تحية طيبة للجميع ..
...................
حاجة العقل إلى معرفة الحقائق الكبرى في الوجود ...
نشوء الأديان إستجابة لتلك الحاجة التي هي أم الإختراع !
الانسان .. ذلك الكائن المدهش بوعيه .. والمتمرد دوما على حقيقة مفزعه تلصقه بالفناء .. المغرور غالبا بحصيلته المعرفية والحضارية .. والعطش دوما للوجود .. كما تنصل عن جوهره الانساني ليسبغه على كائن علوي متماهي الاطلاق .. ايضا حول رغبته القديمة والاصيلة في الخلود الى جنة ونار .. الى حياة اخرى تفنن في وصفها ورسم ملامحها .. وسمح لغروره ان يصور نفسه على انه مركز هذا الوجود .. واختلفت تلك المشاهد باختلاف المكان والزمان .. وايضا على مدى قدرة الوعي البشري على التخيل وتعاطي الخداع ..
لماذا نشأ الدين وما هي الحاجة البشرية لوجوده ..
ان العامل الاهم والاشمل هو ان مقولات الدين وتصوراته هي انعكاس اصيل ومطلوب لتساؤلات النفس البشرية ذاتها .. سواء في علاقتها مع الوجود او علاقتها مع غيرها من الذوات .. او حتى في طريقة تعاطيها مع نفسها .. لذلك تجد الدين هو تلك الفكرة المطاطة والوعاء المرن الذي يتمدد ليتسع لكل شيء واي شيء .. الكون وعلومه .. الاخلاق .. الماضي والحاضر والمستقبل .. وغيرها .. وغيرها
من زاوية أخرى اعمق .. فان الدين بوصفه اتصال علوى من قبل كائن اعلى مفارق ولامتناهي الاطلاق هو انعكاس آخر لجوهر الانسان .. ذلك الجوهر الذي تمت صياغته والاعلاء من مفرداته من قبل في صوره الاله .. وكما جسدت صورة الاله فكرة الانسان عن نفسه .. جسد الدين محاولات ذلك الانسان لوضع اجوبة لتساؤلاته الوجودية المؤرقة ..
لم يمت الله بعد يا نيتشه .. لكنه حتما في طريقه للفناء ..
قد يكون الدين قد حافظ على استمرارية وجوده .. الا انه بالتأكيد لم يحافظ على قوة وتأثير ذلك الوجود .. فالاضطراد المعرفي الموازي للتطور الحضاري البشري قد نجح في سد العديد من الثغرات التي كان يضلع بها الدين .. وكانت المفاجأة الغير سعيدة لأهل السماء ان تلك الاجابات البشرية في صميمها والتي هي منتوج للوعي والعلم جاءت مغايرة بل ومناقضة غالبا للمقدس .. مما يؤكد على وجود مساران متقابلان احدهما صاعد والاخر هابط .. يصعد الاول مع كل نظرية علمية او اكتشاف عقلي انساني يتم اضافته للتراكم الحضاري البشري .. فيهبط الثاني بضرورة حتمية متدرجا نحو الفناء !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق