الجمعة، ٧ أيلول ٢٠٠٧

وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ "لماذا" - الكاتب: حيران محتار



نَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ

نفهم من ذلك أن جميع الأمم السابقة قد آتاها (نذير) لتقوم الحجة عليهم


لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ

نفهم من ذلك أن العرب لم يأتهم نذير قبل (محمد) لذلك فلا حجة عليهم طوال السنين التي سبقت (مبعثه)
والدليل ما يلي:

وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

لماذا خلق (الإله) بشرا طوال الفترات السابقة لبعثة محمد لا يعبدونه حق عبادته ولم يرسل إليهم نذير ؟
لماذا تركزت النبوات في أماكن معينة وبالتوارث ولم يكن هنالك نبي واحد قبل محمد لهؤلاء ؟

إن كانت الحكمة من خلق الإنس والجن هي العبادة؟ وكانت الوسيلة لايصال الرسالة هي الأنبياء وكان الأنبياء هم من يدعون لعبادة الإله فكيف نفسر أن يبقى هؤلاء لقرون عديدة بدون (نذير) ؟

لعلنا نستأنس بهذه الرواية :
117273 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة .
الراوي: جابر بن عبدالله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 335

هناك تعليق واحد:

Ahmad Mohri يقول...

الأخ الملحد حيران مختار
لا أظن بأن الذي أتى بالقرآن كان يجهل أن كل الأقوام والأمم لم تستلم نذيرا. إن محمدا جاء في زمان يخلو فيه النذر بطول 600 عام وكلهم يعرفون ذلك. لكن هناك حقيقة قرآنية يجهلها عامة المسلمين مع الأسف. هي في الواقع حقيقة معروفة لدى كل الأنبياء وكبار أصحابهم ولكن ناقلي أخبارهم يجلهونها مع الأسف. وأنا باختصار أوضحها قرآنيا. يقول سبحانه في سورة هود: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴿117﴾ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿118﴾ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿119﴾. وشاهد كلامي هو مقطع ولذلك خلقهم. وهو يعني بأن الله تعالى خلق البشر ليرحم لا ليعذب كما يتراءى لكم. والسر في التهديد والإنذار هو أن العدالة التي كتبها سبحانه على نفسه تفرض عليه أن يعذب الذين هم كافرون جاحدون للحقيقة والذين ظلموا بني جنسهم، ليميز بينهم فلا يكون ظالما للطيبين. ولذلك لم يقدر الله تعالى إرسال نبي لكل مكان وكل زمان. نحن اليوم نعيش زمنا فارغا من النبوة. يقول سبحانه في سورة الفرقان: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلاّ كُفُورًا ﴿50﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ﴿51﴾ فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴿52﴾ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴿53﴾ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴿54﴾ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ﴿55﴾ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿56﴾ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إلاّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴿57﴾ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴿58﴾. أرجو أن تدققوا النظر في هذه الآيات الكريمة فإنه سبحانه يوضح فيها بأنه يمكنه أن يبعث نذيرا في كل قرية ولكنه يريد أن يذكرهم فقط. والمقصود من التذكير هو التذكير بالعهد الطبيعي للبشر. ثم يختم كلامه بأنه كفي خبيرا بذنوب عباده. وبهذه الجملة يخرج الرسول فعلا من كونه مرجعا للمجازاة بأي شكل كان.
ونظامه الذي نستنتجه من القرآن هو نظام أخذ النماذج من البشر فقط. فالذين عاشوا مع رسول الله مؤمنين به وبكتابه ليسوا خيرا من الذين سبقوهم من آبائهم ولا من أبنائهم. فلو كان آباؤهم موجودين فلعلهم يؤمنوا بالنبي أيضا. والذين آمنوا لم يكونوا على وتيرة واحدة من الإيمان وليس في القرآن آية واحدة تدل على أن صحابة الرسول أو بعضهم مبشرون بالجنة. وما يقوله المحدثون مرفوض قرآنيا لأنه سبحانه قال لنبيه في سورة الأحقاف: قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿9﴾. فهو لا يدري مصيره فكيف بمصير أصحابه. هذا مثل قولهم الساذج بالشفاعة والشفاعة مرفوضة في القرآن جملة وتفصيلا. والله تعالى يسمي النموذج شاهدا حسب تعبير العرب أيام نزول القرآن. وتطبيق الناس على نماذجهم في يوم القيامة موضح في سورة مريم حيث يتم ذلك بصورة يقل معها الداخلون في النار ويكثر المغفور لهم. والسبب في ذلك أنه سبحانه لا يحب أن يعذب عبيده باعتقادي والعلم عند الله تعالى.
وأما قول الملائكة فإن صحابة الرسل هم أكثر الناس نسبيا دخولا في النار باعتبار أنهم نماذج حضروا الوحي ولا يمكن التساهل معهم وأحتمل بانهم هم المخاطبون في النار. ثم إن الله تعالى يبعث بالنذر غير الرسميين دائما بين عبيده. ولطالما كان لكلام ملحد تأثير إيجابي في قلب إنسان ليؤمن بربه ولطالما رأينا ملحدا تأثر بالقرآن أو بأي كلام آخر من أحد الناس واهتدى. ثم إن القرآن هو على رأس النذر وقد سماه الله تعالى رسولا كما في سورة الطلاق: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴿10﴾ رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ.... فالقرآن هو الذكر المنزل وهو الذي يعلم الناس آيات الله بتفصيل. والله تعالى لا يمكن أن يظلم الذين خلقهم بقدرته فهو يطالب كل فرد بما آتاه من علم ومال وليس بما لم يؤته. ولا أستبعد أن أرى يوم القيامة أناسا عاديين لم يؤمنوا ولم يسلموا ويدخلون الجنة باعتبار أنهم فعلوا بمقدار علمهم وليس مطلوبا غير ذلك. واطمئن يا أخ شاكوش بأن الذي أنزل القرآن هو ليس محصورا بربوبية العرب بل هو رب الهندي والصيني والأوروبي والأمريكي و كل الناس.
وليست الحكمة من خلق الجن والإنس هي العبادة بل هي شيء آخر. والآية التي تقول: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون لا تتحدث عن الحكمة بل تتحدث عن الأمل. إن الله تعالى بلطفه يأمل أن يعبده الناس ليستحقوا دخول الجنة. إنه لا يستفيد شيئا من قيام الناس بعبادته ولكن الذي يعبده هو يثبت خضوعه للحقيقة. ولا يطالب الجاهل بالعبادة بل يطالبه بكسب العلم قبل كل شيء والعلم عند الله تعالى.
أحمد المُهري