الخميس، ١٩ نيسان ٢٠٠٧

تهمة إزدراء الأديان ! - الكاتب: مغترب مصري

تهمة إزدراء الأديان !

إزدراء الاديان
...تطالعني هذه العبارة كثيرا هذه الأيام في بلدان عربية كتهمة مشينة تؤلب العوام كثيرا وكذلك الأجهزة الأمنيةالمتحفزة أحيانا ضد حفنة من أشخاص تسول لهم أنفسهم التحدث بما هو غير معتاد أو مقبول لجموع المتدينين فيما يخص مقدسات دينية تتحمس لها تلك الجموع على نحو عارم ,وكثيرا ما يتصف بالتعصب والافتقار لأبسط المعارف !

وتوأم تلك العبارة والذي يمهد لها سبيل المشروعية لدى العامة هو ذلك الحديث الغامض عن : " ثوابت الأمة" , التي صكها بعض أنصار التيار الإسلامي , والتي يعنون بها في ظني : "مقدسات الدين الإسلامي" تحديدا , بأكثر من غيره من الثوابت الغامضة في عباراتهم تلك؟؟!

وأظن ولعل غيري يخالفني الظن , بأن ما يسميه العوام وأجهزة الدولة البوليسية القمعية في بلادنا , بازدراء الأديان لهو إطار رحب فضفاض يتسع بمرونة شديدة لكل ما من شأنه الإنتقاص من القداسة المطلقة للمعتقد الديني , حتى ولو كان ذلك نقدا موضوعيا علميا مؤسس على الدراسة , والنظر , ناهيك عن مدرسة التأويل وفكر محاكم التفتيش الذي يكفر بالشبهة فيبيح الدم , ويقيم دعاوى الحسبة !!, فضلا عما يمكن أن يكون تجريحا مباشرا بألفاظ حادة تعكس مزاجا غاضبا !!

الكل غير مسموح به , النقد الموضوعي ..التقية الفكرية..الهجوم السافر , الكل يدخل في طائلة الإزدراء للأديان أولثوابت الأمة !!

أما وجه العجب عندي من ذلك المنطق , أن تلك الأديان التي يسمونها بالسماوية!!!!!, لم تكن يوما بمنأى عن تجريح معارضيها بالجارح من الألفاظ فهم كالأنعام , وهم خراف ضالة , وهم كالحيوانات إذا ما قورنوا بشعب الرب , وهذا أب للجهل , وذلك مجهول النسب , ألفاظ ومعان ضمتها دفتي المقدس السماوي , أو جاءت على لسان أنبيائه المزعومين , لكن لا عجب فللرب ورسله وحدهم حق الوعيد والسباب دون تعفف !!!, ناهيك عن طبيعة هذا المقدس الإسفنجية التي إمتصت الكثير من التراث الأرضي لأساطير الأولين في حضارات العالم القديم , ثم تتعالى تلك الطبيعة بنكران غريب للجميل على هذا الميراث الأسطوري فتنعت نفسها وحدها بالسماوية , المنزلة !!

ومن ثم فإن التلويح بما يسمى بإزدراء الأديان , هو عندي محض إرهاب فكري جماعي , مختل بإفتقاره للعدل والمساواة , يتسم بكذب فاضح , وهو قمع لحرية الفرد , في زمن لازال فيه الفكر الأحفوري الخرافي يشعل الحروب ويضلل ويرهب العقول , بقداسة مزيفة !!

أقول هذا القول في ذكرى مانمر به هذه الأيام , حين يواجه الشاعر المصري : " أحمد عبد المعطي حجازي " دعوى للحسبة بحجة وجود بيت للشعر في مجلة : " إبداع" التي يرأس تحريرها , رأى البعض فيه مساسا بما يسمى بالذات الإلهية , أو سجن مدون مصري شاب بذات الدعوى نفسها : " إزدراء الأديان" على الإنترنت, وهي حبات سوداء في عقد الإرهاب الفكري الديني الطويل الذي نعاني منه على نحو خاص في العقود الثلاثة الأخيرة .

مجرد دعوة لأن تتوقف هذه الأديان عن إزدراء معارضيها وإرهابهم , قبل أن يتضرر أتباعها من إزدرائها برسم أو بكلمة بصخب وضجيج ممجوج , وفي ظني أن تلك الأديان لن تفعل وإلا بترت منها بعض نصوصها , وزالت عنها قداستها الزائفة , ولست أحسب إلا أن يبادلها كثير من معارضيها بما تصر عليه من إزدراء ( بمعناه الشامل) مستحق .


تحياتي:

مغترب مصري

ليست هناك تعليقات: