الأحد، ١ نيسان ٢٠٠٧

ودوا لو تكفرون كما كفروا ... الكاتب: شيزوفرانيا

ودوا لو تكفرون كما كفروا ...

هذه هي الآية رقم 89 من سورة النساء، وهي مثل عشرات الآيات القرآنية من النوع الذي لا يمكن إثباته أو نفيه، وهذا ليس موضوعنا على أية حال، ولكن قبل الدخول في الموضوع أود توضيح مدى تهافت منطق هذه الآية وهشاشته، فبعيدًا عن كلام المفسرين الكثير فإن أصح الأقوال أن هؤلاء الكفار (المقصود بالكفار هنا هم منافقين المدينة) حسدوا المؤمنين على إيمانهم وودوا لو يكفرون مثلهم فيكونون في الهواء سواء، وذلك بغضًا وكرهًا للمؤمنين بنص ابن كثير، طبعًا المفهوم من الآية أن هذا حسدٌ من عند أنفسهم، وأن حسدهم أدى لتمنيهم للطرف المحسود الكفر على اعتبار أنه شئ سئ، والإشكال في الآتي:

- أولاً الإيمان مجاني ومتوفر ولا يستوجب الحسد، فما أسهل أن يسلموا، وهو ليس مثل المال مثلاً الذي لا أستطيع الحصول عليه فأتمنى لصاحبه الفقر، والحسد لا يكون فيما يمكنني الحصول عليه.

- عندما نتحدث عن معتقد فمن البديهي أن كل فئة بما لديهم فرحون مثلما قال القرآن في موضع آخر، إن الطبيعي أن يعتنق الإنسان ما يظنه صحيحًا، وفي هذه الحالة يراه خيرًا مطلقًا، فلا يمكن أن يتمناه لمن يبغضهم.

- الآية بها ضمنيًا تعميم مخل يتهم فئة كاملة رفضت الإسلام بأنهم يعرفون أنه الحق ولا يريدونه لسبب أو لآخر، وهذا الاتهام إقصائي وشديد السخف، فلا يوجد من يؤمن بأنه سيتعذب أبديًا ويقبل بذلك من أجل أسباب عرضية، هذا الخطاب التضليلي يشبه أطروحات الحكومات العربية الموجهه للبسطاء بغرض تسريب مفاهيم خاطئة لأسباب أخرى.

ولكن لماذا هذا الكلام الآن؟ هذه الآية يستخدمها البعض ليدلل على صدق القرآن بتوظيفها أثناء النقاش معنا للاستشهاد بها على أننا نود له أو لفئته الكفر كي نكون سواء، وبرغم ما تحمله مبطنًا من سوء الأدب واتهام للنوايا إلا أنها خطأ فادح أيضًا، واسمحوا لي أن أستعرض بعض الأحداث كشاهد، وشهادتي هذه سأجد عليها الكثير من الشهود منكم أنفسكم ممن عاصروا نشأة هذا المنتدى ومنتدى اللادينيين العرب.

كل يوم يغير الكثير من البشر معتقدهم، ويتحولون من دين لآخر أو من الإيمان للإلحاد أو العكس، وهذا ليس مستغربًا، ولكن على مدار السنوات الخمس الماضية لم أشاهد غير حالات نادرة من التحول من الإلحاد للإيمان، في حين خبرت بنفسي عشرات الحالات من التحول من الإيمان إلى الإلحاد أو اللادينية، فمثلاً لا أذكر غير واقعة واحدة لإسلام ملحد كان مثقفًا ومدافعًا عن الإلحاد، وهو الزميل داروين الذي سمى نفسه بعد إسلامه الجاحظ، وهنا نرى الآية واضحة جلية ولكن هذه المرة تنطبق على المسلمين الذين ملأوا الدنيا صياحًا لإسلام ملحد، إنهم يودون لو يكفر الملحد بالإلحاد كما كفروا به فيكونوا سواء، وكنوع من الشماتة فتح أحد الزملاء المسلمين موضوعًا في منتدى اللادينيين العرب لتبشير الملحدين بإسلام داروين، ورد فعل الملحدين كان التشكيك ثم تمني الخير لداروين إن كان هذا هو اختياره، بالطبع لو حدث العكس لما سمح أي منتدى إسلامي من الآلاف بطرح مثل هذا الموضوع، ولو حدث لانهال الأخوة على الذي اختار الإلحاد بالسب والشتم والوعيد والتهديد باللسع بالنار، هم الذين يفرحون ويهللون للحالات النادرة لإسلام ملحد، في حين أن من يلحد وهم أكثر مما تتصورون لا نسمع من يهلل لهم في المنتديات أو يفرح بتركهم للخرافة وتحرير عقولهم.

لقد تابعت الزميل العزيز مستخدم العقل من أول موضوعاته وهو مسلم شجاع لديه تساؤلات يطرحها بكل بساطة على طاولة التشريح في منتدى اللادينيين ومنتدى التوحيد على حد سواء، والآن وقد اتجه للادينية أو الإلحاد لا أعلم لم يهنئه أحد حتى، فهذا فكره وليس حذاءًا جديدًا يشتريه، والزميل akhoder من منكم يعلم أنه لم يكتب في منتدى اللادينيين العرب كلاديني أبدًا؟ لقد تشرفت بمناقشته في أكثر من موضوع هناك وهو مسلم يدافع عن معتقده، فمن هلل لإلحاده أو لادينيته؟ وغيرهما الكثير الكثير، ولكن هذا لم يكن محور اهتمام الملحدين أبدًا، فالحقد والغل والإقصاء وظن الإطلاق فيما أعتقده هي مفاهيم يدعمها الدين ويربي أهله عليها ويتهم بها مخالفيه.

ليست هناك تعليقات: