الخميس، ٢ آب ٢٠٠٧

اطروحة حول الاصول التاريخية للعرب - الكاتب: Enki

اطروحة حول الاصول التاريخية للعرب

تحذير


اذا كنت من اولئك المنغلقين فكرياً او القوميين او المؤمنين المتعصبين الذين يرون انهم انحدروا من اصول ملائكية وان اجداده كانوا ملوك على العالم وغيره من نظريات صبيانية توفيقية لامعنى لها ولاتنسجم الا مع الاحلام الوردية وحزب السلطان واعوانه، فهذا الموضوع ليس لك...رجاءاً اقفل الصفحة وتقبل اسفنا


من اين انحدر العرب؟
هذا السؤال ربما يكون سخيفاً اذا سألته لاي عربي مؤمن بالديانة الاسلامية اوحتى اليهودية والمسيحية، فمن السهل على المؤمن ان يخترع اي جواب فيقول انه انحدر من قحطان او عدنان او حتى زيدان وان هناك العرب العاربة احفاد يعرب والمستعربة احفاد ابراهيم !

اننا كملحدين وقبل كل شيء كمفكرين احرار لانقنع بمثل هذه الاجوبة التي كتبت بعد زمن طويل على وجود العرب من اجل المباهاة بنسب مزيف واصول لا حقيقة لها ولاواقعية، من غير الممكن ان نصدق ان كل العرب انحدروا من رجل واحد !

ان هذا الكلام شبيه بكلام المؤمنين حول ادم وحواء وكيف ان البشر كلهم يعودون الى ادم وحواء ! ان تلك النظريات التي تعيد الشعوب الى رجل واحد وجد مشترك واحد هي في اغلب الاحيان نظريات مزيفة ومثل هذه النظريات لم يعد لها مكان في القرن الواحد والعشرين.

ان هذا المقال يبحث في الاصول التاريخية الضاربة في القدم للعرب، تلك التي لم يذكر لنا التاريخ منها اي شيء ولايوجد اي مصدر ينير لنا طريقنا لمعرفتها، اننا نتحث عن احداث تتراوح فيما بين بداية فجر الحضارات في العراق وسوريا وحتى بداية اول ذكر للعرب في القرن الثامن قبل الميلاد.

مقدمة لابد منها

تجري نظرية التطور باتفاق وانسجام مع قوانين الثرموداينمكس والتي تخبرنا ان الحياة تتطور لتملأ كل "فراغ" محتمل، وكمثل من يصب الماء في الاناء فينتشر الماء مالئاً الاناء كله، ولهذا السبب نجد هذا التنوع الهائل في مايخص الكائنات الحية.

ولعمري ان كان هذا يصح بالنسبة للتطور البيولوجي فانه يصح بالنسبة للتطور الاخلاقي والاجتماعي ففي كل مجتمع نجد ان الناس يمتهنون كل حرفة محتملة بالنسبة لحاجيات مجتمع معين، فانت تجد الخباز والبناء والمعلم والشرطي ومهما كان المجتمع الذي نتكلم عنه فان من المستحيل ان تجد حرفة ضرورية لذلك المجتمع لايمتهنها احد.

يخبرنا قانون مورفي انه اذا كان هناك فرصة لتنفيذ شيء ما بصورة سيئة وخاطئة فان هذه الفرصة تتحقق ! فمثلاً عندما ترى طريقاً زلقاً فان هناك احتمال ان يتسبب هذا في حادث مروري ! وغالباً ماترى انه بالفعل يحدث هذا الحادث !...اذا كانت هناك ثغرة في القانون فمن المحتمل ان يستغلها الاستغلاليون ..وهكذا تجد عشرات الوف الناس يستغلون الثغرات القانونية !

اذن نحن لانتحدث عن كائنات مثالية بل نتحدث عن بشر مجبولين على التنافس والطمع والحسد والاستغلال والتسلق على ظهور الاخرين وهذا طبع انساني يكاد لاينفك عن اي انسان مهما حاول انكاره ! فمثلما تكون هناك حرف مفيدة قياساً للمجموعة فان هناك حرف تضر بهم ولابد ان تجد في كل مجتمع من يمارسها لان الفرصة محتملة لمثل هذا الاتجاه، فتجد في كل مجتمع اللصوص وقطاع الطرق والقتلة وغيرهم.

