الخميس، ٢٦ نيسان ٢٠٠٧

لماذا الله واحد؟؟ - الكاتب: شاكوش

لماذا الله واحد؟؟

لماذا يجب ان يكون الله واحد؟؟
فنحن كما نرى فان ابرز الاعمال على مر التاريخ هي الاعمال الجماعية التي ساهم بها عدد كبير من البشر
فالاهرامات وبرج بابل و العجائب السبعة العظيمة هي نتيجة اعمال جماعية.
واكبر المنجزات الاقتصادية والمالية وحتى الطبية قام بها شركات اوفرق او مجموعات من الاشخاص وهي لم يكن لتكون لولا توفر هذا الفريق او ذاك.

وعندما نسال لماذا الله واحد وليس اثنين او ثلاثه يجيبنا المؤمنون ان لو تعددت الاله فلسوف يختلفون بالتاكيد وعندها لن يصبح هناك كون منظم.
ولكن:
1. الاله هي غير البشر فلا يصح فيهم مايصح للبشر وقد يكون العمل مبرمج بينهم بحيث لا يكون هناك اختلاف من اي شكل من الاشكال.
2. قد يختلفوا هؤلاء الاله بينهم (كما يدعي المؤمنون) وما المصائب والمصائب التي نراها كل يوم على كوكبنا الا نتيجة لتلك الصراعات بين الاله.

من اين جائت فكرة التوحيد؟؟
على الرغم من ان فكرة الاله الواحد سبقت الديانات الابراهيمية الا ان الديانة الابراهيمية ركزت هذه الفكرة بشكل مباشر واصبحت هذه الفكرة من اساسيات هذه الديانات على الرغم من كون الديانة الابراهيمة تعترف بوجود انواع من المخلوقات ذات قدرات كبيرة او اشباه اله.
فالجن والملائكة لديهم قوى غير طبيعية لو قدر لواحد منهم ان يظهر لنا في عالمنا الوجودي هذا لسجد له كل من في الارض لامتلاكهم قوى فوق-طبيعية هائلة.
فالملاك يستطيع الوصول الى الارض والذهاب الى السماء البعيدة بسرع خرافية وكذلك قدرتهم على الطيران باجنحة وبغير اجنحة عند انتهاء الغلاف الجوي.
فهل لنا ان نتخيل ظهور ملاك ضخم يطير في السماء ببطئ وينفخ ببوق يصل صوته الى كل ارجاء الارض؟؟
لو ظهر كائن كهذا سيسجد له اغلب من في الارض ان لم يكن كل من في الارض.
لذا فان الديانات الابراهيمية وان كانت تجسد التوحيد الا انها ابقت على الكثير من الاله الاقل شاننا.
مثال اخر هو الشيطان، فكما يظهر فالشيطان لديه قدرات كبيرة جدا تتساوى احيانا وقدرة الله الواحد نفسه.
فهو تحدى الله علانيته على الرغم من معرفته بقوة وجبروت الله الابراهيمي، وفوق هذا فهو قادر على التاثؤ على اعمال البشر ومستقبلهم (بالوسوسة) والتاثير على مصائر ملايين البشر وهي قدرة لايستطيع سوى الله ان يقوم بها. (الوسوسة لجورج بوش مثلا على احتلال العراق) شيطان
لذا فان الله الابراهيمي لديه الكثير من الاله التي يجب ان يتعايش معها ويخبرها مسبقا عن افعاله التي يروم ان يتخذها.
بل هي احيانا تعلم ماسيصير من الامور وهذه صفة من صفات الاله.

طيب،
الله خلق الكون بستة ايام؟؟ تعني ان الله ليس بواحد.
الله الواحد يقول كل فيكون، فلماذا يحتاج اله ما الى ستة ايام لخلق الوجود ومافيه؟؟
يبدو ان العمل على خلق الوجود يتطلب جهد لذلك احتاج لـ 6 ايام.
الا يبدو جليا ان استغراقه كل هذا الوقت يعني كان بحاجة للمساعدة؟؟
الا يعني هذا ان قدرة الله اقل بكثير من (كن فيكون).
الم يخلق مجموعة من الالهه (وان كانوا اقل شائنا) ليعاونوه على انجاز اعماله ؟؟
مثل: الم يقل للملائكة ان تجلب له طين من الارض لخلق آدم؟؟
مثال ثاني: الم يرسل جبريل الى محمد لنقل الرسالة؟؟
لماذا يحتاج اله قادر على الفعل بسرعة "كن فيكون" يحتاج لارسال ملائكة (الهه اصغر شائنا) بمهمات متنوعة متعددة الاغراض؟؟
من القبض على ارواح البشر الى سوق الغيم وتسيريها الى الحرب بجانب المسلمين اعمال لم يستطعها بـ "كن فكان" فتطلب طلب المساعدة.
نحن لانحتاج الى قدرات خارقة لبناء ناطحة سحاب مثلا وليس بالضرورة كل مابنينه هو اقل شانا منا فالمسدس البسيط الذي نصنعه يستطيع قتلنا بطلقة واحدة ولا يستطيع احدنا رفع جدار اسمنتي بناه لتو.
فالله الكامل القدرة غير موجود حتى باعتراف الله نفسه عندما اعترف انه استغرق 6 ايام ببناء الوجود.
اي انه الان اذا اراد ان يرفع الوجود فقد لايستطيع لانه استغرق اصلا 6 ايام بانجازه.
نستنتج من هذا ان الله ليس كامل القدره يساعده الهه (قد يكون خلقها) ليست كاملة القدرة هي الاخرى (وان بصورة مختلفة).
اي ان خلق الوجود بـ 6 ايام وتوزيع المهام على الملائكة يعني ان الله والملائكة جميعهم الهه ولكنهم مختلفي القدرة كلا حسب صفاته.
وهنا يبرز السؤال: هل يستطيع الله خلق اله بنفس قدرته ليساعده بانجاز مهماته؟؟


المسبب الاول والسبب الاول:
يقول المؤمنون ان الله هو المسبب الاول فقام بخلق كل شئ. ولكن هذه هي بعينها اثبات تعددية الله.
فبدلا من الدخول بمتاهات المسبب الاول ارى ان الموضوع ينقصه السبب الاول قبل المسبب.
فلكل مسالة سببية لها مسبب (الله) وسبب ومسبب (الوجود)...
فما هو السبب الاول الذي جعل المسبب الاول يسبب؟
لماذا احتاج هذا المسبب الاول الغني عن كل الاسباب ان يسبب؟؟
جدلية لم يجب عليها احد بجواب مقنع.
ولكن لو كان هناك اكثر من مسبب يصبح السبب الاول اكثر ادراكا.
فالـ "انا" (التي هي علة كل الاسباب) لا تظهر الا بتفرديه العمل داخل مجتمع ما.
فانا من انا بمقارنة نفسي وافعالي مع المجاورين لي.
وبدون الـ "انا" لايسبب احدنا الا عبثا.
فتفردي عن من يحيطني هي التي تصقل اعمالي واسبابي.
فمن سبب السبب الاول اراد التفرد عن محيطه فسبب والا فانه عابث.
فالله اراد ان يتفرد بـ "اناه" الخاصة به عن مجاورية من الاله فسبب ماسبب....


اذا كان هناك اله واحد خلق هذا الكون كله من اجل جعل الحياة ممكنة على كوكب الارض فان هذا اله حتما لايمت للحكمة بصلة.

ان تعريف الحكمة هو ادراك الحقيقة والاتيان بافعال سديدة to discern truth and exercise good judgment
وتعرف الحكمة ايظا بانها تطور متقدم للبديهة السليمة especially well developed form of common sense
اين من الحكمة بمكان ان يكون هذا الكون الواسع الشاسع اللانهائي قد خلق من اجل ادامة الحياة في كوكب صغير ككوكب الارض ؟؟
فنحن لانقبل ان ياتي احدهم بفاتورة تبلغ مليارات الدولارات من اجل انشاء غرفة غسيل في بيتنا مثلا
وكلنا سنتهم الحكومة بعدم الحكمة والغباء اذا قامت باحالة مقاولة بناء محطة كهرباء عملاقة من اجل اضاءة غرفة واحدة او ان تبني مصفاة بترول ضخمة من اجل تصفية ربع برميل بترول يوميا.

وجاء العلم الحديث ليزيد الطين بله
فنحن لسنا امام كون شاسع واسع غير مفيد انما امام عدة اكوان متوازية
نظرية تعدد الاكوان
جائت هذه النظرية كمحصلة لاكتشاف النظرية الكوانتية (علم دارسة فيزياء اجزاء الذرة)
وقد تطابق هذه النظريات مع الاكتشافات التي صاحبت علم الاكوان (Cosmology) (فرع من فروع علم الفلك والفيزياء الفلكية) .
وتقول النظرية باختصار شديد بوجود اكوان اخرى ( اكثر من كون واحد على الاقل) موازية للكون الذي وجدنا انفسنا فيه.
وحتى لا اضجركم بشروحات علمية دعوني ارمي بسرعة ما اريد قوله.

ان وجود هذا الكون الشاسع وهذه الاكوان المتوازية واله حكيم لايفسر الا باحد امرين:
- اله غير حكيم خلق كون شاسع واكوان اخرى متوازية من اجل اداتمة كوكب صغير ككوكب الارض.
- وجود عدة اله حكيمة لكلا منها كونه الخاص به وعالمه الخاص به.
بل ان كوننا هذا من السعة بمكان ليتقاسمه عدد كبير من الاله لكلا منهم مجرة مثلا مكونة من ملايين النجوم يلهو بها كما يلهو بنا الاهنا الارضي.

يقول المؤمنون ان مجرد التفكر بالكون يجعلك تؤمن بان الله واحد (( انظر الى بديع خلق الله))
ان نظري وتفكري بخلق الكون جعلني ادرك ان لو كان هناك اله من نوع فهم بلا شك مجتمع من الاله لكل منهم جزء من كوننا هذا ومن اكوان اخرى موازية لنا...

تحية لكل من تتبع مداخلتي هذه.

هناك تعليق واحد:

Ahmad Mohri يقول...

كتب أحمد المُهري
الأخ الملحد شاكوش
فعلا لو أن جرثومة لا ترى بالعين جزم أن يمد طرفه العيني أو الفكري (لو تصورنا للجرثومة عقلا) إلى أطراف الكون المهيب فسوف يقول ما قلته أنت أخي الملحد. وما دام حديثنا خيالا محضا فدعنا نفكر أن وراء هذا الكون المرعب أكوانا أخرى وكوينات أخرى إلى ما لا نهاية. ما دام الحديث يعبر عن جدل خال من أي نوع من أنواع الجدل العلمي. ثم ما المانع لو أراد هذا المنزلِق في متاهات التخيلات الواهية أن يفكر في مجموعة من الآلهة والأليهات الصغيرة والكبيرة تماما كما يفكر صانعوا الكراتين أو بالأحرى مصممو الأفلام الكرتونية؟ هناك يُخلق كل شيء بمجرد حركة بسيطة في مفاتيح الكمبيوتر وبعد قليل يتكون كون جديد ومجرة غير بالغة وإله خيالي وهلم جرا. وفي النهاية ضربة شاكوش واحدة تدمر كل هذه الآلهة والأليهات والمجرات والمجيرات والأكوان والأكيونات. حتى الشاشة المسكينة لا تتحمل الشاكوش الحديدي وتتفتت أمام ضربة واحدة. ثم يعود الشاكوش الحديدي إلى منزله في المساء وهو يظن أنه دمر أحلام كل أصحاب الأديان السماوية من ملوك ورجال دين وسياسة واجتماع وأهل فن وأرباب حكمة. عفوا أخ شاكوش، فأنا أحلل الكلام لا المتكلم. بالطبع أنني بالطبع أحترم كل رأي كما أحترم كل إنسان ولكن من حقي أن أحلل الرأي الذي أحترمه.
إن وراء كل من قصور بابل والأهرامات بأفرادها مصمما واحداً تخيل الهيكل العام ولكنه استعان بالآخرين لدراسة ومحاسبة الأعمال الفرعية لكل عملية. ثم استعان بالعمال والمهندسين للبناء. وكل من عمل في كل من تلك المباني له شخصيته وفرديته وقد تعاملوا معه إما بتشجيعه بالمال أو بفرض سلطانهم عليه كما يفعلون بالعبيد. ثم إن كلا من أصحاب هذه المباني تعامل مع كل العاملين لديه بالعصا وغير العصا ليقلل من خسائره الناتجة عن كسل العامل وعدم تعاونه مع زملائه أو جهله أو خيانته. وقصور ومعلقات بابل وكذلك الأهرامات غير مرتبطة ببعضها البعض ارتباطا وثيقا كارتباط الكوكب الأرضي الصغير جدا بأمها الشمس وبجدتها المجرة. وهذه المباني الهندسية الجميلة لا تسير في فلك داخل الفضاء ولا تعيش إلا فترة كبيرة في عيوننا نحن البشر ولاشيء في عين من ينظر إلى الكواكب المهيبة طيلة الزمن المهيب الذي مرت فيه. والذي يثيرني هو أنك أخي الملحد تريد وتسعى للمقارنة بين الأهرام والمجرات. بالطبع إنك تعلم لأنك تنطوي على مجموعة من المعلومات التي تساعدك في كتابة هذه المواضيع، بأن هندسة بناء عمارة من خمسة طوابق لا تمكن أن تقاس بمحاسبات ناطحة سحاب. بمعنى أن مقدار ونوع المحاسبات التي يتطلبها الصعود إلى أعلى من عدة طوابق يختلف كثيرا عن محاسبة الطوابق المعدودة البسيطة. وهذه المحاسبات تشمل قدرة الأرض التي تستضيف وقدرة تحمل العمارة للعواصف التي تتقوى بصورة هندسية في الأعالي والتي لا يتم محاسبتها في العمارات القصيرة. وهناك الكثير من المسائل الأخرى مثل أمن ناطحة السحاب وتصريف مياهها النظيفة والمستعملة وتبريدها و تدفئتها وسلالم الفرار فيها والكثير من المسائل الأخرى لا تمر بها حين بناء العمارة الصغيرة. ولذلك فإن تكاليف الطابق العلوي لناطحة السحاب ليس معادلا لتكاليف الطابق الذي تحته بل يفوقه كثيرا، في حين أن تكاليف الطوابق العلوية للعمارات القصيرة أقل من الطوابق السفلية وكلما تزيد عدد الطوابق إلى حد معين فإن تكاليف البناء تضحى أكثر اقتصادية وهذا غير صادق أبدا في شأن ناطحات السحاب.
والأغرب من كل هذا أن مفكرا مثل حضرتكم يقارن بين الذي يثير قدرا مهيبا من المواد التي بانفجارها أو انفطارها بعد الإثارة تُصنع النجوم المرعبة في الفضاء وتتوسع الفضاء بصورة طبيعية مع الذي يضع طابوقة على طابوقة ليبني هرما يمكن للبشر أن يصنع مثله بالملايين في كرة لا اعتبار لها داخل منظومة المجرات والنجوم. ثم إن عمال المباني المذكورة يمثلون أشخاصا يملكون بطبيعتهم فرديتَهم وحريتَهم فيصح بأن نسمي تعاونهم مع مصمم الهرم مساعدة فعلا. ولكن الذي يؤمن به المؤمنون بالله خلق كل شيء فلا يمكن أن نعتبر عماله الذي خلق كيانهم وأمدهم بالوجود والحياة مساعدين له. اسمح لي أخي الملحد أن أقول لك بأنك لا تختلف بعد كتابة هذه المقالة عن الشيخ الزمخشري الذي ظن بأن الله تعالى أكبر قليلا من الأنبياء بل تظنن بأنه يتأثر بهم ويقبل شفاعتهم. ها أنت أيضا تظن بأن هندسة الكون مشابه لهندسة الهرم واستخدام الله تعالى لعبيده الذي صنعهم بيده مشابه لاستخدام المصمم لموظفيه. وأنت لو تفكر قليلا فسترى بأن الذي قال في القرآن بأنه يستخدم الملائكة الذين أوجدهم بقدرته لم يعجز عن أن يفعل كل شيء بنفسه ولكن الأشياء لا تتحمله ولا تحتمل الطاقة المهيبة التي تدمر كل شيء لو أن الله تعالى مارس كل تفاعل صغير بنفسه. وقد ضرب سبحانه الأمثلة لذلك في القرآن حتى يفتح علينا أبواب معرفته بالقدر المتاح لنا لعلنا نفرق بينه وبين البشر والجن والملائكة. والحديث عن الله العظيم يا أخي الملحد هو الحديث عن الوجود الذي لا يمكن للعاقل أن يتصور أي ممكن بدونه. ونحن نعرف ونرى حتى بعيوننا أن كل الكائنات ممكنة وليست واجبةً وبأنها محتاجةٌ إلى بعضها البعض فلا يمكن أن نتصور الإصالة فيها.
وأما حديثك عن أهمية البشر في الكوكب الأرضي، فأنا أعود وأقول بأنك لم تخرج من قوقعة الشيخ القرطبي والطبري وأمثالهم من الذين لم يطلعوا على هذا التفتح المهيب للإمكانات الحديثة. ألا ليتك تنظر إلى القرآن وتفكر فيه فترة بدون تلك التفاسير البائدة التي كتبها سلفنا بحسن نية ولكن بمعلومات قليلة واهية. نحن المسلمون نترحم عليهم جميعا ولكن الذي يفكر منا لا يستند إليهم ولا إلى أقوالهم وآرائهم الضعيفة. القرطبي كان يظن بأن الأرض هي أكبر وأهم موجود في الكون فكتب ما كتب على ذلك الأساس ونحن لسنا كذلك. لكن القرآن الكريم لم يقل ذلك أخي الملحد. هذا هو الفرق وهذا هو الذي يرشدنا إلى أن وراء القرآن قوة مهيبة لا يمكن أن نقارن بينها وبين قدرة أي إنسان عاش يوم ظهور القرآن. وأعتقد أن من العقل أن نسعى لفهم الحقائق من القرآن وحده ونسعى لأن نحلل ما في القرآن وحده. هناك سوف يوصلنا الشك إلى اليقين. لكن التعامل بالشكل الذي قمت فيه مع أخطر وأعقد مسائل الحياة يبدو غير متكافئة مع أهمية وهيبة تلك المسائل.
وأما المسائل الفرعية التي مررت عليها فمنها:
1. كن فيكون: إن كل أمر يصدر من الله تعالى فله حيثيتان، صدوره من الواجب ثم توظيفه بشأن الممكنات. أما صدوره من الواجب فلا يحتاج إلى زمان أبدا. وأما تفاعله مع الممكنات فهو تابع للمكنات نفسها. هذه الممكنات ضعيفة وتحتاج إلى زمان لإكمال التفاعل. وقوله سبحانه: فيكون، يعني بأن الكائن سيكون ولكن يبدأ بالطاعة فورا وإلا لقال: فكان. وأنت تعرف بأن فعل الحال والاستقبال أبطئ حصولا من الفعل الماضي. ثم إن الحديث في المقطع المعروف بين الناس من تلك الآية وهي: إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، أو ما شابه ذلك، فإن مدار الحكم هو عدم تأخر أمره عن إرادته وعدم تأخر الطاعة عن أمره جل جلاله. لكن عامة الناس يظنون بأن الله تعالى القادر على كل شيء يقول لإنسان مثل محمد اصعد إلى السماوات العلا فيصعد محمد ويجتاز ما لا يمكن للضوء أن يجتازه إلا ببلايين السنين في ليلة واحدة ثم يعود من هذا الطريق إلى الأرض وهو إنسان كما كان. هذا كلام أكثر من سخيف ولكن القرآن الكريم لم يقله بالطبع، وأنت تأتي بعد قرون -ونحن ننتظر بأن خروجك من قوقعة المحدثين سوف يفتح عليك آفاقا جديدة- تأتي وتقول نفس الكلام وتحاكم ربك الكريم على أساسه. هذا ما لم أكن أنتظره.
2. موضوع الأيام الستة بالنسبة لخالق الكون فهو ليس أيام الكوكب الأرضي ولا الأيام الزمانية للمجرة. المقصود من ذكر الأيام الستة هو مرور الزمان بعد حصول الزمان. والله تعالى لم يستعمله لذكر زمان خلقه للفضاء ولا للمادة ولا لمقدمات الانفجار. دعنا نقرأ هذه الآية من سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿7﴾. لقد ذكر الله تعالى أن عرشه كان على الماء قبل أن يخلق السماوات والأرض في ستة أيام. وهذا يعني بأن الزمان بدأ من يوم خلق السماوات والأرض المتأخر حتى عن خلق الماء. ودعني أشير إلى مسألة معترضة وهي أن العرش لا يعني مكان الجلوس بالنسبة لله تعالى بل يعني المكان المنظم ويعني القابلية لتفعيل النظام فيه. فالعرش يسع السماوات والأرض باعتبار دورانها الفلكي المنظم وإمكان إدارتها وتفعيل المُلك فيها.
3. نفس الآية أعلاه توضح لنا بأن سبب تقدير السماوات والأرض هو اختبار الموجودات التي نحن من ضمنها. بالطبع أنها لا تعني إياك وحدك ولا إياي وحدي ولا صحابة النبي ولا العرب ولا أهل القارة الأسيوية ولا أهل الكوكب الأرضي الصغير. إنها تعني كل الكائنات العاقلة المختارة في كل المجرات والنجوم. فنحن باعتبار العقل والاختيار نُعتبر جزء منها لأنه سبحانه ذكر السبب بأنه نية أن يبلونا. ويبلونا يعني فيما يعني أننا نملك العقل لدخول الامتحان كما نملك الاختيار للتجاوب مع اختباره كما نشاء. فنحن والجن والشياطين في كل الكواكب مشمولون بذلك. أما قول المحدثين بأن الله تعالى خلق الأرض للبشر أو للعرب أو لمحمد أو أو، كلها آراء جاهلة لا تنم عن عقل مفكر ولا عن عقلية شخص فهم القرآن الكريم.
4. حديثك عن عدم إمكانية الاختلاف بين الآلهة لأنهم ليسوا بشرا يملكون النوازع الناجمة عن ضعف نفوسهم فهو غير بليغ برأيي. إنك عدت إلى تقليد المفسرين والمحدثين بأن الله تعالى ملِك كبير وضخم جدا ويجلس على كرسي يحكم كما يحكم جورج بوش. لعل الله عندهم كان أصغر من جورج بوشنا نحن اليوم. لأن الإله الذي وصفوه لا يملك القنابل الذرية ولا الكهرباء ولا الكمبيوتر. لكن الله تعالى أخي الملحد هو ملِكٌ يدير الكائنات التي تستمد الطاقة الوجودية منه بصورة مستمرة لا تتوقف. فوجود أكثر من إله بغض النظر عن الملابسات الأولية فإن الكائنات لا تتحمل استلام الطاقة من مصدرين متوازيين. وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: لفسدتا. والفساد المثنى هنا فساد الكواكب الغازية المشار إليها بالسماوات وفساد الكواكب الصلبة المشار إليها بالأرض. والأرض في اللغة العربية تُطلق على المفرد والجمع ولفظ الأرضين شاذ ولا يحب الله تعالى أن يستعمل الألفاظ كاملة الشذوذ في كتابه الكريم. لكنه أشار إلى أن الأرض بقدر عدد السماوات في مكانين بالقرآن. وكل نوع من هذه الكواكب باعتبار اختلاف الكثافة فيها فإن طاقة الجاذبية الضرورية لبقائها والتي يمنح الله تعالى للكواكب بقدر وزنها سوف تختل وتؤثر في تجاذبها مع بعضها البعض. وأما مسألة علو بعضهم على بعض فهو ليس علوا اختياريا يمكن تفاديه بالحكمة بل هو علو طبيعي لا يمكن رفعه أبدا ولعلي أشرح هذا الموضوع مستقبلا في موقعي الفكري.
