سفر المسلم للدول العلمانية : قراءة تحليلية
أثيرت قضية في هذا المنتدى وهي مسألة هجرة المسلمين للغرب ،وهذا الشريط هو لنقاش مسألة تلك الهجرة
في الإسلام يعتبر سفر المسلم لدولة غير إسلامية والإقامة فيها محرما وذلك لقول الرسول (صلعم) :
"لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا"
الراوي: سمرة بن جندب - خلاصة الدرجة: صحيح أو حسن كما اشترط على نفسه في المقدمة - المحدث: ابن الملقن - المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم : 514/2
وقوله :
"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
الراوي: جرير بن عبدالله البجلي - خلاصة الدرجة: احتج به ، وقال في المقدمة: لم نحتج إلا بخبر صحيح من رواية الثقات مسند) - المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة أو الرقم : 349/7
وقوله أيضا :
"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم الفشل قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
الراوي: جرير بن عبدالله البجلي - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم : 5/30
هنا سوف يبدأ المسلم بالتماس الأعذار لنفسه حتى يحاول أن يتجاوز الموقف المحرج الذي وقع فيه بخصوص هجرة المسلمين للغرب مع الحفاظ على مضمون شريعته الإسلامية التي تحرم ذلك العمل وسيقول لنا :
"نعم السفر إلى الغرب حرام لكن هم يسافرون لضرورة أي بغرض الدعوة"
ويكون الجواب على هذا الأمر أنّ الفقه الإسلامي لا يبيح ارتكاب المحرم من أجل تحقيق ضرورة معينة إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل المباحة ،فمثلا الخمر محرم في الإسلام ولو جئنا لشخص مريض ويوجد أربع أدوية يمكنها علاج ذلك المرض (لأننا كثيرا ما نجد في الطب أكثر من دواء لمرض واحد) وأحد هذه الأدوية يحتوي على الخمر فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى ذلك الدواء إلا بعد أن يجرب الأدوية الثلاثة التي لا تحتوي الخمر.
ونقيس على ذلك مسألة الدعوة للإسلام ،فالدعوة للإسلام تتم بطرق متعددة وبإمكان أي شخص في مثل هذا الوقت الدعوة لأي دين كان عن طريق برامج المحادثة والمنتديات ومواقع الإنترنت ،إذن فالدعوة ممكنة وبثلاث وسائل مختلفة دون ضرورة اللجوء لارتكاب الحرام وهو السفر إلى الخارج ،فلماذا ما زال المسلم يسافر إلى هناك ؟ هذا أولا
ثانيا : أمامنا الآن خيارين :
إما أنّ الدعوة للإسلام في الدول العلمانية أصعب من الدول الإسلامية وهذا الخيار ،وهذا الخيار معناه أنّ الحرية الدينية موجودة في الدول العلمانية ومعناه أيضا أنّ الدول العلمانية تسمح بالدعوة للإسلام أفضل من الدول الإسلامية نفسها !!!!!
وإما أنّ الدعوة للإسلام في الدول العلمانية أصعب من الدول الإسلامية ،وبالتالي فإنّ القول أنّ المسلمين يسافرون بغرض الدعوة هو حجة باطلة.
ثالثا : إنّ قول المسلم بأنّ ما قاله الرسول كان مقتصرا على حادثة معينة ولا يجوز تعميمه هو كلام غير سليم لأنّ هناك قاعدة في الإسلام تقول أنّ العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص الحدث
ويوجد ظاهرة منتشرة ملحوظ في أوساط المسلمين وهي ظاهرة أنّ المسلمين يهاجرون لدول علمانية ثم يدعون أنهم مضطهدين في تلك الدول !!!! هل يعتقد المسلمين أنّ رؤوسنا مخصصة للكوافير فقط ------ ؟؟!! إنّنا كلادينيين لدينا رؤوس وبداخلها أدمغة نفكر بها ،كيف للشخص أن يسافر إلى دولة بملئ إرادته ثم يأتي ويقول أنه مضطهد فيها ؟؟ ولنسلم جدلا أنهم مضطهدين فعلا وأنهم خدعوا بما يثار عن تلك الدول ،فالدول العلمانية نفسها تبيح لهم أن يرجعوا إلى بلادهم الأصلية ليهربوا من الاضطهاد ومع ذلك فإنّ من يرجعون هم قليل من كثير.
وعن أي نوع من الاضطهاد يتحدثون ؟؟ إذا كانوا في الدول العلمانية يستطيعون إنشاء مدارس إسلامية خاصة بهم ولا يجبرون على دراسة مادة الدين المسيحي ويستطيعون أن يصوموا ويصلوا ويعطوا الزكاة ويباح لهم أن يهاجروا مؤقتا إلى السعودية لأداء الحج أو العمرة ،ويحق لهم قانونيا تولي أي منصب في الدولة حتى المناصب العظمى والحساسة طالما نجحوا في الانتخابات لتلك المناصب العامة ،ولهم حقوق متساوية مع الآخرين ،وفي السويد مثلا يتم دعم الجهات الإسلامية (بما فيها المساجد) ماليا من قبل الحكومة فأين الاضطهاد ؟؟ إذا كان هذا اضطهادا فأنا أتمنى أن تتعرض كل شعوب العالم لمثله !!!!!
والأمر الآخر الذي ينفى كذبة الاضطهاد هذه هي أنّ المسلمين يسافرون على الأغلب إلى الدول الأكثر تمسكا بالعلمانية كهولندا وألمانيا مثلا (أي الأمكان الذي سيتعرضون فيه للاضطهاد المزعوم في أقصى أشكاله) في حين لا يسافرون إلى الدول الأقل تمسكا بها كالبرتغال.
وبما أنّ المسلمين في الدول العلمانية ينتقدون العلمانية ويدعون أنها جعلت حياة الإنسان في "شقاء وتعاسة وفساد وإجرام" على حد تعبيرهم ،وإذا كانوا أيضا يقولون أنّ الدولة الإسلامية أفضل من العلمانية فلماذا لا يرجعون للدول الإسلامية ؟؟ ولماذا يعترضون عندما قامت أستراليا بترحيل بعض المسلمين إلى الدول الإسلامية ،أليس أستراليا ستقوم بنقلهم من بيئة "فساد وشقاء" وهي البيئة العلمانية إلى بيئة "سعادة ورفاهية" وهي البيئة الإسلامية ؟؟!! ضحكة 1
أما السبب الحقيقي وراء سفر وراء إقامة المسلمين في الدول العلمانية فهي لأنهم سيحصلون على رفاهية العيش العلماني وحريته بدليل أنهم يسافرون إلى الدول الغنية جدا ذات التمسك القوي بالعلمانية كالسويد وكندا وأمريكا وأستراليا ،ويتركون الدول ذات المستوى المادي الأقل والأقل تمسكا بالعلمانية كروسيا ورومانيا.
أترك لكم التعليق على هذه المسألة...
أثيرت قضية في هذا المنتدى وهي مسألة هجرة المسلمين للغرب ،وهذا الشريط هو لنقاش مسألة تلك الهجرة
في الإسلام يعتبر سفر المسلم لدولة غير إسلامية والإقامة فيها محرما وذلك لقول الرسول (صلعم) :
"لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا"
الراوي: سمرة بن جندب - خلاصة الدرجة: صحيح أو حسن كما اشترط على نفسه في المقدمة - المحدث: ابن الملقن - المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم : 514/2
وقوله :
"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
الراوي: جرير بن عبدالله البجلي - خلاصة الدرجة: احتج به ، وقال في المقدمة: لم نحتج إلا بخبر صحيح من رواية الثقات مسند) - المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة أو الرقم : 349/7
وقوله أيضا :
"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم الفشل قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"
الراوي: جرير بن عبدالله البجلي - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم : 5/30
هنا سوف يبدأ المسلم بالتماس الأعذار لنفسه حتى يحاول أن يتجاوز الموقف المحرج الذي وقع فيه بخصوص هجرة المسلمين للغرب مع الحفاظ على مضمون شريعته الإسلامية التي تحرم ذلك العمل وسيقول لنا :
"نعم السفر إلى الغرب حرام لكن هم يسافرون لضرورة أي بغرض الدعوة"
ويكون الجواب على هذا الأمر أنّ الفقه الإسلامي لا يبيح ارتكاب المحرم من أجل تحقيق ضرورة معينة إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل المباحة ،فمثلا الخمر محرم في الإسلام ولو جئنا لشخص مريض ويوجد أربع أدوية يمكنها علاج ذلك المرض (لأننا كثيرا ما نجد في الطب أكثر من دواء لمرض واحد) وأحد هذه الأدوية يحتوي على الخمر فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى ذلك الدواء إلا بعد أن يجرب الأدوية الثلاثة التي لا تحتوي الخمر.
ونقيس على ذلك مسألة الدعوة للإسلام ،فالدعوة للإسلام تتم بطرق متعددة وبإمكان أي شخص في مثل هذا الوقت الدعوة لأي دين كان عن طريق برامج المحادثة والمنتديات ومواقع الإنترنت ،إذن فالدعوة ممكنة وبثلاث وسائل مختلفة دون ضرورة اللجوء لارتكاب الحرام وهو السفر إلى الخارج ،فلماذا ما زال المسلم يسافر إلى هناك ؟ هذا أولا
ثانيا : أمامنا الآن خيارين :
إما أنّ الدعوة للإسلام في الدول العلمانية أصعب من الدول الإسلامية وهذا الخيار ،وهذا الخيار معناه أنّ الحرية الدينية موجودة في الدول العلمانية ومعناه أيضا أنّ الدول العلمانية تسمح بالدعوة للإسلام أفضل من الدول الإسلامية نفسها !!!!!
وإما أنّ الدعوة للإسلام في الدول العلمانية أصعب من الدول الإسلامية ،وبالتالي فإنّ القول أنّ المسلمين يسافرون بغرض الدعوة هو حجة باطلة.
ثالثا : إنّ قول المسلم بأنّ ما قاله الرسول كان مقتصرا على حادثة معينة ولا يجوز تعميمه هو كلام غير سليم لأنّ هناك قاعدة في الإسلام تقول أنّ العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص الحدث
ويوجد ظاهرة منتشرة ملحوظ في أوساط المسلمين وهي ظاهرة أنّ المسلمين يهاجرون لدول علمانية ثم يدعون أنهم مضطهدين في تلك الدول !!!! هل يعتقد المسلمين أنّ رؤوسنا مخصصة للكوافير فقط ------ ؟؟!! إنّنا كلادينيين لدينا رؤوس وبداخلها أدمغة نفكر بها ،كيف للشخص أن يسافر إلى دولة بملئ إرادته ثم يأتي ويقول أنه مضطهد فيها ؟؟ ولنسلم جدلا أنهم مضطهدين فعلا وأنهم خدعوا بما يثار عن تلك الدول ،فالدول العلمانية نفسها تبيح لهم أن يرجعوا إلى بلادهم الأصلية ليهربوا من الاضطهاد ومع ذلك فإنّ من يرجعون هم قليل من كثير.
وعن أي نوع من الاضطهاد يتحدثون ؟؟ إذا كانوا في الدول العلمانية يستطيعون إنشاء مدارس إسلامية خاصة بهم ولا يجبرون على دراسة مادة الدين المسيحي ويستطيعون أن يصوموا ويصلوا ويعطوا الزكاة ويباح لهم أن يهاجروا مؤقتا إلى السعودية لأداء الحج أو العمرة ،ويحق لهم قانونيا تولي أي منصب في الدولة حتى المناصب العظمى والحساسة طالما نجحوا في الانتخابات لتلك المناصب العامة ،ولهم حقوق متساوية مع الآخرين ،وفي السويد مثلا يتم دعم الجهات الإسلامية (بما فيها المساجد) ماليا من قبل الحكومة فأين الاضطهاد ؟؟ إذا كان هذا اضطهادا فأنا أتمنى أن تتعرض كل شعوب العالم لمثله !!!!!
والأمر الآخر الذي ينفى كذبة الاضطهاد هذه هي أنّ المسلمين يسافرون على الأغلب إلى الدول الأكثر تمسكا بالعلمانية كهولندا وألمانيا مثلا (أي الأمكان الذي سيتعرضون فيه للاضطهاد المزعوم في أقصى أشكاله) في حين لا يسافرون إلى الدول الأقل تمسكا بها كالبرتغال.
وبما أنّ المسلمين في الدول العلمانية ينتقدون العلمانية ويدعون أنها جعلت حياة الإنسان في "شقاء وتعاسة وفساد وإجرام" على حد تعبيرهم ،وإذا كانوا أيضا يقولون أنّ الدولة الإسلامية أفضل من العلمانية فلماذا لا يرجعون للدول الإسلامية ؟؟ ولماذا يعترضون عندما قامت أستراليا بترحيل بعض المسلمين إلى الدول الإسلامية ،أليس أستراليا ستقوم بنقلهم من بيئة "فساد وشقاء" وهي البيئة العلمانية إلى بيئة "سعادة ورفاهية" وهي البيئة الإسلامية ؟؟!! ضحكة 1
أما السبب الحقيقي وراء سفر وراء إقامة المسلمين في الدول العلمانية فهي لأنهم سيحصلون على رفاهية العيش العلماني وحريته بدليل أنهم يسافرون إلى الدول الغنية جدا ذات التمسك القوي بالعلمانية كالسويد وكندا وأمريكا وأستراليا ،ويتركون الدول ذات المستوى المادي الأقل والأقل تمسكا بالعلمانية كروسيا ورومانيا.
أترك لكم التعليق على هذه المسألة...
هناك تعليق واحد:
كتب أحمد المُهري
الأخ الملحد ليبرالي
لم يأمر الله تعالى اليهود المؤمنين بالهجرة من مصر الفراعنة الملحدين إلا بعد أن ظلمهم الأقباط وأرادوا قطع دابرهم ولم يأمر المسلمين أن يهاجروا من مكة إلا بعد أن استنفد كل أساليب المصالحة مع المشركين المسيطرين على البلد الحرام. والهجرة قرآنيا واجبة للابتعاد عن الظلم وليس للابتعاد عن الكفر. والظلم هنا لا يعني المعصية بل الظلم هنا يعني القسوة التي لا يتحملها الفرد في بدنه ونفسه. وإن هجرة المسلمين إلى الدول العلمانية الأكثر عدالة من الدول الإسلامية دليل واضح وقاطع على زيف تلك الأحكام والتشريعات الحمقاء المنسوبة إلى الإسلام. هؤلاء رأوا ويرون عدم إمكانية تطبيق هذه التشريعات السخيفة ولكنهم في الواقع يتشبثون بها حماية لأحزابهم وتجمعاتهم وليس اتباعا لله تعالى ولما فرضه على عبيده. إن الفروض قليلة وأكثر أمور الناس منوطة بهم وبإرادتهم ولم يصدر الله تعالى أحكاما لكل صغيرة وكبيرة بل تركها للأمم ونصحهم بتكوين البرلمانات. قال تعالى في سورة المجادلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿11﴾. والتفسح في المجالس معناه المشاركة فيها وإحياؤها والنشوز معناه الترفع وهنا استعير للعضوية في البرلمان وكسب أصوات الناس برأيي وقد أوصى الله تعالى أن يدخل المجالس من أوتوا العلم وهو مؤمنون ووعد بمساعدتهم وتقويتهم وأعلمهم بأنه خبير بما يعملون لئلا يظلموا من ينوبون عنهم ولا غيرهم، فيختاروا أحسن الآراء لأخذ قراراتهم. وقد صحح قبل ذلك طريق الاستشارات ومنع من التآمر في نفس السورة. قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿9﴾ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿10﴾. فالتناجي هو التشاور الخفي داخل جدران المجالس مثلا فأوصى بأن يكون للبر والتقوى والنجوى هنا معناه التشاور للسوء أو ما نسميه التآمر.
