الأحد، ٢٢ نيسان ٢٠٠٧

موريس بوكاي ومهزله العلم في القران - الكاتب: واكد

موريس بوكاي ومهزله العلم في القران

ان مشكله الاخوه من الاعضاء الجدد انهم يكررون بدون علم ماتتناقله مواقه اسلاميه لاهم لها الا الترويج لبضاعتها وهنا اود ان اعيد عرض هذا الشريط مره اخرى واسأل اخوه العجز العلمي ان كانوا يوافقون موريس على ماقاله ؟
وكيف يعتبر مثل هذا الدعي عالما؟بل ومسلما؟ كما اتحداهم ان يرونا ولو دليل واحد على انه قد اشهر اسلامه .

قد تكون في الاعاده أفاده
كما أرجو تثبيت هذا الموضوع لان أخوه العجز العلمي لايزالون يسبحون في عالم من الوهم .

قراءه في كتاب موريس بوكاي -الطبعه الثالثه-

التوراه والانجيل والقران والعلم


اود اولا ان اشكر من تفضل واعطانا رابط على هذا الكتاب وفيما يلي قراءه في هذا الكتاب ارجو ان يتسع صدور اخواني لها وان يساهوا في عمليه الدراسه لهذا الكتاب الاعجوبه.


ان السيد بوكاي فيما يبدو لايؤمن بوجود ايه توراه او أنجيل موحى به وهذا في اعتقادي ينافي ابجديات الاسلام حيث ان كافه الطوائف الاسلاميه والمفسرين يؤمنون بوجود كتب اصليه تم تزويرها او حتى اخفأؤها عن الناس . لاحظ ص 17 وص 24. وفي كل الاحوال فأني أؤيد بحراره كل ماجاء بكلامه في هذه الكتب .وهذه الكتب لاتصلح لان تكون مصدرا للدراسات التاريخيه

قصه الخلق ص 49:

تذكر التوراه ان الخلق سته ايام وأن الخالق استراح في اليوم السابع.
ويذكر القران ان ان الخلق سته ايام وان الله استوى على العرش في اليوم السابع.

يفسر بوكاي الايام الوارده ذكرها في القران بالدورات الزمنيه ولادري لماذا لم تفسر ايام التوراه السته بالدورات الزمنيه.ويقول المترجم ان عدد الايام ليس بالمعنى الذي نعطيه مشكله كثير من الاعضاء الجدد انهم لايقراون بانقسهم بل يرددون ماتتناقله لها في حاضرنا الزماني بل هو للتشبيه.....؟؟؟؟
والسؤال المشروع هنا لماذا يرد اذن ذكر اي عدد الم يكن من الافضل ترك الموضوع بدون تحديد؟
ويدو لي ان الاستاذ بوكاي يؤمن الى درجه ما بنظريه التطور لاحظ ص 55 حيث يؤكد ان وجود الانسان قديم جدا وان هناك اشكا لا اقدم للبشر ويتسئل هل هم بشر حقيقيون . اذن فهو لايؤمن بصيغه الخلق الكامل والتام من اب واحد وام واحده فهل يوافق اخواني من المؤمنين على ذلك ؟

ويعلن في ص 153 انه لايعتقد بصحه الاحاديث ا المنسوبه الى محمد ويقول ما نصه :
ان مجموعات الاحاديث بالنسبه الى محمد كالاناجيل بالنسبه الى عيسى.روايات عن افعال وأقوال النبي ليس كتابها شهود عيان. على الاقل مجموعات الاحاديث المشهوره والاكثر احاله هي متاخره عن عصر النبي, .....الى ان يقول ان الكثير من الاحاديث مشكوك في اصالتها بل ومطعون فيها...انتهى. فهل هذا هو راي الاغلبيه من علماء الاسلام لقد كفرنا اخوتنا من المؤمنين لاننا شككنا بصحه غالبيه الاحاديث واصر الكثير منهم ان الصحاح هي كتب مقدسه فمابالهم يقبلون ذلك من المسلم العتيد بوكاي ؟ام هي قبول لكل مايقوله الاجنبي ورفض تام لما نقوله نحن اللادينين العرب ؟
ويقول في القران ص 162 : واذا غضضنا النظر عن بعض الاخطاء العارضه في النسخ... انتهى.
اخطاء في النسخ في كتاب حفظه الله اليس هذا بعجيب ؟
فهل يسمح اخواننا من المتدينين اعلامنا عن الايات التي حصل فيا خطأ في النسخ ومن قام بتعديلها ؟لقد ذكرت انا بعض هذه الاخطاء في مداخله سابقه ولكني هوجمت بشده واعتبرني بعض الاخوان من الجهله في اللغه العربيه , ولكن مايقوله الحاج بوكاي هو الحق كله . اما المترجم فيذكر بهامشه : هذا لايتطلب اهميه لان القرينه تثبت المعنى في اكثر الاحوال انتهى . والسؤال كيف ؟واين ؟

خلق السماوات والارض ص 165

وهنا يتجلى اعجاز لي الكلمات والمعاني لاحظ:
ان ثمه مجانسات واضحه بين نصوص كل منهما - يقصد التوراه والقران- وبخاصه الجمل المترادفه في موضوع الخلق التي واحده عند النظره الاولى. فالايام السته في التوراه تقابلها الايام السته ايضا في القران.غير ان المسأله في الواقع تبقى على جانب كبير من التشابك....حتى يقول ولئن رجعنا الى نصوص غالب ترجمات القران فاننا نقرأ فيها استمرار الخلق بالنسبه الى الوحي الاسلامي قد امتد على مسافه سته ايام .. وهنا ياتي الاعجاز ففرنسي يعلم المفسرين والمترجمين كيف يفسرون ويترجمون,,,ويقول : اننا لانعرف كيف نعتب على المترجمين عدم اعطأؤهم الكلمه العربيه الاكثر شيوعا ....الى ان يقول وقليله تلك هي ترجمات القران وشروحه التي تفيد بان كلمه ايام ينبغي ان تفهم حقيقه بمعنى الدورات الزمنيه.وقد سبق واثبتنا ان النصوص القرانيه تقسم هذه الدورات الي ايام وذلك برغبه تناول ماكان الناس كل الناس يعتقدونه في مطلع الدعوه الاسلاميه من اليهود والمسيحيين دونما مصادمه لاعتقاد واسع الانتشار.انتهى

ان هذا ولعمري اغرب ماقرأته من العجز العلمي فالله يجامل ويعطي المعلومات الخاطئه ليتجنب المصادمه ؟اليس ذلك بغريب؟ فاذا كانت التوراه والانجيل عباره عن حكايات شعبيه مليئه بالاخطاء التاريخيه والمنهجيه افليس من الواجب تصحيح المعلومات ؟واثبات عبقريه القران وافحام المتشككين؟. ولماذا يعتبر الاستاذ ان كلمه يوم في العربيه تعني فتره زمنيه غير محدده فهل سمع احد من اخواني بذلك؟واعتقد ان مفهوم اليوم واضح وثابت ولايمكن التلاعب به فاليوم هو الفتره الزمنيه التي يقتضيها دوران الارض حول محورها . حتى وجود الشمس او القمر او عدم وجودهما لايؤثر البته على طول اليوم ومعناه. اما مسأله سته دورات زمنيه فلنرى ما يقوله الاستاذ حول هذا الموضوع : والعلم الحديث لم يسمح للناس ،بالتاكيد ، بتثبيت المراحل السته المتنوعه للتكوين

لطيف جدا وعلمي جدا اذن الخلق سته مراحل زمنيه ولكن مامعناه وكيف نثبت ذلك الجواب لانستطيع....

ويقول في ص 168:
هذه الايات من سوره41 تبرز مشاهد سنعود لها فيما بعد،الحاله الغازيه البدائيه لماده السماء ،والتحديد الرمزي لعدد الساوات بسبع - اذن فان الساوات ليست سبعه طبقات ولكن العدد رمزي - عظيم جدا وسريالي حتى النخاع
وفي ص 170 وبعد ان يذكر الايات 27- 33 من سوره 79:
لالزوم اذن للبحث عن اي تفسير خاص لما هو مذكور في القران في موضوع الخلق من ورود ذكر خلق الارض قبل السماوات او العكس ،لان موضع الكلمات في النص هنا لايثبت النظام الذي تم فيه الخلق اذا لم تتم تحقيقات قي ذلك انتهى.
منتهى العلميه والاعجاز لاوجود لتتابع ولسنا نستطيع اثبات ذلك من عدمه فأين العلم في القران؟

ويبين الاستاذ ان الرقم سبعه يعني الكثره العدديه كما هو وارد عند الرومان والاغريق .عجيب ان يستخدم الله رقم سبعه المستخدم عند اليونان لافهام عرب الباديه الجهله والمعزولين عن العالم كما يحلو للكثير من اخواننا المؤمنين وصف عرب الجزيره به .في راي ان هذا التفسير يعني وبكل وضوح ان العرب كانوا على تماس مباشر مع الاغريق والا لما تم استخدام هذا التشبيه في القران العربي .



وفي ص 168 يقول الاستاذ:

ان العالم في الازمان الغابره جدا التي له التحدث عنها ، تكون من طبقه غازيه مركبه اساسا من الهيدروجين وجزء من الهليوم ...انتهى. هنا يعني مايدعى بنظريه السديم الاول التي كانت سائده حينذاك لتفسير نشوء الكون حيث كان اعتقاد العلماء بان الكون نشا من سديم اول من الغازات وهذا يخالف نظريه الانفجار الكبير السائده الان فماهي اذن النظريه الصحيحه التي تطابق ماجاء في القران افتونا في امرنا.

ويعبر الاستاذ عن ايمانه العميق في القران عندما يفسر رؤيا يوسف كالتالي ص 192:
ويبدو ان القران يعنيها عندما يطلق كلمه كواكب دون ان يحدد عددها ورؤيا يوسف ذكرتها على انه احد عشر ولكن يقصد قصه خياليه .انتهى
هل هذا من الاسلام ؟ او هذا نوع من الاسلام الجديد ؟
وفي ص 194 يعطي تفسيرا علميا للحجاره والمصابيح فيقول :
كل هذه الاعتبارات تبدو وكأنما هي خارج موضوع الدراسه .
لماذا ؟اليست الدراسه عن العلم في القران؟ وفي ادناه مااسترسل الاستاذ بقوله:
وعلى كل فان المعطيات العلميه الحديثه لاتبدو قادره على ان تنزل الاشياء منازلها فتسلط الضوء على موضوع يتجاوز الفهم الانساني .انتهى
اذن لماذا النقاش ومحاوله ايجاد العلم في القران اذا كان الموضوع كله يتجاوز الفهم الانساني واذا افترضنا ان القران هو حجه على الانسان فكيف يكون خارج مداركه ؟

وفي ص 201 يحاول الاستاذ ان يوهم القاريء بان معنى تجري لمستقر لها هو الموعد الذي ستنطفأ به الشمس ومن ثم يخلط خلطته المعهوده بادخال بعض المصطلحات العلميه لاكمال عمليه المنتاج الفني فيتحدث عن ان النظام الشمسي يتوجه الى نقطه في مجموعه بجوم هيرقيل وجوار نجم فيغا .لاادري كيف توصل الاستاذ الى فهم ذلك ولم يفهم ذلك عشرات المفسرين قبله ثم لماذا لاتكون هذه الايه معبره عن حركه الشمس كما كان يراها الاقدمون اليس ذلك اسهل واقرب الى الواقع الذي كان به عرب الباديه؟ ومايدرينا فلعل الوضوع هو مجامله كما قال الاستاذ في تفسيره لايات سابقه.

علميات ؟ ام ماذا ؟
وهو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشيء السحاب الثقال .ويسبح الرعد بحمده والملائكه من خيفته..

وهذا اعجاز اخر حيث يسبح الرعد بحمده تصوروا ان الرعد الذي هو جزأمن ظاهره طبيعيه وهو الصوت المتاتي من ظاهره تفريغ الشحنات الكهربائيه المسماه البرق هذا الصوت يسبح بحمد الله فكيف ذلك؟ اما الملائكه الذين هم في السماء السابعه فهم يخافون صوت الرعد حيث انهم فيما يبدو لايعلمون انها ظاهره طبيعيه شانهم بذلك شان بدو قريش.

اما الظل فياعجبي من هذا الاسفاف فما علاقه الخالق بالظل أليس الظل ظاهره طبيعيه هو الاخر وحركته لها علاقه بمصدر الضوء المسلط على الجسم ام هناك شيء اخر قصرت اذهاننا عن فهمه ؟يجوز الشغله كلها مجامله لعرب قريش لانهم لايفهمون؟
ص213 :
لاحظ هامش المترجم :
الراجح ان هذه الحيوانات تبعث يوم القيامه ثم تحاسب فيقتص حتى للشله الجلحاء من الشاه القرناء.......
يبدو ان للحيوانات عقولا تميز الخير من الشر هذا هو الاعجاز بعينه .

اما عن الانسان والتلقيح فهو يورد جميع الايات التي يعتقدها متطابقه مع عمليهالاخصاب ويتجاوز تفسير المقصود باصل الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب ولاادري لماذا لو يفسرها الاستاذ كما فسرها بعض الاخوان واعتبروه عمليه نزول الخصيه من الظهر الى مكانها الطبيعي ؟


في ص 238 يقول الاستاذ:
ليس من اليسير تكوين فكره عما في القران من هذا الموضوع.وذلك لتناثر المعلومات المتعلقه فيه ولانحب ان يفهم من هذا القول ان ثمه تعقيدا عظيما..... {{ اذن اين المشكله؟}} تكمن في الترجمات وهكذا فان اغلب الترجمات تذكر تكون الانسان ابتداءا من علقه وهو ما ليس مقبولا ابدا من العالم المتخصص في هذا الحقل ،لانه لم يكن للانسان مطلقا مثل هذه البدايه .وسنرى الاسباب التي قادت بعض البارزين من علماء العربيه الذين لم تكن لهم الثقافه العلميه للوقوع في مثل هذه الاخطاء.انتهى
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو اليس من المفروض ان يكون القران قد انزل واضحا لكل الناس ليكون حجه عليهم ؟ام اننا نحتاج الى نبي جديد يكون حاملا لشهاده الدكتوراه في العلوم الطبيعيه ليفسر لنا ماعجز علماء العربيه عن فهمه؟ وما مصير المساكين من امثالنا ؟وهل يجب ان نتفقه جميعا في الدين والعلوم الطبيعيه لنستطيع الايمان ؟وهل يجب ان نترك حياتنا جانبا لندرس القران وعلومه ؟ او وهو الحل الامثل الذي يعجب الاصوليين ان لانقرأ ولاندرس اي شيء بل نجلس اربعه وعشرين ساعه في المساجد منتظرين ما سيتفوه به الخطيب الفذ الذي يحمل اسرار العلم ومفاتيحه من اجنحه الذباب وحتى اشعاعات النجاسه التي يمكن تطويرها فيما بعد لكي نسلطها على المجرمين الكفره ونحولهم الى هباء منثور.

وفي ص 252 :يؤكدالاستاذ حفظه الله ان نسب عيسى هو كما ورد في القران اما ماورد في الاناجيل فهو خطأ ، ولا أدري ان كانت الكنيسه الكاثوليكيه او البروتسانتيه قد اعترفت بذلك وايدته ؟واين الاثبات التاريخي الذي يؤكد صحه سند شجره عائله المسيح؟علما ان العالم المسيحي بشرقه وغربه لايزال يجهد النفس ويبذل الغالي والنفيس للحصول على مجرد اثبات اثاري بسيط يدل على وجود المسيح.بل كيف يكون للمسيح عائله او نسب وهو كلمه الله وروحها اي انه ولد بدون اب وهو معجزه لايمكن نسبه الى عائله ما .

في ص 255-256 يعود الاستاذ الى القول برمزيه القران فيفسر قصه طوفان نوح بانها غير ممكنه الحدوث على مستوى الكون كله ويقول مانصه :فكيف يمكن ان نتصور اليوم ،بأن طوفانا عالميا هدم الحياه على وجه الارض كلها باستثناء ركاب السفينه في القرن الحادي والعشرين او الثاني والعشرين قبل المسيح وفي نفس هذا العصر كانت قد ازدهرت في عده جهات من الارض مدنيات انتقلت اثارها الى الاجيال اللاحقه؟؟؟ انتهى
ولو تجرا احد منا نحن اللادينين وسأل هذا السؤال في ندوه دينيه لانقلبت الدنيا على راسه وانفجر الغضب الارهابي المجاهد في وجهه ولرأينا تدحرج بعض الرؤؤس .ولكن عندما يعتقد موريس بوكاي بذلك ويظل مسلما عظيما يضرب المثل به. فهل مثل هذه الاراء والتفسيرات مقبول اسلاميا؟واذا كان الجواب بنعم فكيف يمكن اعتبار نوح الاب الثاني للبشر؟

هل هذا ايضا خطأ في الترجمه والتفسير ام ماذا؟وأذا كان القران مليئا بالقصص الرمزيه والحكايات المحليه افلا يكون بذلك مثله مثل الانجيل والتوراة ؟

اما قصه موسى فما يليها فيستنتج الاستاذ ان هناك فرعونين فرعون الاضطهاد وفرعون الخروج فهل هذا يمثل
الرأي النهائي للاسلام والمسلمين ؟وهل تبنى الازهر هذا الموقف ومارأي هيئه الاعجاز العلمي العتيده؟

وبعد ذلك تتفتق عبقريه الاستاذ عن فكره نجاة بدن فرعون من الغرق اي انه مات ولكن بدنه نجا ولاادري ان كان الاخوان المتضلعين باللغه العربيه يوافقون على ان يطلق على البدن المنتشل لميت غرقا بأن البدن قد نجا اليس مثل هذا التعبير غريب على اللغه العربيه ؟ وأحب ان اذكر الاخوان بان شخصيه موسى وقصه الخروج اصبحت لاتستهوي الباحثين وذلك لافتقار الحفريات الاثاريه والكتابات الهيروغليفيه اي اشاره لمثل هذا الشخص. واذا طبقنا على القضيه اساليب الاستاذ في التحليل العلمي فنستطيع ان نقول ان القضيه هي رمزيه ومحليه كقصه نوح ومن المحتمل ان القران اوردها ولم يركز على تفاصيلها مجامله لليهود والنصاري ومن المحتمل اننا لانملك مايكفي لاثباتها وذلك لنقص في المعلومات .

لقد اعطانا الاستاذ بوكاي الحريه باستخدام الرمزيه والمجامله وقله المعلومات ولامعطيات كسلاح لتحليل علمي جيد ومعاصر للقران .الا اننا وهذه هي المحصله النهائيه لهذا الخلط العجيب من التفسيرات والتبريرات واسلوب لي المعاني يجب ان نؤمن بان الاستاذ موريس بوكاي هو من المسلمين الافاضل وقد حسن اسلامه واننا يجب ان نغمض اعيننا عن الحقيقه وان نسلم بان الدين هو الاسلام واننا يجب ان نتبعه على الطريقه الموريسيه وليشهد الجميع بأني مسلم ولكن على الطريقه الموريسيه منذ الان. واحذر اخواني بعدم التعرض لشخص الحاج موريس ومن تبعه الى يوم الدين والاخسفت الارض بهم

هناك تعليق واحد:

Ahmad Mohri يقول...

كتب أحمد المُهري
الأخ الملحد واكد
سوف أوضح بعض المفاهيم القرآنية في مقالتك بغض النظر عما كتبه الأخ موريس بوكاي في كتابه المعروف. بالطبع أنني لست بصدد الدفاع عن موريس أو رده ولكني مهتم بالمواضيع القرآنية. وأقول لكم بداية أن تقييم القرآن على أساس المفسرين أو المعلقين أو الأزهر ليس مقبولا في ميزان العلم والمعرفة وأنت تتحلى بالعلم وأنا أعتبر صدور مثل هذا النوع من التقارير من مفكر مثلكم غريبا. ولعلي أعيزه إلى تألمكم من تصرفات بعض الإخوة والأخوات في مواقعهم الفكرية ضدكم بدون توخي الاستدلال. على كل حال، فنبدأ بتفسير بوكاي للأيام بالدورات الزمنية. نحن العرب نسمي يوم الفقر يوما ويوم الدراسة يوما ويوم الحرب يوما ويوم الانتصارات يوما ويوم الطعان يوما وكلها لا تشير إلى اليوم المعروف والمفسر من قبلكم بدوران الأرض دورة كاملة حول محورها. وأما القرآن فهو يسمي يوم القيامة يوما ويوم الحساب يوما ويوم الحصاد يوما ويوم يظهر تفسير القرآن يوما وهلم جرا. إنك قلما ترى القرآن يستعمل كلمة اليوم لوحداتنا الزمنية المعروفة. ونحن اليوم نسمي يوم المريخ يوما ويوم بلوتو يوما ويوم دورة الشمس حول مركز المجرة يوما. وأما علماء اللغة العربية فإن الراغب يقول في مفرداته ما نصه: - اليوم يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها. وقد يعبر به عن مدة من الزمان أي مدة كانت،. انتهى قول الراغب.
فكلام موريس هذا صحيح لغويا وقرآنيا واستعمالا بين الذين يتحدثون العربية. وأما قولكم بأن القرآن يذكر أن الخلق تم في ستة أيام وأن الله استوى على العرش في اليوم السابع فهو مما لم أره في القرآن الكريم. فلم يقل الله تعالى في القرآن أن الخلق تم في ستة أيام كما لم يقل أنه استوى على العرش في اليوم السابع. نعم قال سبحانه بأن السماوات والأرض خلقا في ستة أيام. وهو يعني بأن هذه الكواكب ذوات الأفلاك خلقن في الأيام الستة، وهذه الأيام مبينة في سورة الذاريات وسوف أكتبها في المستقبل بإذن الله تعالى. ومعنى ذلك أن الزمان بدأ مع بداية خلق السماوات والأرض ومع الزمان يستولي النظام على الشكل الفعلي للكواكب ولمن يعيش فيها فيمكن إدارتها وهو معنى الاستواء على السماوات والأرض. والاستواء تحقق بمجرد خلق أول أرض ليتكامل خلق منظومة شمسية واحدة، حيث صارت إدارتها ممكنة فاستوى الله تعالى على المنظومة. وقد سبق خلقَ السماوات ما يعادل أزماناً طويلة لخلق المادة ولخلق المياه ولخلق الكتلة التي انفجرت إيذانا ببداية الزمان والذي يتقبله الكثير من الفيزيائيين المعاصرين. فتحديد زمان الخلق بستة أيام ليس بليغا. وأما قولك في السبب في عدم تفسير أيام التوراة بالفترات الزمنية فهو بأن التوراة المحرفة ذكر بأن الله تعالى استراح في اليوم السابع والعياذ بالله. هذا يعني بأن الذي حرَّفَ التوراة ظن بأن الأيام الستة هي أيام الأسبوع السبعة وسابعها يوم الراحة.
وأما سؤالك (المشروع) حول ترك موضوع الأيام الستة بدون تحديد. فالأيام الستة تعبر عن ستة مراحل يمر بها الكوكب ابتداء من المجرة حتى ينتهي إلى جسم صلب مثل الأرض وهي مشروحة في القرآن نفسه كما قلت. و (نظرية) التطور فهي حقيقة في القرآن الكريم وليست مجرد نظرية لأن الله تعالى قد ذكرها في عدة موارد، وأسهلها فهما هذه الآيات من سورة نوح: مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴿13﴾ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴿14﴾ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ﴿15﴾ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴿16﴾ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ﴿17﴾ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴿18﴾ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا ﴿19﴾ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا ﴿20﴾.
فالوقار باعتبار المدة الزمنية الطويلة التي مر على خلق البشر والأطوار معناه التطور لأن الله تعالى شرح العملية فيما تلاها من آيات بأنه خلق سبع سماوات متشابهة (والسماوات هنا تعني الأنظمة الشمسية). وهي الأنظمة باعتبار أن كل منظومة تحتوي على أرض يستضيء بنور القمر وبشمس تملؤه ضياء مثل السراج. ثم بيَّن بأن الإنسان أيضا مر بنفس المراحل التطورية حيث أنبته الله تعالى من الأرض نباتا. والأرض أيضا مر بنفس المراحل التطورية حتى أصبحت بساطا يستضيف الناس ويستضيف الطرق الضرورية لسيرهم. وأما وجود أناسي قديمة انحدرنا منهم فهو مشار إليه في القرآن هكذا، في سورة آل عمران: إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿33﴾. فاصطفى الله تعالى نوحا من بين قومه وآل إبراهيم من بين بقية الناس وآل عمران من بين مجموعة من الأمم، فممن اصطفى آدم وعلى أي عالمَين؟ والعالمين هو ما يُعلم به فالإنسان يُعلم ببقية الناس، وآدم هو مصطفى الله تعالى من بين بشر مثله وانحدر منهم ولكنهم لم يُمنحوا النفس الإنسانية بل انفرد آدم بتلك النفس. وإني أرجوك يا أخي الملحد واكد ألا تهتم بما يقوله إخوانك المؤمنون فالواجب عليهم أن يتَّبعوا القرآن وإلا فهم ليسوا مسلمين ولا مؤمنين. ولذلك يكفيك أن ترى القرآن موافقا مع رأيك ولا عبرة بالناس ولا بالعلماء. وأما الأحاديث فإن أول من أحرق أحاديث الرسول كما يقول المؤرخون، هو الخليفة أبو بكر رحمه الله تعالى الذي كتب أحاديث بيده عن رسول الله وهي أحاديث صحيحة مائة بالمائة ولكنه رأى بأن تلك الأحاديث لا تنسجم دائما مع واقعيات الحياة ومن الخير للمسلمين أن يكتفوا بالقرآن الكريم. فالحاج موريس -حسب تعبيركم- مُحِقٌُّ إلى حد كبير برأيي والعلم عند الله تعالى.
وأما أخطاء النسخ فالقراءات المختلفة للقرآن ليست مؤثرة كثيرا في المعنى والله تعالى قد حفظ نسخة معروفة وهي قراءة حفص عن عاصم التي يُطبع منها الملايين سنويا. وبقية القراءات فهي مراجع علمية لبعض المفسرين ولا يُطبع منها شيئٌ يُذكر. والكثير منها مهملة فعلا. وأنا كمفسر أعرف الكثير من أسرار الكتاب الكريم بفضل الله تعالى، بما فيه معاني الأحرف الفواتح والتي عجز عن فهمها عامة المفسرين فقد فسرت حوالي ثلث القرآن الكريم إلى اليوم ورأيت في القراءة المعروفة المذكورة أعلاه انسجاما كاملا بين آيات الكتاب الكريم، ولا أشعر بأية حاجة لأن أراجع القراءات الأخرى والتي أهملتُها جميعا في تفسيري. وإني أهمل كل قصص المفسرين ولا أؤمن بأسباب النزول ولا أستعين بالحديث أبدا وما عجزت عن فهم ما فسرته بإذن الله تعالى وبحمده سبحانه. فأنا أؤمن بصحة القراءة المعروفة وقد أثبت صحة إيماني عن طريق ما قمت به من التفسير الكامل والشامل من الألف إلى الياء من الأجزاء المفسرة. بالإضافة إلى ذلك فإني في نهاية تفسير كل سورة كبيرة أربط آياتها ببعضها البعض وأسعى عادة لذكر أسباب علمية لمكان السورة في القرآن بين السورة والسورة الأخرى. فلا إشكال في القرآن أخي الملحد ولكن الإشكال في إخواننا المسلمين. وأنا موافق مع سؤالك ردا على هامشِ مترجمِ كتابِ الأستاذ موريس وسؤالُك إنكاري وصحيح برأيي. ونحن نلمس في النسخة المعروفة من القرآن وضوحا لا نحتاج معه إلى التشبث بالقرينة إلا قليلا وذلك للمزيد من البيان وليس لمعرفة أصل المعنى.
وقد قرأت ما كتبته تحت عنوان (خلق السماوات والأرض ص 165) مرتين أو أكثر وما تمكنت من إدراك مغزى إشكالك أخي الملحد. ولعلي لاحظت شيئا واحدا وهو أن موريس يعتقد بأن الله تعالى يراعي أحوال مختلف الأشخاص الذين يقرئون القرآن طيلة القرون وفي مختلف بقاع الأرض. هذا الكلام واقعي وصحيح ولا ضير فيه. لكنه سبحانه لا يُخفي الحقيقة أبدا بل يجعلها ضمن كلمات يصعب الإشكال عليها حتى يتطور الناس أكثر فأكثر فيتعرفوا على سر الآية. هذا فعلا إعجاز قرآني بارع وجميل يُحمد عليه منزله جل جلاله. فأرجو من أخي الملحد أن يعيد النظر في إشكاله هذا وأنا له من الشاكرين مقدما.
وأما ردك على مقولة موريس تحت عنوان: ويقول في ص 168، فإني أنقل لك فيما يلي مقطعا من تعليقي على كلام مشابه للأخ الملحد وليد وقد كتبه هو بعدكم ولكني علقت عليه قبل هذا لأني أتيت مدونتكم من آخرها لأصِلَ إلى أولها بإذن الله تعالى فأبدي تعليقاتي من ياء المدونة إلى ألِفِها.
نقل:
حرف "ثم" يأتي عادة للترتيب في الحكم ولكنه يأتي أحيانا للترتيب في الإخبار فلا يتضمن معنى التراخي أو التعاقب مثل قول الشاعر:
إن من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده
فأبوه قد ساد قبله ولكن بدأ الشاعر يتحدث عن سيادته ثم أخبر عن سيادة أبيه بعد أن أخبر بسيادته هو. وكذلك قوله تعالى في سورة الأنعام وهو يخاطب صحابة النبي: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿153﴾ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴿154﴾. فهو سبحانه قد آتى موسى الكتاب قبلهم بألفي عام لكنه أخبرهم بهم بعد أن أوصاهم لغرض لا مجال لذكره هنا.
وما قرأته أخي في آية سورة السجدة فهو سبحانه في بيان التعليل لعدم وجود أنداد للذات القدسية ولذلك بدأ بما يرونه بالعين المجردة وهي الأرض ثم ذكر السماء التي يعرفها الإنسان بالرؤية الفكرية في الواقع. وأما حديثه مع السماء والأرض بقوله: ائتيا طوعا أو كرها، فهو لسان حالهم مع أمر ربهم. والإتيان ليس معناه المجيء إلى مكان فليس الله مستقرا في مكان لأنه ليس مادة، ولكنه أمرٌ لهما بالصيرورة. ذلك لأن الله تعالى يخلق كل شيء بعد أن يمر الشيء في مراحل التطور الطبيعية ولا يمكن أن ينفخ نفخة كما نراه في الألعاب الكمبيوترية فيأتي سماء وأرض أو كما تصوره السذج من سلفنا رحمهم الله تعالى. وأيام الخلق ليست هي الوحدات الزمنية للكواكب إذ الحديث عما قبل الدوران الفلكي المنظم. ولكن الأيام هناك تبين الزمان الذي تم فيه تحول موجود إلى شيء آخر بالتطور. وأنا أعرف الأيام الستة ولكن يطول شرحها هنا. ولكن اليومين في خلق الأرض فهو إشارة إلى انفصالها المهيب عن الشمس أولا ثم تحولاتها الذاتية التي غيرت طبيعتها الغازية إلى طبيعة أخرى كما نراها اليوم. وهكذا يومي السماء المذكورة بعد الأرض فهي ليست السماء الكبرى التي انفجرت يوم الإنفجار الكوني الأول بل هي السديم الضخم الذي تفاعل قبل حوالي 5 بلايين سنة ثم صُنع منه مجموعة من الأنظمة الشمسية تُقدَّر علميا بسبعة أو ثمانية. فكان السديم باردا ثم حصل له التفاعل الذاتي بقوة خارجية أثرت فيه وهي غير واضحة لعلماء الفيزياء. فذلك اليوم الأول ولعل طوله مئات الملايين من السنين. وأما اليوم الثاني فهو اليوم الذي بلغ فيه التفاعل قمته لتبدأ الانفجارات التي حولها إلى عدة أنظمة شمسية محيطة بشمسنا التي هي واحدة منها من قريب. وطول ذلك اليوم عدة بلايين من السنين. وهكذا في هذين اليومين تم القضاء للتعدد ولئلا تبقى سديما ضخما غير مفيد. وعدد السبعة في القرآن ليس لبيان العدد الفعلي بل هو لبيان العدد الكامل لدى السابقين عربا وغير عرب. والله يستعمل العدد الكامل وليس الفعلي في مثل هذه الموارد لعدم إمكانية ذكر العدد الفعلي لسببين هما عدم تمكن البشر يوم نزول القرآن من التوسع في فهم الأعداد ثم عدم توقف الخلق على عدد معين من النجوم التي تتكاثر وتتناقص باستمرار. انتهى النقل.
وأضيف على ذلك بأن ابن هشام الأنصاري وهو من علماء النحو في القرن الثامن الهجري، كتب في الجزء الثاني من مغنى اللبيب ضمن أقسام الواو ما نصه:
اقتباس
والتاسع: واو الثمانية، ذكرها جماعة من الادباء كالحريري، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه، ومن المفسرين كالثعلبي، وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا ستة، سبعة، وثمانية، إيذانا بأن السبعة عدد تام، وأن ما بعدها عدد مستأنف واستدلوا على ذلك بآيات: إحداها: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) إلى قوله سبحانه (سبعة وثامنهم كلبهم). انتهى
وهذا يدل على أن العرب أيضا كانوا يعتقدون في العدد سبعة ما يشابه الإغريق القدماء. ولكني كعادتي أعود إلى القرآن نفسه لأرى هل يستعمل الله تعالى العدد سبعة بمثل هذا المعنى في مورد آخر غير السماوات، فأرى التالي: قال سبحانه في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴿87﴾. وحتى نعرف معنى المثاني ثم عدد المثاني ننتقل إلى سورة الزمر: أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴿22﴾ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿23﴾. اقشعرت تعني اخشوشنت وتقبضت في مقابل الليونة التي تحدث للمؤمنين حين ذكر ربهم. فالمؤمنون يقشعر جلودهم أحيانا حينما يتوجهون للمتشابهات من القرآن وهي الآيات التي تعني في ظاهرها شيئا وتخفي معنا علميا لا يسع الناس فهمه إلا بعد ظهور المعنى العلمي بإذن الله تعالى. مثالها الآيات الكونية في القرآن والتي استعصت التعمق فيها أيام الرسول نفسه وقد أشار إليها الله تعالى في سورة آل عمران هكذا: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ؛ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴿7﴾. فالراسخون في العلم ومنهم الرسول نفسه يقولون: آمنا به كل من عند ربنا. فهم ما كانوا يعرفون تفسير المتشابهات آنذاك وتتأثر جلودهم في الواقع ولكنهم يتذكرون الله تعالى فتلين جلودهم بعد القسوة. هذه هي المثاني.
وأما العدد، فأنت لو تعد الآيات الكونية التي فسرها القدماء بما يثير الضحك يومنا هذا، فهي مئات ولعل المعاني المتشابهة يربو على الألف، ولكن الله تعالى قال في سورة الحجر بأن المثاني هي سبعة. فالمقصود من السبعة هنا ليس العدد الواقع بين 6 و8. والواقع أن إحصاء المتشابهات في القرآن تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان تبعا للتقدم العلمي لدى البشر. فاستعمل الله تعالى عدد السبعة لما لا يمكن إحصاؤه بصورة دقيقة. والسماوات بمعنى المنظومات الشمسية فهي أيضا في تزايد وتناقص يتعذر معها العدُّ الدقيق. نحن نعرف بأن النجوم تحمل أعمارا تموت بعد انقضاء أجلها كما أن هناك نجوما جديدة تُخلق في أرجاء الكون. ولذلك استعمل الله تعالى العدد الكامل لدى العرب لينبئ عن أن أماكن الحياة ليست منحصرة في أرضنا هذه وأن عددها غير محدود أيضا.
وهناك مورد آخر في كتاب الله تعالى يفيدنا لفهم معنى السبعة. قال سبحانه في سورة البقرة: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿261﴾. فالذي ينفق ما له في سبيل الله فإنه ينتظر في مقابله الحياة الفردوسية. والحياة هناك أبدية لا تتناسب مع الأجر المعدود. فلو عمل الإنسان خيرا فهو لا يكتفي بأن يُمنح سبعمائة ضعف أو ألف وأربعمائة مرة مقابل عمله لأن ذلك ينفد خلال عدة عشرات أو مئات من السنوات وسوف يبقى في الجنة بلا تمتع فيما بعد. فالعدد سبعة هنا في الواقع ليس عددا فعليا بل يعني غير المحدود. والعدد مائة هنا أيضا ليس عددا فعليا بل يعني أنواعا متعددة تفوق الأنواع التي أنفق منها. هذا مثل ما نقول فلان أحسن من فلان مائة مرة. والمقصود ليس عدد مائة بل يعني بأنه أحسن كثيرا من الشخص الآخر.
وأنت تعرف أخي الملحد بأن كل كاتب من حقه أن يتخذ لنفسه إشارات وكلمات خاصة بكتابه، فاتخذ الله تعالى كلمة سبعة العددية لبيان الذي لا يمكن عده أو لا يريد بيان عدده. وبيان عدد السماوات في تاريخ معين خارج عن بلاغة القرآن الكريم. فلا يمكن أن يحتوي القرآن على أعداد بليونية في حين لم يتعد فهم البشر عن الآلاف وكان أكبر عدد لديهم هو ألف ألف ويعني مليون.
وأما بيانك عن قول موريس حول نشأة السماء بداية من السديم الغازي فلعله يقصد السديم الذي صنع الله تعالى منه مجموعة من النجوم في حدود 7 أو 8 بما فيها شمسنا. فهي ليست المادة الأولى لصناعة الكون. وكان هذا السديم الخافت متواجداً ضمن مدارات مجرة درب اللبانة. وقول الذين ظنوا بأن السماوات هي عدة طبقات فهو غير صحيح وغير معقول وليس في القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك. لكنهم عجزوا عن تفسير الآية 15 من سورة نوح المذكورة أعلاه ففسروا الطباق بالطبقات. واللغة العربية لا تسند رأيهم أبدا ولكنهم وجدوا تشابها بين الطبقة والطباق فقالوا ما قالوا. رحمهم الله تعالى وغفر لهم ولنا.
وأما تعليقك على الصفحة 192 من كتاب موريس فاستعصى عليّ فعلا فهم كلام موريس وإياكم. وأنا لا أملك الترجمة العربية للكتاب القيم الذي كتبه الأخ موريس بوكاي وقد اشتريت الترجمة الإنجليزية قبل حوالي عشرين عاما وما قرأتها بالكامل والأصل الفرنسي لم أره وما يفيدني لأن فرنسيتي ضعيفة وقد حاولت قليلا أن أعثر على العربية في مكتبات لندن وفي الإنترنت فعجزت ولو أن هذه التراجم لا يمكن أن تنقل لنا فكرة موريس بالضبط، أخي الملحد. ولكنك تتسرع كثيرا في الرد عليه بمجرد أن تفهم ما تفهمه من تلك الترجمة ولعلك لا تصرف الوقت للتعمق في ما كتبه الكاتب. ولو كنتُ محقا فيمكن أن نعتبر عملك أخي الملحد بعيدا قليلا عن الرزانة المطلوبة لمفكر جدير مثل جنابكم. وعلى أي حال فإن سورة يوسف في القرآن مسرود سردا روائيا مليئا بالتشبيهات ولذلك وضح الله تعالى في نهاية القصة بأنها تمثل واقعا حصل فعلا وهي تصديق الذي بين يديه سبحانه وتعالى. فالخيال في هذه القصة عبارة عن التشبيهات فقط. ودعني أوضح كنموذج معنى الكواكب الأحد عشر. بالطبع لا يمكن للكواكب أن تسجد سجودا يراه الإنسان كما يرى شخصا ينحني إيذانا بالركوع أو السجود، ولكن يوسف رأى في المنام أبويه وإخوانه يسجدون له. وحينما أراد أن ينقل الرؤيا لأهله استحى أن يذكر الواقعة كما هي فاستعار بالشمس والقمر لأبويه وبالكواكب لإخوانه. وقد عرف أهله حقيقة الأمر حينما طبقوا الأعداد التي نطق بها يوسف على أفراد الأسرة. فليست هذه الآية مشيرة إلى كواكب السماء كما تصوره بعض إخواننا الذين يستعجلون في عزو كل مطلب جزئي إلى الإعجاز القرآني أو النبوي أو كرامات الخلفاء والأئمة الذين هم عمليا أهم من الأنبياء في نظرهم. وأنت لو تنتبه إلى خاصية سورة يوسف فسوف تكشف كل معاني السورة التي تبدو معقدة لمن لا يعرف هذا السر، والعلم عند الله تعالى.
وأما تعليقك على الصفحة 194 من الكتاب المذكور فهو أيضا غير واضح ولكن راقني جدا قولك التالي: "وإذا افترضنا أن القرآن هو حجة على الإنسان، فكيف يكون خارج مداركه؟". هذا كلام صحيح دون ريب. فالقرآن ليس بعيدا عن مدارك البشر فيكون إذ ذاك غريبا عنا وليس حجة علينا. ولكن القرآن أنزل على أمة من الأمم البشرية في شبه الجزيرة العربية لتتعلم منه ما كتبه الله تعالى على عبيده فتعمل به سواء في ذلك أوامر القرآن أو نواهيه لتصير تلك الأمة مجموعة نموذجية تثبت لمن يسمع عن هذا الكتاب القويم بأنه كتاب عملي قابل لأن يُتَّبَع. والكتاب سوف يبقى بعدهم ويُترجم ويُفسَّر فيجب أن يكون بمستوى كل من يستلمه ولا يمكن الاكتفاء بجعله على مستوى أهل الجزيرة آنذاك. ولذلك ضمَّن الله تعالى الكتابَ مجموعةً من الحقائق الدقيقة عن الكون والوجود والكائنات التي تعيش أو تتواجد ضمن محيط هذا الكون المهيب لتكون هذه الحقائق آيات وعلامات على أن القرآن كتاب جدير بالاحترام ومفيد لكل الأمم والأجناس البشرية، وليس مختصاً بعرب الحجاز واليمن. فكل ما في الكتاب مقبول لدى العقل البشري ولكنه ليس في متناول يد الجميع بل إن بعض هذه الآيات وليس كلَّها والتي تتولى الدلالة على أن القرآن تنزيل من الرحمن الرحيم، فهي بمعانيها تظهر للبشرية شيئا فشيئا وليس دفعة واحدة لكل الناس. ونحن اليوم قد تعرفنا على الكثير من تلك المفاهيم العلمية الدقيقة وأنا بدوري أنشر بمحاضراتي الأسبوعية ما أقوى عليه من معارف القرآن وأكشف بإذن الله تعالى الكثير من كنوز هذا التنزيل العظيم. وسوف يتولى غيري ما خفي علي أو إذا ما حال الموت بيني وبين بيانه ثم نسعى لطبع الكتاب جزءا بعد جزء بإذن الرحمن عز اسمه.
والآن ننتقل إلى تعليقاتك على الصفحة 210 من كتاب موريس. ونبدأ بموضوع جريان الشمس أو جريها. والجري مغاير للدوران الفلكي الذي عبر عنها بالسباحة. وما قاله الأستاذ هو صحيح دون شك وقد قلتُه قبل أن أقرأ على الأستاذ موريس فأنا مفسر سبقته حتى يرضى أخونا الملحد. فهي حركة لم تكن معلومة للأقدمين وقد ذكرها القرآن وثبت صحتُها فيما بعد. إنها الحركة الصعودية باتجاه نجمة فيغا حيث تجر الشمس معها كل الكواكب التي تسير في فلك جاذبيتها باتجاه ذلك المكان داخل مجرة درب اللبانة. والمستقر لا تعني النهاية بل تعني أن الشمس سوف تتوقف عن هذه الحركة التي يمكن أن نسميها صعودية ولعلها تستمر في حركاتها المعروفة الأخرى. ولا ضير أن المفسرين الذين سبقوا موريس لم يدركوا هذه الحقيقة القرآنية. هذا أخي الملحد دليل على أن الكتاب سماوي وليس بشريا فلا تسعوا للاعتراض على كل شيء دون أن يكون لاعتراضكم معنى علمي. و أما موضوع تسبيح الرعد بحمد الله تعالى فهو يعني بأن الحركات الطبيعية التي ترونها كانت مقدرة من الله تعالى بأنواعها وليس بالضرورة كل حركة بعينها. ودعنا نضرب مثلا أن الأستاذ الملحد واكد أعلن بأنه سوف يقوم بصنع جهاز لإيقاف حركة الخلايا السرطانية فإن كل خلية تتوقف فعلا بعمل ذلك الجهاز فهي تنبئ عن صحة ادعاء جنابكم على إيقاف الخلايا الضارة في بدن البشر. وحينما يتمتع شخص بالنتائج الإيجابية لصنعكم فهو سوف يقول شكرا لواكد على عمله الكبير. هذا الشكر يمكن أن يعني بأن واكد جدير بالحمد والتقدير. ولو ادعيتم 20 ادعاء آخر ثم أتيتم بها جميعا، فإنكم سوف تكسبون مهابة واحتراما كبيرا في أمتكم بحيث أنهم سوف يظنون بأنكم لا يمكن أن تدَّعوا شيئا لا تفعلوه فهذا يعني التسبيح. والتسبيح في اللغة يعني التنزيه من كل نقص. والرعدُ نتيجة لتفاعلات طاقوية مطلوبة ومفيدة لبعض الأهداف التي لا تخفى عليكم وكل هذه الحركات الطبيعية باعتبار أنها مطلوبة ضمن نظام الألوهية المعبر عنها بالمشيئة وليست اعتباطية فهي تعبر عن تنزيه رب العالمين عن القيام بتقدير ما لا يفيد أو ما لا يكون فائدته أكثر من ضرره. والقرآن يعبر عن كل تجاوبات الطبيعة مع إرادة ربها بالتسبيح بالحمد. وهي تعني تنزيه رب العالمين من حصول نشاط غير مقصود في مُلكه، فهو إذ ذاك يعني عدم هيمنة الجبار جل جلاله، والتسبيح بالحمد تعني أيضا تنزيهه من الخطأ والغفلة و إرادة الباطل، سبحانه وتعالى.
وأما خيفة الملائكة المتواجدين في كل مكان وليس في السماء السابعة كما تفضلتهم وهي سماء لا وجود لها في ملك رب العالمين، حسب علمي؛ فإنها تعني بأن الملائكة لا تشعر بالاختيار أمام أمر الله تعالى، ولا ارتباط لها بالخوف من الرعد. هذا الخوف ضروري لضمان سلامة الخلق وسلامة حركات المخلوقات وتوجهاتها. فلو تتصورون العسكر والجند في ظل أي نظام بشري من أي نوع كانت فهم يُدرَّبون على التهيب من أوامر الضباط والقواد وحتى يضمن رئيس الدولة سلامة حكمه فهو يضع نفسه قائدا عاما أو أعلى للجيش بجوار ملكه. و الملائكة هم جنود الرحمن فيجب أن يعيشوا في جو مليء بالخوف والرهبة وليس في الأمن كما نعيشه نحن البشر. وهم بجوار هذا الضغط الملكوتي الواجب فهم لا يتحملون أية مسؤولية بل يتقبل الله تعالى كل التبعات لأوامره التي يجب أن يتم تنفيذها بالكامل. فالكائنات غير المختارة تنقسم إلى قسمين مدرك مثل الملائكة فلا يكتفي الله تعالى بأن تطيعه حبا في الذات القدسية بل يُحرمهم من الأمان والسلام ليضمن صحة تنفيذ أوامره. وأما القسم الآخر فهي الكائنات التي لا تُدرك فهي بكاملها تتبع نظام الألوهية بكل دقة لأن النظام دقيق لا يضطر معه الكوكب أو غير الكوكب أن ينحرف أو يتباطأ. كل ذلك دليل على دقة الخالق وهي برمتها بعملها وانصياعها لإرادة الرحمن تنبئ عن كمال الله تعالى وعن عدم انطواء الذات القدسية على أي نوع من أنواع النقص، وهو المعبر عنه بالتسبيح.
وأما مسألة الظل التي ذكرها الأستاذ موريس فهو في الواقع لم يتعرض لأصل الموضوع وللسبب الداعي لذكر هذا الموضوع في القرآن الكريم والذي غفل عنه عامة المفسرين مع الأسف. لكن الأستاذ قال بأن الله تعالى اهتم بعدم إثارة الناس في موضوع يجهلونه وهو أن حركة الليل والنهار تابعة لحركة الأرض ولا دخل لها بحركة الشمس. وقال بأن الله تعالى في نفس الوقت لم يكتب شيئا يخالف الواقع بقوله الكريم: ثم جعلنا الشمس عليه دليلا. فالعربي الجاهلي لا يراه مخالفا لأفكاره كما أن المعاصر العالم بحقيقة الأمر لا يرى الآية مخالفة للحقائق العلمية. بالطبع أنك لم تذكر مقولة بوكاي بالكامل ولكني ذكرتها من ذاكرتي وأرجو ألا أكون مخطئا. وأما اعتراضك أخي واكد فهو ينم عن عدم علم بعجز الكائنات الطبيعية وبحاجتها الماسة إلى الخالق العظيم في كل إحداث أو حركة. ولولا هيمنة الله تعالى وحسن إدارته لما تمكنا بعقولنا من قبول النظام المحافظ على الكائن وعلى جماله في هذا الفضاء الذي يزداد فراغه ملايين المرات عن أحجام كل الكواكب التي هي بحد ذاتها مرعبة تبعث بالذعر حين التفكر في كمياتها وكيفياتها وأوزانها ودرجات الحرارة المتغيرة في بطونها. وتغيير الحرارة مشابه لنسبة الفراغ فعلا فترى سطح الأرض أقل من 100 درجة مئوية في حين أن لب الشمس التي تمدنا بالطاقة أكثر من 20 مليون درجة مئوية. وأنت بالطبع على علم بأن الرياح التي تتشكل حول الشمس إثر بعض التفاعلات النووية فيها وتتجه قريبا من الأرض أحيانا فسرعتها تصل إلى مليوني كيلو متر في الساعة في مناطق قريبة من مدار الأرض. وهي تحصل كثيرا نسبيا في حياة كل فرد منا. وتعلم بأن عدم وجود ضابط قوي خلف هذه الحوادث الطبيعية يزيد من نسبة الخطر بحيث يتعذر علينا أن نتصور بقاء النوع الإنساني آلاف السنين دون انقراض.
وهذا المكان ليس مجالا لتفسير القرآن ولكني إكراما لكم وللقراء أقوم بإذن الله تعالى بتوضيح مقصود الآيات الكريمة دفعا للأعذار ومعذرة إلى ربي الكريم. وحتى نعرف المقصود علينا بأن نطلع على الموضوع أولا فالآيات هي من سورة الفرقان وهي هكذا: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴿43﴾ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلاّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴿44﴾ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ﴿45﴾ ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ﴿46﴾. إن شبه جملة "ألم تر" تدل على ارتباط آية الظل بما قبلها وبأن هذه الآية استدلال يساعد الرسول على قبول المقولة السابقة. وكلتا المجموعتان من الآيات تبدآن بالرؤية "أرأيت وألم تر" وواضح أن المقصود هو الرؤية العلمية إذ لا يمكن أن ننظر إلى الله تعالى وهو يمد الظل مثلا. وهو إرجاع لطيف إلى التفكر وكل الآيات المشابهة تنم عن نفس العودة إلى الفكر والعقل. وهكذا نعرف بأن الله تعالى يتمثل بموضوع طبيعي قابل للإدراك بسهولة لإثبات حقيقة مشابهة أو لمساعدة الرسول وعزائه على قبول الواقع الذي يتعذر تجاهله. هذه مقدمة ضرورية ولا مفر لنا من مقدمة أخرى ضرورية أيضا وهي أن المشيئة المشار إليها في آية الظل الأولى "ولو شاء" مغاير للإرادة. فالمشيئة في القرآن تشير دائما إلى النظام الكوني الذي لا يجوز مخالفته وهو ما نسميه نحن بنظام الطبيعة. ولكنه نظام موسع يشمل الطبيعة وما تؤثر فيها فلا يمكن الاستغناء عما وراء الطبيعة لفهم ذلك النظام الدقيق. وأما الإرادة فهي تتحدث عن قدرة الله تعالى على إيقاف حركة الطبيعة أحيانا أو جانب منها لعمل شيئ ضروري آخر حسب حكمته وعلمه كما حصل لقضية حمل النبية الفاضلة مريم أو ما سيُحصل مستقبلا من إيقاف حركة الطبيعة الكامل إيذانا بالتدمير الكوني قبل أوانه الطبيعي كما وعد الله تعالى لعدم وجود ضرورة للانتظار، ولقدرة الله تعالى على عمَلِ ما يريد قبل أوانه الطبيعي أو قبل انقضاء عمره المسمى حسب تعبير الكتاب الكريم.
فنعرف بأن كلمة لو شاء تدل فقط على الهيمنة والقدرة ولا تدل أبدا على الحصول الفعلي أو انتظار الحصول. ثم دعنا نعرِّف الظل فهو نتاج حيلولة جسم أمام إشعاع ضوئي بحيث يمنع هذا الجسم الضوءَ عن تكامل آثاره المنتظرة على الجسم المُضاء. هذه النتيجة تأخذ شكلا خاصا من أشكال الظلام نسميه الظل. فلو تمكن هذا الجسم الحائل من الحيلولة الكاملة لكانت النتيجة ظلاما دامسا وليس ظلا. وبالنسبة للمثال فإن المُحال ضده هو الشمس وهي بنفسها تذهب وتأتي وليست دائمة الحضور فلا يستمر الحائل في تأثيره ذلك. والآن دعنا ننظر إلى ماهية السورة قليلا لنعرف الهدف الأساسي من كل هذه التمثيلات؛ والله تعالى عادة ما يبدأ السورة ويختمها بذكر الهدف فالسورة من بدايتها تتحدث عن إنزال الله تعالى للفرقان ليكون نذيرا لكل الناس وليس لطبقة دون طبقة. ثم تتحدث السورة عن الذين يحولون دون بلوغ القرآن ذروته من الإنارة وبث العلم والكمال، ثم تحدثت عن تألُّم رسول الله تعالى من الذين يحولون دون بلوغه هدفه السامي والمخلص وهو يعرف نفسه كما يعرفه ربه بأنه مخلص للناس ويحبهم ويحب هدايتهم ولا شيء ينتظره من الناس. فيقول له الله تعالى بأنك لو تنظر إلى الظل الذي هو من صنع ربك باعتباره ملك الطبيعة ومدير كل سائر فيها، فالظل الذي ينتج من حيلولة جسم لا يتحقق بدون الشمس ثم إنه يزول. وتطبيق هذا المثال على ما كان يُحصل أيام الرسول هو بأن القرآن الذي مثَّله الله تعالى بالشمس هو السبب الأول لحصول هذا التحرك المضاد. ولولا القرآن لما كان هناك أي حرب فكري بين العرب. ثم إن الله تعالى الذي يزيل الشمس فيزول آثارها على الأرض فإنه قادر على أن يأخذ القرآن فيزول آثاره أيضا فلو أراد الرسول أن ينتفع بالقرآن فعليه أن يتحمل الحركات المضادة أيضا وهكذا كل مصلح في الأرض. هذا باختصار شديد هو مفاد هذا المثال وهو مثال وليس لبيان اهتمام الله تعالى بالظل أخي الملحد. والقرآن يؤكد هذا الموضوع في كثير من الآيات وفي كثير من المناسبات فآدم لا يمكن أن يقوم بدوره الحقيقي لولا الشيطان والله تعالى يرسل (بمعنى يسمح بالحضور) الشياطين والمجرمين إلى الأنبياء كما يقول في سورة الفرقان: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿31﴾. وكما يقال: تُعرف الأشياء بأضدادها. فعلى النبي أن يتحملهم وليس لهم إلا جولة كحركة الظل المؤقتة والضعيفة. والعلم عند مولانا سبحانه.
تعليقك على الصفحة 213 من الكتاب: لعلك وموريس تشيران إلى الآية التالية من سورة التكوير: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴿5﴾. فالحشر هنا معناه الانقراض وليس معناه الحشر يوم القيامة وانقراض الوحوش قد بدأ فعلا وذلك لعدم وجود أية حاجة لهذه الوحوش اليوم. وقد نشرتُ تفسيرا أوليا للسورة في موقعي الفكري فيمكنكم مراجعته إن شئتم. وما قاله القدماء فلا يعتد به وليس من صالحنا نحن أن نعود إلى مقولاتهم التي قد لا تفيدنا. ثم تحدثتم عن مقدمة موريس على الآيات التالية من سورة الطارق: فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿5﴾ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴿6﴾ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿7﴾. فلعل المفسرين الذين عاد إليهم الأستاذ موريس لم يعرفوا مرجع الضمير في الآية السابعة. فالآيات تتحدث عن الإنسان نفسه ثم تحدثت عن أنه خلق من ماء دافق ثم تحدثت عن أنه أي الإنسان يخرج من بين صلب الأم وترائبها بمعنى الصدر. والمقصود من ذلك موضح في نفس موقعي الفكري في تفسير نفس السورة.
وأما تعليقك على الصفحة 238 فإني بالطبع ما عرفت الموضوع لأن المبتدأ محذوف، ولعل الحديث حول أول إنسان. إنه قرآنيا منحدر من أصول حيوانية عن طريق التطور. لكن الفرق بين ما في القرآن وبين ما يتظننه بعض علماء التطور مثل المرحوم داروين فهو أنه تخيل سلالة من القرود وقد تحولت بشرا، لكن الله تعالى يقول في سورة السجدة: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسَانِ مِن طِينٍ ﴿7﴾ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ﴿8﴾ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴿9﴾. فهناك خلية نباتية أولية أراد الله تعالى أن تكون النبتة الأولى للحيوان البشري. كما قال في سورة نوح المذكور في بداية هذا التعليق، ما يشير إلى ذلك. والعلقة الأولى دون شك هي حيمنُ آخرِ حيوانٍ في سلسلة الأناسي الأُوَل ليأتي بعدها أول إنسان، كما هي عليها بويضةُ آخرِ حيوانٍ مؤنث شاركت مع الحيمن المذكور لتكوين أول علقة. والله تعالى يشير إلى ذلك الأمر في عدة أماكن من القرآن مثل سورة المرسلات: أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ ﴿20﴾ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴿21﴾ إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴿22﴾ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴿23﴾. ولعلك بالتدبر في الآية الأخيرة تشعر بأن المشار إليها مسألة مهمة غير عادية وهي ليست مسألة التكاثر العادي بيننا. ويقول في سورة البلد: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴿1﴾ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴿2﴾ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴿3﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿4﴾. فالوالد هنا الذي يحلف به الله تعالى هو ليس والدا عاديا بل هو والد آدم وحواء الذي تطورت لديه الحيامن لتبلغ حد الإنسان الكامل الفعلي القادر على استلام الطاقة الربوبية عن طريق الروح القدس لخلق النفس الإنسانية الأولى.
ويشير أيضا إلى نفس الموضوع في سورة التين: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿1﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿2﴾ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ ﴿3﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿4﴾ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴿5﴾. بالطبع أن الآيات إشارات إلى قضية الخلق الأول للإنسان الفعلي قبل عدة آلاف من السنين ولعله قبل 30 إلى 40 ألف سنة كما نعرفه من العلم ولم أجد لهذا التحديد التاريخي شيئا في القرآن حتى هذه الساعة، لكن هناك الكثير من الآيات التي ما توفقت للتعمق فيها بعد. وحتى لا تبقى المسألة غريبة فإني أظن بأن الولادة الكبرى لأبينا آدم وأمنا حواء تمت في مكة المكرمة من أبوين غير إنسانين ثم نقلهما الله تعالى إلى طور سيناء حتى يبعدهما عن النظر إلى الحركات الجنسية بين الحيوانات في ذلك المكان المفتوح. وتم إسكانهما في جنة من جنائن سيناء القديمة وسُمح لهما بأكل كل ما في ذلك البستان المليئ بالتين والزيتون. فكان التين غذاؤهما الأصلي احتمالا. ثم منعا من الزيتون المحرك للجنس بالنسبة لهما. فكانا في قمة الخلق الإنساني، ذلك الخلق الذي سنعود إليه أو إلى ما يشابهه في النشأة الأخيرة، لكنهما أكلا الممنوع فرُدّا إلى أسفل السافلين وهو الحياة الحيوانية التي انحدرا منها والتي تتكئ على اللقاء الجنسي المشابه للحيوانات، فالتقيا جنسيا وبإمكانك قراءة القصة الجنسية بكاملها في سورة الأعراف. والعلم عند الله تعالى.
ثم إني مع الاعتذار المسبق، أخالفك في تحاملك الشديد على مسألة حاجة المرء إلى المزيد من العلم لفهم القرآن وأن الإنسان العادي يجب أن يترك عمله ليعلم القرآن وأننا في النهاية نحتاج إلى شيخ في المسجد وإلى أن نطيعه فيما قاله لعدم تمكننا من فهم الكتاب. إن القرآن أخي الملحد هو كتاب هدى وليس في أوامر الهداية به أي تعقيد بل هي واضحة ويمكن لكل امرئ أن يفهم الرسالة من ربه. لكن التعمق في القرآن الكريم يوقفنا على المزيد من المعلومات التي تدل على أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من صنع البشر. وهذا مزيد من العلم وليس ضرورة الهدى. وأما ما يقوله الإخوة شيوخ المساجد أو يتعلمه رجال الدين المعروفون فهو ليس صحيحا بالضرورة ولم يبلغ الإخوةُ كمالَ القرآن. هناك في أكناف الأرض أناس آخرون يعرفون القرآن بدقة أكثر منهم وهم يعملون عملهم العادي وليسوا شيوخ مساجد ولا أخصائيي دين. ويمكنك أن ترى بعضهم في بريطانيا وها هو أحدهم يكتب لكم هذه السطور وهو يعرف القرآن وليس شيخا ولم يدرس في الأزهر أو المدينة أو النجف أو قم أو باكستان أو كشمير أو أي بلد إسلامي آخر.
ولا أدري ما الذي قاله الأستاذ موريس في الصفحة 252 حول عيسى بن مريم، لكني أوضح لك باختصار شديد ما يقوله القرآن الكريم. وقبل ذلك فإن إنكار وجود هذا العظيم الذي يؤمن به حوالي ربع البشرية في الأرض مثل إنكار بوذا ومحمد وعمر وعلي. حتى موسى وزرتشت ثابتان بالضرورة لوجود عدد كبير من الأتباع لهم. أضف إلى ذلك القدر الكبير من المكتوبات والكتب التي كتبت بشأنهم، فلا يمكن إنكارهم أخي الملحد. وأما موضوع أب المسيح في القرآن فإن الله تعالى يقول في سورة الأحزاب: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴿4﴾ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿5﴾. فالله تعالى يمنع من أن ندعو أحدا لغير أبيه أو يكره ذلك على الأقل؛ فكيف يصر في القرآن على تسمية المسيح بأنه عيسى ابن مريم؟ والجواب يكمن في ما نقلتَه بأن المسيح هو كلمة الله وروحه، دون تفسيرك بالطبع. والله تعالى يقول في ذات الصدد في سورة النساء: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ﴿171﴾.
فاختصر الله تعالى المسيح في أنه أولا: عيسى بن مريم وثانيا: رسول الله وثالثا: كلمة الله الملقاة إلى مريم ورابعا: روح الله. وسوف نمر على كل المسائل باختصار مناسب للمقام، ونترك التفصيل لمكان آخر. فالرسالة كرسالة موسى في الواقع وهو لا يختلف عن بقية الرسل إلا في قدرته النفسية على القيام بالمعجزة. تلك هي قوة أصيلة عنده ولكنها عند موسى بن عمران مكتسبة وليست منذ الولادة وقد اكتسبها في طور سيناء مع أول تكليم مع الله تعالى. ونتحدث عن الثالث والرابع بداية. إن كل الكائنات لم تكن موجودة يوما ما ولكنها أوجدت لأننا نرى كل شيء قابلا للانتهاء فهو يعني بأنها بدأت ولا بد لكل بداية من قوة موجدة. والله تعالى لا يمكن أن يكون أب الكائنات فالكائنات لا سنخية لها مع الله تعالى لأنها حادثة لا وجوب لها ومعرضة للزوال، وليس الله تعالى مادة ذو أبعاد مثلنا ولا يتأثر بالزمان كما نتأثر وتتأثر كل الكواكب ونحن جميعا مع الملائكة نحتاج إلى المكان أيضا. فالله تعالى لم يكن لديه شيء يخلُقُ منه خلْقَه. فالمخلوقات تحمل دون شك أصلا طاقويا من الذات القدسية جل جلاله. والطاقة ليست قادرة على التشكل دون أن يكون لها حامل فحملها الله تعالى على خلق آخر لعلها الذبذبات وسماها أسماء الله تعالى هذا الموجود الثنائي حمل معه أمرا من الله تعالى يعيِّنُ له طريقة التفاعل مع نفسها والمجموع يسمى في القرآن كلمة. بالطبع لا يمكن أن أشرحها في هذا المكان وقد أخذ مني الشرح محاضرات عدة لتلاميذ القرآن في لندن.
هذه الكلمات التي لا يعلم إحصاءها إلا الله تعالى نفسه هي أصل الموجودات. وكل ما يصدر من الله تعالى فهو غير صادر من شيء ذي مكان وزمان فالارتباط بغيره يتم عن طريق الإلقاء كما أن الإشعاعات برمتها تُلقى على غيرها. والله تعالى ألقى كلمةً لخلق جينات ذكورية من مريم. ونحن نعرف بأن الجينات كلها متطورة ولا يمكن أن نتصور كروموزومات غريبة أُدخلت في رحم العذراء حينئذ سوف يكون للمسيح نسب أبوي والله تعالى أراد أن يخلقه بلا نسب. فالكلمة حمَلَها الروحُ القدس لتقوم بتبديل خلية من خلايا العذراء إلى خلية ذكورية وتغيير كودات الجينات فيها لألا يكون المسيح نسخة طبق الأصل من مريم وهو أيضا مخالف لنظام رب العالمين الموضح في القرآن نفسه في سورة الأعراف: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿173﴾. وهذا هو وجه الشبه بين المسيح وبين آدم. إن آدم كان مشتركا مع حواء في خلية أنثوية واحدة فقام الروح القدس بتغيير الصورة الثانية من تلك الخلية إلى خلية ذكورية قبل أن يتم الانفصال بالكامل ثم خلق نفسا من الروح الإلهية لآدم وخلق منها نفس حواء كما يبدو. وقد قال تعالى عن الشبه بينهما في سورة آل عمران: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿59﴾. والخلق من التراب يعني الانحدار التطوري من خلية نباتية وهو جانب الاختلاف بينهما ووجه الاتحاد هو التعرض لأمر خاص مغاير للمشيئة بأن يصير خلافا للنظام الطبيعي العام المعروف بالعادة وليس مخالفا للطبيعة في الواقع، فالله لا يمكن أن يخالف الطبيعة. وهناك سبب منطقي لكون النفس مخلوقة أصلا لآدم ولا مجال هنا لبيان ذلك السبب. وليس السبب مرتبطا بتفوق الرجل على الأنثى كما يتوهمه الرجال!
وأما الروح فهي الطاقة الإلهية الخالصة ودور الروح القدس هنا هو دور البطارية القادرة على حمل تلك الطاقة كما هي ونقلها مرة إلى أم آدم وأخرى إلى النبية مريم. وسميت تلك الطاقةُ روحا باعتباره أصل الكائنات وعمقها وباني أركانها. وأنتم تعلمون بأن الطاقة سرعان ما تتبدل بتبدل الحامل لها فإذا نقلت الطاقة الكهربائية إلى حامل مستعد للدفع فإن الطاقة الكهربائية تتحول داخل ذلك الحامل فورا إلى طاقة دفعية أو إلى ضوئية أو إلى حرارية وغير ذلك. والمفروض حمل الطاقة كما هي و الروح القدس جديرٌ به. ولعل كل الأرواح القدسية تفعل ذات الشيء في الكواكب المسكونة الأخرى في أرجاء الكون الواسع المهيب. هذا الروح هو الذي يخلق النفس الإنسانية المناسبة مع كيان الشخص المتمثل في كودات جيناته. والروح الإلهية لا يتغير مع انتقال النفوس من شخص إلى شخص كما يبدو. فمريم في الواقع هي أم للمسيح باعتبار الأمومة المتعارفة من حمل وولادة ورضاعة وغير ذلك وهي نفسها أب له باعتبار أن جيناته هي التي تم تبديلُها إلى جينات متناسبة مع شخصية المسيح الجديدة. ونحن نعرف بأن ارتباطنا بآبائنا هو باعتبار جيناتهم، فلو فرضنا أن أبي الذي توفى قبل حين وتلاشت أعضاؤه في الأرض قد عاد إلى الحياة مرة أخرى فهو دون شك سوف يأتي في جينات وكودات أخرى غير جينات والديه. ولذلك فهو ليس أبي إن جاء مرة أخرى إلى الأرض وهو ليس أبي حينما نلتقي بعد موتي في البرزخ أو في النشأة الأخيرة. وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في سورة المؤمنون: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ ﴿101﴾. وأما رسالة المسيح فهو باعتبار قابليته للنبوة مثل أمه وعدم انتهاء عصر النبوة وباعتبار حاجة الأمة إلى رسول جديد. وحينما تحتاج الأمة إلى رسول فإن الله تعالى يختار من بين الموجودين أقدرهم على استلام الوحي وهو بالتأكيد هو المسيح في ذلك اليوم لأنه كان أقوى من أمه ومن زكريا ويحيى باعتبار حمله للروح الرباني المباشر. هذا هو المسيح أخي الملحد في القرآن الذي لم يترك شيئا لم يذكره ليتبين الحقيقة ولكن بشكل مختصر متناسب مع كتاب سيد الكائنات جل جلاله. ودعنا نعود إلى إشكالك السابق فإن هذه المسألة المعقدة ليست من الهدى ولذلك لم يوضحها الله تعالى كما وضح مسألة الصوم أو مساعدة الفقراء مثلا.
ثم نأتي إلى اعتراض الأخ الملحد واكد على الصفحتين 255 و256 من كتاب موريس بوكاي. أما اعتراضك على الرمزية في القرآن فهو غير بليغ برأيي لأن الرمزية هي أحسن وسيلة للاختصار ولا يمكن لكتاب أنزل قبل 15 قرنا أن يتحدث بوضوح عن الطاقة والخلايا وجريان الالكترونات. وكما قلت فهي لبيان المتشابهات وليس المحكمات الواضحات. وأما قصة طوفان نوح فقد وقع الطوفان فعلا في مكان واحد جمع الله تعالى فيه أكبر قدر ممكن من مياه الأرض الجوفية والمخزونة ضمن السحب العلوية المحيطة بالأرض ولا يمكن أن يعم الأرض لأننا نحتاج إلى مقادير كبيرة جدا من مياه ليست متوفرة في الأرض حتى لو حول الله كل ثلوج الشمال والجنوب وهو خطير لا يأتي به الله تعالى أبدا إلا إذا شاء تدمير الحياة في الأرض مثلا. قال سبحانه في سورة الفرقان: وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَ أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿37﴾. فالغرق تم ضد قوم نوح وليس ضد أهل الأرض جميعا كما زعمه محرِّفو التوراة واتبعهم مفسرونا مع الأسف حتى مختلقو الأحاديث تأثروا بتقولات أهل الكتاب. و أعضاء قوم النبي لا يمكن أن يمثلوا كل أهل الأرض وإلا قال الله تعالى: وأهل الأرض لما كذبوا الرسل... وافتراضكم لردة الفعل الاحتمالية ضد هذا الكلام الصحيح ليست حجة إسلامية بل هي لو حصلت عمل خاطئ كبقية أخطاء المسلمين أسفا. هداهم الله تعالى وإيانا وجميع البشر. وحينما تقرأ القصة في القرآن تشعر بأن نوحاً كان يرى الطوفان بعينه وهذا يعني محدودية الطوفان. لكن المفسرين ظنوا بأن الآيات التالية من سورة الحاقة: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴿11﴾ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴿12﴾ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴿13﴾ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴿14﴾، تعني قصة نوح. وهو تفسير غير صحيح بلا ريب وقد ذكر سبحانه بأن المسألة تحتاج إلى آذان واعية لإدراكها. والحديث في الواقع عن الانفجار الكوني كما أن الحديث في نهاية الآيات عن الدمار الكوني المقبل. والجارية تعني الشمس والمياه هي مياه البحار التي فُجِّرت مع الانفجار الكوني المعروف علميا. وبدأ العلماء يشعرون بأن الكون مليء بالمياه حتى أسماه بعضهم الكون الرطب (The wet universe). فوجود هذا القدر الكبير أو الكافي من المياه تذكرنا بالتفجيرات الأولية لو أمعنا فيها. ونحن نعرف بأن الأرض عاجزة عن جذب المياه من الكواكب الأخرى فالمياه كانت في جوفها حين انفصلت من الشمس إذن. والمياه التي تتشكل خارج الشمس وبقية النجوم دائما فهي لا تعود إلى النجوم طبعا. فالمياه كانت ضمن السديم القديم المتواجد ضمن درب اللبانة وانفصلت عن الشمس حين تفاعلها الشديد ولكن قبل الشكل الفعلي لتأتي مع المقطع الذي صار أصلا لأرضنا والعلم عند الله تعالى.
وموضوع كون نوح أبا ثانيا للبشر فهو غير قرآني. والآيات التالية من سورة الصافات: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿75﴾ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿76﴾ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ ﴿77﴾ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ﴿78﴾ سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴿79﴾ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿80﴾ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴿81﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ﴿82﴾، لا تدل أكثر من أن ذريته هم الباقون من قومه. وقد ذكر سبحانه أن هناك أناسا قلائل آمنوا به، وهم ليسوا ذريته. قال تعالى في سورة هود: حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴿40﴾. وهناك مسألة كبيرة أخرى في قضية نوح أسماها الله تعالى الكرب العظيم هنا وفي سورة الأنبياء ولا مجال لشرحها هنا. لكن كل قصة نوح تدور مدار تلك المشكلة الكبرى. وأما قولكم بأن القرآن لو كان مليئا بالقصص الرمزية لكان مثله مثل الكتب المحرفة؛ فهو غير مستدل وليس هناك تشابه فعلا. ليس واضحا مقصودكم من القصص الرمزية لكنك رأيت في ما كتبته في الصفحات الماضية بعض الرموز القرآنية الدقيقة التي تشير إلى قضايا تاريخية وعلمية صحيحة. إنها تحل الكثير من العقد العلمية فهل لك أخي بأن تذكر مجموعة رموز مشابهة في التوراة المحرفة؟
وقد تعذر علي التعرف على مقصودك مما كتبته حول رأي موريس في موسى وفرعون. لكني استغربت من تساؤلك عن التعبير بالبدن الذي نجي بعد موت صاحبه وهل هذا الكلام صحيح عربيا؟ وأنا لا أدري ما هو الغلط في هذا الكلام؟ إن كل الفراعنة الذين ماتوا وانفصلوا عن أبدانهم فإن أبدانهم محنطة نجيت من التحلل في التراب. هذا هو المقصود من النجاة بالبدن، والمفروض أن يكون الموضوع واضحا لدى حضرتكم ولا داعي للتساؤل أو التعجب برأيي. ولقد عدتَ أخي الملحد تنكر وجود موسى بن عمران، فكيف تفسر وجود هذا الكم الهائل من الكتب القديمة الموجودة بيد اليهود. وهل الحفريات مسئولة عن إيجاد آثار كل الذين مضوا؟ أظن بأن اعتراضكم هذا غير علمي وأرجو إعادة النظر، مع قبول اعتذاري عن أي سوء أدب فلم أقصد إلا بيان الموضوع وإخراجه بصيغة علمية. ولا تعليق على ما ذكرته من ادعاء الأخ موريس وجود فرعونين، فالفراعنة كثيرون ولكن لموسى فرعون واحد في القرآن.
وختاما أخي الملحد أرجو أن تنظر إلى القرآن الكريم بمنظار آخر لتحتمل بأنه كتاب صحيح وبأن الله تعالى موجود وهذا كتابه. ثم تنطوي على حب الحقيقة وحب استطلاعها من كل قلبك فسوف ترى بأن هذا الكتاب مغاير للكتب الأخرى ولا تُحمِّل الكتابَ السماوي كل ما قاله المفسرون وكل ما قاله الأزهر وكل ما رآه هيئة الإعجاز العلمي وما قاله الناس عامة وحتى ما أقوله أنا فلعلي أكون مخطئا. إن بإمكان كل إنسان أن يتمسك بحبل الله تعالى فهو ربنا جميعا ويحبنا ويحب أن يكرمنا ويساعدنا فلماذا نحرم أنفسنا من دق بابه واللجوء إليه ليفتح علينا أبواب العلم والعرفان ويهدينا الطريق الأصوب ويمنحنا الخير والبركات من فضله ولطفه. إن الخطأ أخي الملحد فينا نحن المسلمين وليس في القرآن؛ والكتبُ التي تراها خطتها أيادي آبائنا وجدودنا وليس القرآن مسئولا عنها ولكم الشكر على قراءتكم لتعليقي.
أخوكم المؤمن بالله العظيم
أحمد المُهري