الانسان يسن قوانين عرفية

وقد ادرك الانسان البدائي مقدار الضرر المترتب من وجود لصوص فسعى لحماية نفسه بنفسه ممن يحاول ان يسرق ثرواته او يقتله او يهدده او يطرده، ومع تطور الوعي البشري وظهور اول اشكال الحكومات بشكل حكيم القرية او الشامان وقوته التنفيذية المتمثلة باقوى رجال القرية، ظهرت اولى القوانين العرفية التي تحاول ان تحافظ على حقوق الافراد بصورة جزئية او كلية، ومع تزايد الوعي البشري وظهور الحضارات بصورة واضحة ازداد دور الدولة في احتكار القوة لنفسها فبدل ان تكون القوة التنفيذية لحماية الفرد هي الفرد نفسه تطورت الى جهاز امن الدولة المتمثلة بالشرطة والجيش ومؤسسات الدولة المعقدة.

الطرد عقوبة المخالفين

وفي زمن غلبت عليه الاحكام العرفية ولم يتوفر فيه على سجون، كانت العقوبة التقليدية للخارج عن القانون هي النفي من المدينة ان لم تكن القتل في احيان اخرى. وهنا نجد ان اللصوص كانوا يعسكرون بشكل جماعات خارج المدن متخذين من طوبوغرافية المنطقة ملاذاً طبيعية لهم مثل الكهوف والجبال والاهوار ومن يقرا التاريخ يجد ان مثل هذه المناطق شكلت على مر العصور ملاذاً للمطرودين سواءاً كانوا لصوصاً او ثواراً. وكان هؤلاء ينتظمون في مجموعات ويهاجمون المدن او الطرق الواصلة بينها على حين غرة ويسلبون منها ما يمكن سلبه، ولاننسى هنا ذكر قطاع الطرق من المبتزين الذين كانوا يفرضون ضرائب مالية على القوافل في مقابل مرورها.

الدولة والخارجين على القانون

ومع تزايد مركزية الدولة بظهور الحضارات الاولى في العراق وسوريا ومصر بدأت الدولة تشن الحملات للقضاء على قطاع الطرق واللصوص المنتشرين على اطراف المدن، مما دفع بهؤلاء امام قوة الدولة وحسن تنظيم جنودها الى التوغل اكثر واكثر في الجبال والاهوار واعماق الصحاري. فحينما تكون الدولة قوية فان المتمردين والمنبوذين والمطرودين واللصوص وقطاع الطرق والمهرطقين وغير المرغوب فيهم كانوا يندفعون نحو العمق في المناطق الغير مأهولة وذات الطبيعة الصعبة الوصول من قبل الدولة وحملاتها العسكرية. وحينما تضعف الدولة وتفتتها الانقسامات وتضعف سيطرتها على المدن فان هؤلاء المذكورين سابقاً يزداد قربهم من المدن...بل في بعض الاحيان تجدهم يستقرون في المدن وينخرطون في الحياة المدنية ولو بعد حين.

وهكذا نلاحظ نوع من المد والجزر في مناطق استيطان المطرودين فحينما تقوى الدولة فهم يبتعدون جداً عن المدن باتجاه اعماق الصحراء والجبال والاهوار، وحينما تضعف الدولة يحدث نوع من الهجرة العكسية من الصحارى الى المدن، يروي دكتور علي الوردي في لمحاته الاجتماعية كيف عانى العراق من هذه الظاهرة في القرن الثامن عشر حينما كانت الحكومة التركية ضعيفة السيطرة على مناطق جنوب العراق فقد كانت القبائل العربية الساكنة في الجزيرة تندفع باتجاه شاطيء نهر الفرات وتتخندق وتكمن للقوافل النهرية من سفن وغيرها والمارة في نهر الفرات وتفرض عليها ضريبة مالية مقابل مرورها سالمة، بل ان الكثير من هذه القبائل استوطنت العراق فعلاً والتحمت مع البيئة العراقية وصارت جزء منه وماتزال الكثير من هذه القبائل موجوداً.