5. أما الإخوة العلماء الذين يتكرمون علينا كل يوم بنظرية جديدة ويستنتجون استنتاجات مثيرة فإنهم جميعا يتقبلون بأننا لا يمكن أن نتصور مليمترا مكعبا من الفضاء الخالي عن المادة وإلا انكمشت. فقل لهم بأن يحِلّوا مسألة حافات كوننا الفعلي الذي نعيش فيه فنعلم ونشعر بوجوده إذ لا يوجد في الجانب الآخر من الكواكب الجانبية جسمٌ تبادله الطاقة؛ فكيف لا تنهمر في بعضها البعض؟ أما أنا فأعرف حل هذه المعضلة من القرآن الكريم والحمد لله. ثم إنهم يعرفون بأن كل الحركات داخل الكون أصبحت واضحة تقريبا ووصل البشر إلى مرتبة علمية يمكنه معها أن يحسب ويتعرف على كل تلك الحركات. وهم يعرفون بأن الجاذبية هي التفسير الوحيد لعدم الارتطام فكيف يمكنهم تصور كون آخر بجوار كوننا وهي لا تبادلنا الجاذبية. ومسألة "لا تبادلنا" هي باعتبار سكون الكون بمجموعه. ثم كيف يمكن تصور مجموعة من الأكوان، ودعنا نتصور بأن لكوننا تحركا بطيئا ضاربين المحال عرض الحائط، فهل تعرف بأننا سنقع في معضلة فيزيائية أخرى بالنسبة للجوانب الأخرى من تلك الأكوان؟ وهل تعلم بعدم إمكانية تصور أي كون ناشئ لأن أي جسم خارج عن كوننا فهو محتاج لمجموعة مشابهة مثله ليبادلهم الجاذبية فينشا وإلا دمره كوننا بفعل ضغط الجاذبية عليه؟ إنهم يعلمون بعدم إمكانية تصور صناعة المجرات والنجوم بدون تصور الإنفجار الكوني. إن الانفجار المذكور في كتاب الله تعالى هو الذي يفسر بقاء الكواكب باعتبار أنها خلال فترة قصيرة أخذت لها مواقع داخل الفضاء وبادلتها الجاذبية.
6. لقد تمثلت بنفسك لإثبات أن الذي يقوم بداية بالتشبث بالأسباب فهو ضعيف مثلك ويشعر بالحاجة إلى التسبيب للخلق. هذا التمثيل ناشئ من تعرضك لمن وما فرض عليك التشبث بالأسباب مثل المغريات الموجودة في الحياة وشعور المرء بالحاجة الملحة لخوض غمارها سعيا لإخماد ثوراته الداخلية. لكن الأمر مختلف تماما بالنسبة لسيد الكائنات. إنه جل وعلا أراد أن يرحم فأوجد من يرحم ليرحم فقط. وإرادته هذه لم تكن منبثقة من حاجته فهو إرادة علية فوقية وليست إرادةَ مجاورةٍ ولا إرادةَ حاجةٍ. لكنه قادر أن يخلق من يمكن أن يرحمه فيخلق ليرحم دون أي منغص ينغص عليه. ويمكننا الاستدلال على عدم وجود ما يثيره بالرجوع إلى ما قبل الزمان، فلو أردنا توظيف الزمان لنعلم المقدار اللازم زمانيا لخلق المادة ومن قبله خلق الفضاء ومن قبله ترتيب العلاقات الطاقوية ومن قبله ومن قبله، فإننا يمكن أن نتصور زمانا يعادل أكثر من مئة مرة الزمانَ من بدايته إلى اليوم وهو حوالي 15 بليون سنة من سنواتنا ضرب العدد 100 أو أكثر. كل ذلك الزمن (اللا زمن) الطويل لم يؤثر في الذات القدسية شيئا ولم يستعجل أبدا وترك كل شيء لطبيعتها. فهل الله مثار بعد هذا كما عليه جنابكم وكل الخلق في الواقع؟ وأنت تعرف أخي أن زمان الإثارة أقصر من زمان العمل ولا يمكن أن نتصور هذا الزمن الطويل والله تعالى يعيش فيه مثارا من نوازعه لتتصور إنيته في مقابل من هم مثله، بل ذلك خيال طرأ عليك دون أن تطرده برجوعك إلى الحكمة والعقل، وأنت إنسان حكيم وعاقل.
7. الملائكة والجن يملكون قدرات كبيرة بالنسبة لنا نحن الضعفاء من الكائنات المحتاجة للتنفس والأكل ولكنها لا شيء أمام القدوس العظيم الذي يخلق من أمثالهم الملايين كل لحظة في أرجاء الكون العظيم. وليس الملائكة والجن التي نقبلها نحن المؤمنون مثيرة للعبادة في قلوبنا ولا يمكن لهم أن يُظهروا أنفسهم إلينا كما لا يمكن للكهرباء أن تظهر لنا نفسها. ولا يمكن أن يتمثلوا بأشكال كبيرة أو صغيرة في الحجم لنخشاهم مثلا بدون إرادة الذي يديرهم سبحانه. آنذاك لن يكونوا مثارا للعبادة لأننا سوف نعرف ضعفهم أمام ربنا المتعالي الذي نعبده.
وختاما أعتذر مرة أخرى إن لم يكن ما كتبته محتضنا كلَّ شروط الأدب والاحترام، فأنا أُكرر لك احترامي للفكر الذي تنطوي عليه هنا.
أحمد المُهري