدى الكفتين ترجح على الاخرى لابد ان نرفع بعض الاوزان من احداهما او نزيد بعض الوزن اما اذا تركنا الميزان على حاله فاننا سنحكم قطعاً انه لايمكن ان تترجح احدى الكفتين على الاخرى، ومثال اخر انك تشاهد كرة تتحرك بسرعة ومن ثم تصطدم بحائط وتتجه يساراً فعندها نتسال ما الذي جعل الكرة تتجه يساراً بينما كان من الممكن ان تتجه يميناً؟ لابد من وجود عامل رجح هذا الاتجاه على ذاك، اننا نتسال عن هكذا عامل كثيراً في حياتنا فنسال حتى عن تصرفات الانسان فلماذا اختار فلان هذا الطريق ولم يختر الطريق الاخر؟ ما الذي رجح هذا الاختيار على الاخر؟ ما الذي جعل امريكا تحتل العراق؟ اي ما الذي رجح خيار الحرب على خيار عدم الحرب؟ اذ ان الترجح بلا مرجح امر غير قابل للتصور عقلاً ونحن نحكم بديهياً بصحة هذا المبدأ، على كلٍ المتكلمون –كعادتهم- انكروا هذا الامتناع ورأوا جواز الترجح وضربوا امثلة سخيفة في جواز ذلك لا ارى حتى انها تستحق الذكر.
فاذا كان الشيء تتساوى نسبته الى الوجود والعدم ثم وجدنا هذا الشيء موجوداً فاننا سنتسال ما الذي اخرج ذاك الشيء عن حد الاستواء بحيث صار موجوداً؟ ماهو المرجح لوجود الشيء على عدم وجوده؟ اذ لابد من مرجح لترجيح وجود الشيء على عدمه وهذا المرجح هو العلة فاذا وجدت العلة وجب وجود المعلول واذا لم توجد العلة لم يوجد المعلول. على اننا عندما نقول الممكن هو ماتتساوى نسبته الى الوجود والعدم لانعني بذلك انه موجود في الوسط اذ لايوجد وسط في البين بل ان هذا التساوي هو تساوي اعتباري وليس تساوي فعلي وواقعي فالممكن فعلياً اما موجود واما معدوم.
اذن فمناط الحاجة الى العلة هو امر اوسع من مجرد الحدوث الذي يتكلم عنه المتكلمون بل مناط الحاجة هو الامكان، ومن الممكن تصور شيء قديم غير حادث زمانياً ومع هذا فانه محتاج في وجوده الى علة اذا كان ممكناً او كان ذا ماهية. وهذا مايعرف بنظرية الماهية.
ومما يذكر هنا هو ان سبب عدم حاجة الواجب الى علة هو ان الواجب لاماهية له حتى يكون بحاجة الى علة وهذا مرة اخرى ليس استثناءاً في قانون العلية الماهوي. ومن عجب انك تجد عامة المسلمين عندما تسألهم: ماهو الله؟ يقولون لك ان عقلنا قاصر عن معرفة ماهيته !!! فهم يثبتون له ماهية ويطلقون النار على عقولهم قائلين اننا عاجزون عن ادراكهها والحقيقة بحسب الفلاسفة الالهيين هو ان الاله او قل الواجب لاماهية له حتى يسأل ماهو الله؟ فالسؤال فاسد من الاساس.
وحتى نختم البحث في هذا المورد نقول ان الفلاسفة يقولون ان الماهية مقدمة على الامكان والامكان مقدم على الحاجة والحاجة مقدمة على ايجاب وايجاد العلة والعلة متقدمة على وجوب وجود المعلول ووجود المعلول مقدم على حدوث المعلول. ومن هنا فحين يقال وجود المعلول مقدم على حدوثه لان الحدوث هو مسبوقية الوجود بالعدم وهو وصف للوجود ومن الواضح ان الموصوف مقدم على الصفة عقلاً على ان نفهم من التقدم هنا التقدم الرتبي لا التقدم الزمني.
وعندما سنأتي لمناقشة دليل الامكان او برهان الصديقين السينوي سنرى ان كلا الفريقين كان مخطئاً في كلامه بشأن مناط الحاجة الى علة.
وساختم مناقشة نظرية الحدوث بهذا البيت الشعري لصاحب المنظومة (السبزواري):
من في حدوث العالم قد انتهج فانه عن منهج الصدق خرج

هل العالم واحد:

سلمنا في ما مضى بالمقدمة التي تقول ان العالم متغير فالان نريد ان نناقش هذه المقدمة، والسؤال الذي سنطرحه على المتكلمين هو هل العالم واحد بالوحدة الشخصية او انه غير واحد بالوحدة الشخصية؟ فالاول اي الوحدة الشخصية اشبهه بجسم الانسان اذ من الواضح ان اجزاء الجسم مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً ويتكأ بعضها على البعض الاخر في صحة عملها بحيث اذا عطب احد الاجهزة الحيوية فانه يؤدي الى عطب الانسان باكمله. ام الثاني فاشبهه بمثل المخزن والمستودع حيث تخزن فيه امور متعددة واغراض متنوعة بحيث قد يكون لاعلاقة لبعضها بالبعض الاخر.
والهدف من السؤال كما هو واضح هو ان العالم اذا لم يكن واحداً بالوحدة الشخصية فلاحرج من فرض ان بعضه حادث وبعضه قديم وان بعضه معلول والاخر غير معلول اذ انه مجموعة اجزاء غير مرتبطة كلها ببعضها البعض مثل مثال المستودع المذكور انفاً فيكون بعضه علة لوجود البعض الاخر كما ان التغير في بعض العالم لايعني تغيير كل العالم اذ انه اجزاء غير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع بعضها.
الان الفلاسفة الالهيين يرون ان العالم واحد بالوحدة الشخصية ويرون ان العالم فعل واحد واجزاءه مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً وهذا كله بهدف النجاة من السنخية التي تكلمنا عنها في موضوع اخر اذ ان البسيط من كل الجهات لايصدر منه الا فعل واحد فلابد ان يكون العالم واحد ويكون الخلق كله فعل واحد حتى يصح الامر. وهؤلاء الفلاسفة قدموا اثبات على وحدة العالم ولكن هذا الاثبات يعتمد على علم الفلك القديم الموروث من اليونانيين وهو امر لم يعد مقبولاً في زمننا.
هناك ظاهرة جميلة ومخيفة في الكون هي الثقوب السوداء وهذه الثقوب كما تعرفون كلكم لها من المجال الجذبي الهائل انها قادرة على جذب وابتلاع مجرة كاملة تحوي مئات ملايين الشموس !!! فلو فرضنا ان الكون كله مرتبط ببعضه ارتباطاً وثيقاً عن طريق الجاذبية لكان ادى هذا الارتباط الى فناء الكون اذ ان تلك الثقوب السوداء ستبتلع كل شيء مرتبط معها بل لابد ان يكون كل ماهو مستقر وقتياً في الكون بعيد كل البعد عن نطاق الجذب لهذه الاجسام المخيفة ! ومثال ذلك من يصاب بالجذام فتتساقط اعضاءه الواحد تلو الاخر، فالكون بالحقيقة وان كان بعض مناطقه ترتبط اجزاءه مع بعضها كما هو الحال بمجموعتنا الشمسية ولكن ليس كل شيء يرتبط ببعضه بنفس هذه الدرجة. فيمكن القول ان العلم الحديث محايد من هذه الناحية فلاهو يثبت الاول ولايثبت الثاني وان كان عندنا ادلة على الثاني. فاذ لم يثبت ان الكون واحد بالوحدة الشخصية فلايوجد مانع من افتراض ان يكون بعضه علة للاخر وان يكون بعضه قديم والاخر غير قديم.

ما الذي يثبته دليل الحدوث؟

طيب دعونا نفترض صحة كل ماقاله المتكلمون فما الذي يثبت عندنا؟
يثبت ان العالم حادث وانه محتاج الى محدث او محتاج الى علة في حدوثه، ولكن نحن نريد من المؤمنين دليل على وجود اله ولانريد دليل على وجود مجرد علة للكون او محدث اذ ما المانع ان يكون المحدث والعلة ليس باله؟ اذ ان الاله ليس مجرد علة ونحن لانريد دليل على وجود مجرد علة للكون ربما تنفع هذه الحجة مع من لايؤمنون بوجود علة للعالم ولكن ليس معنا فنحن نريد دليل على كون العلة الاولى هي فاعل مريد عليم حكيم سميع بصير حي رزاق ومرسل للانبياء وله جنة ونار والى كل الصفات التي ينسبها الفكر الديني على تنوعها الى الاله وبلا استثناء اذ اننا لانقبل باي شيء الا بدليل كما اننا نريد دليل يقيني على كل ماتقدم ونريد دليل منطقي صحيح من حيث المادة والصورة لادليل شبابي من نمط ادلة شباب المنتديات ومن شاكلهم.
لم يكتب احد من فجر البشرية مثل هكذا دليل انهم يثبتون قديم او واجب او علة اولى ومن ثم يقولون الاله موجود وهذه قفزة فوق النتائج ومغالطة في صورة الاستدلال اذ ان النتيجة غير متوفرة في المقدمات بل هي اكبر من المقدمات !!!
فعجيب امركم يامتدينين لم تكتبوا منذ بداية البشرية دليل على وجود اله ومع هذا تريدوننا ان نؤمن بوجوده؟
حقاً امر عجيب.

ملاحظات على آية تعدد الزوجات - الكاتب: ابو لهب

ملاحظات على آية تعدد الزوجات

أو ملاحظات على أية تعدد المنكوحات

لم يكتف القرآن باحتقار المرأة عن طريق التشريع لتعدد الزوجات وإرغامها للقبول بهذا الوضع المشين، ولكنه فعل ذلك باستخدام أقصى أساليب الإهانة. كنت قد نشرت في مدونتي مقالة نسختها من كتاب للإمام الراحل محمود شلتوت يفسر فيها بصراحة الآية الثالثة من سورة النساء ، فيمكن الرجوع لتفسيرها الرسمي الكامل على هذا الرابط: www.abulahab.blogspot.com. أما ما يلي فهو ملاحظات قصيرة تبين دناءة الأسلوب الذي اتبعه كاتب القرآن في التشريع لتعدد الزوجات.

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء/3}

أولا: واضح أن الخطاب العام في "الآية" موجه بتخصيص فريد للرجال دون النساء ويعطي معنى للزواج وكأنه شأن للرجل وحده، وأن دور النساء هو دور "المفعول به" لا غير.

ثانيا: فَانكِحُواْ
كلمة "النكاح" في اللغة العربية، لها معنيين : الزواج بمعناه العالمي المتدوال حاليا، والفعل الجسدي للجنس أي بمعنى الوطأ أو النيك (1) . وكثيرا ما تستخدم هذه الكلمة في الأدبيات الإسلامية للدلالة على المعنيين معا.

ثالثا:ْ مَا طَابَ لَكُم
طاب لكم هنا تعني ما لذ لكم أو ما تمتعتم به أو ما اشتهيتم، واستخدام كلمة "طاب" هنا يفرض على كلمة "فانكحوا" معنى "فعل الجنس" ويغيب عنها معنى الزواج أي أن المعنى يصبح: "فاوطأوا ما اشتهيتم من النساء" . أي أن معنى فعل الجنس يغلب على معنى الزواج بما تتطلبه هذه المؤسسة من التزام ومحبة وتضحيات.

رابعا: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
تساند هذه الكلمات أن المعنى الغالب في هذه "الآية" هو النكح بمعنى فعل الجنس ، لأن وطأ ملك اليمين محلل بحكم الملكية. ويؤدي التركيز القوي لمعنى الزواج كفعل للجنس وربطه وقرنه بالعبودية وفي جملة (آية) واحدة إلى امتهان فاضح لمعنى الزوجية المفروض أن يكون معنى ساميا ومشاركة متبادلة بين إنسانين لهما نفس الوزن في هذه العلاقة. ومراجعة عقلانية ومحايدة لوضع المرأة في التاريخ الإسلامي تؤيد هذه المعاني.

عند أخذ هذه المعاني بالجملة تخرج صورة مزرية لفكرة الزواج في الإسلام. فكرة الزواج كشراكة أبدية بين إنسانين متكافئين ، تقوم على المحبة والرحمة وعلى التعهد الضمني أو المصرح بمواجهة الحياة في السراء والضراء ، ليست غير موجودة فحسب، ولكنها تستبدل بشراكة تركز على أحقية الرجل "بنكح" زوجته مع الحق الإلهي له بنكح نساء أخر حسبما يمليه عليه ضميره وحسب نوازع شهيته وحسبما تسمح له حالته المادية باقتناء الجواري.

نعم هناك الآية:

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم/21}

ولكن يبدو من حقيقة كونها "آية" مكية ، وأنها نزلت ومحمد يعيش هانئا في ظل نعمة خديجة ، أنها نسخت "بآية" 3 من سورة النساء. ممارسة محمد وصحبه في المدينة ومن بعدهم المسلمون خير دليل على هذا المعنى.


حاشية:
1- ( نكح ) نَكَحَ فلان ( * قوله « نكح فلان إلخ » بابه منع وضرب كما في القاموس ) امرأَة يَنْكِحُها نِكاحاً إِذا تَزوجها ونَكَحَها يَنْكِحُها باضعها أَيضاً وكذلك دَحَمَها وخَجَأَها- أول تعريف في لسان العرب لهذه الكلمة.

2- من الثابت أن كلمة "ناك ينيك" كانت قد استخدمت من قبل محمد بن عبد الله ولهذا فهي ليست خارجة عن الأدب هنا:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ قَالَ لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنِكْتَهَا لَا يَكْنِي قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ- صحيح البخاري

عن أبي هُرَيْرَةَ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ نَبِيَّ اللَّهِ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِيُّ ِ فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ أَنِكْتَهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ حَلَالًا قَالَ فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