وقد كتبت مقالا في العَلمانية ومدحتها واعتبرتها أصلا مفيدا للتعايش السلمي وذلك قبل أن أفكر في الهجرة إلى الغرب. والعَلمانية لا تعني اللادينية ولا الإلحاد بل تعني إقامة الأنظمة الدستورية القائمة على أساس مصالح الأمة بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. والقرآن الكريم لم يدع إلى الحكومات الدينية ولا الإسلامية وكانت حكومة محمد بن عبد الله حكومة شعبية مرتبطة بالأمة وقد اختاره الناس أميرا لهم وليست الإمارة بالنسبة لهذا النبي جزءا من رسالته. كل الخلفاء الراشدين آمنوا بانتخاب الأمة ومبايعتها لهم ولم يؤمنوا بالاستبداد ولا بالحكومة الدينية التي هي أبشع من الشيوعية أحيانا. حتى ذلك النظام المعروف بالخلافة ليس نظاما واجبا مفروضا على الناس بأمر الله تعالى. إنه نظام بشري اختاره المسلمون قبل أن يتعرفوا على الأنظمة التي هي أكثر عدالة من نظام الخلافة التي تؤدي إلى الاستبداد كما آلت إليه أمر الخلافة بعد انقضاء أجل الخلفاء الأربعة الأوائل رحمهم الله تعالى. فالخلافة ليست نظاما إسلاميا فرضه الله تعالى وهي ليست حكومة دينية إسلامية كما تراءى لبعض المسلمين كالإيرانيين والطالبان ومن يحكم على غرارهم. يقال بأن علي بن أبي طالب قال: لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل القرآن بقرآنهم. هذا يعني بأنه وهو أحد الخلفاء الراشدين كان يعتقد بضرورة الاهتمام بعقائد الناس ولم يعتقد بجواز فرض التشريع الإسلامي. والعلمانية نظام طيب آمن يحترم معتقدات الناس ولا يُفرض الدين على أحد فهي أكثر اتباعا للقرآن من الأنظمة الإسلامية قطعيا. وقد قال تعالى في سورة البقرة: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿256﴾.
أنا أعتقد بأن حكومة محمد بن عبد الله كانت أشبه بالحكومات الغربية وبأن الذين عاشوا تحت رعاية الحكم المحمدي كانوا أكثر تماثلا مع الشعوب الغربية وقد ألقيت محاضرة في بريطانيا قبل سنوات حول هذا الموضوع بالذات وأثبت للحاضرين بأن النساء في ظل حكم النبي كانوا مختلطين بين محجبات وسافرات مثل ما هم عليه في الغرب. والقرآن يشهد بذلك. قال تعالى في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل ِلأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿59﴾. ولازم نزول هذا الأمر هو أن تكون نساء النبي أو بعض نسائه غير محجبات وإلا كان أمر الله تعالى في غير محله. معاذ الله تعالى. وقد ذكر الله السبب في الأمر بالحجاب بالنسبة لنساء النبي وبناته والمتزوجات بأنه هو التمييز بين الحرة والأَمة. ومفاد ذلك منح الحرية لبعض النساء أن يمارسن ما يشأن ومحاولة القرآن لحماية النساء الشريفات من التعرض للتحرش من قبل الفضوليين لا غير. بالله عليكم هل الناس في السعودية وإيران هم كذلك؟ أليس الحرية الغربية أقرب إلى النظام الاجتماعي لكبير الإسلام وشيخ المسلمين عليه السلام؟ أتمنى أن تظهر حقائق القرآن للأمم فلا يظن الناس بأن ما يأتي به المسلمون من أخطاء واضحة هو ما أمر الله تعالى به، حاش لله.
أحمد المُهري
إرسال تعليق