ولعمري فان التاريخ يعيد نفسه وماحدث في العراق في القرن الثامن عشر حدث ايضاً في قديم الزمان فالانسان هو الانسان لايتغير ابداً الا بالدرجة لا في النوع. وكانت الحكومة التركية في ايام قوتها تقوم بحملات عسكرية للقضاء على قطاع الطرق واعادة الامان لها وحينها ترجع القبائل وتتقهقر عائدة الى الصحراء والاهوار وغيرها من المناطق.

فهم خاطئ لمجتمع اللصوص

الكثير من الناس حينما يسمعون لفظ لص او قاطع طريق، يـُخيل اليهم صورة الاربعين حرامي في قصة علي بابا فيتصورون مجموعة من الرجال المتجهمي الوجوه الذين يحملون السيوف يلوحون بها في وجه ضحاياهم ثم بعد هذا يقتلون بعضهم بعضاً بسبب الخلاف على الغنيمة !!! ان هذه القصص التي اعتدنا سماعها قبل النوم عندما كنا اطفالاً او نشاهدها في السينما العربية لا حقيقة لها ولاواقع على الاطلاق الا نادراً، ان القارئ المحترم يجب ان يعرف منذ الان ان الحياة الواقعية ليست فيلم سينمائي ينتصر فيه البطل ويحصل على الفتاة الجميلة، ان الحياة لها قوانينها الخاصة التي يفلح من يتعرف عليها ويفهمها.

قلنا فيما سبق ان الحياة تنمو بحيث تأخذ كل شكل محتمل، فمن غير المعقول ان يكون عندك مجتمع ذكوري قاس مثلما يتخيل العجائز والسينمائيون، فهؤلاء الذين سكنوا خارج المدن شكلوا مجتمعاً صغيراً فيه النساء مثل ما فيه الرجال ولهم تشريعاتهم من القوانين العرفية، نحن نصور اللصوص بشكل سخيف جداً فزعيم العصابة يجب ان يكون على درجة عالية من الشر ...بل هو الشر نفسه في شكل انسان ! واي انسان يخالفه يكون مصيره الموت ! طبعاً مثل هذه التصورات تنفع في حال تصور مجرمي المدينة لا لصوص العصر القديم او العصابات القديمة او لنقل المجتمعات التي تمتهن قطع الطريق واللصوصية او اولئك المهرطقين والمنبوذين لاسباب عرقية او اخلاقية.

مميزات المجتمع القبلي

ان اهم مايميز هكذا مجتمع هو ذاك التناقض في تصرفات الفرد فالفرد على الرغم من كونه قاسياً تجاه عدوه وتجاه من يسلبه ماله ونفسه فهو مع هذا شديد الرحمة مع بني جلدته من افراد المجتمع الاخرين لانه يعلم ان بقائه واستمرار وجوده مرتبط في قوة التحامه وتآزره مع باقي الافراد في قبيلته الصغيرة والا لو تفرقوا فسيكون القضاء عليهم سهلاً جداً فالانتماء يعني بالنسبة له الحماية والبقاء وهو هنا مدفوع ذاتياً رغبة منه في البقاء الى نصرة اخيه في القبيلة فتجده يدفع عن قبيلته ويتابعها ظالمة او مظلومة ويحن وينحني رحمة وحبا وعطفاً لابناء قبيلته ... وفي نفس الوقت يقتل ويسلب ويبصق في وجه من يريد سرقته دون ان تطرف له عين، نحن لانلومه فهذه هي طبيعة من يعيش في مثل هكذا بيئة فهو يسرق ويقطع الطريق ويغزو المدن من اجل ان يعيش !

ماذا يقول الباحثون؟

الباحثون التاريخيون في اصول العرب ينقسمون الى طائفتين: الطائفة الاولى ترى ان اصل سكان الجزيرة العربية هو اقوام شمال الجزيرة (العراق وسوريا) ومصر بينما الطائفة الثانية ترى العكس، اي ان اصل سكان شمال الجزيرة العربية هو عرب الجزيرة العربية، وكل طائفة منهما متعصبة لرايها وتستشهد بادلتها العقلية والنقلية مما نقل عن فلان الفلاني من اشعار وخطب تهدف الى ارجاع العرب الى الشخصيات المشهورة في الشام والعراق او الجزيرة العربية ! والطائفة الاولى تنكر على الطائفة الثانية رأيها قائلة انه اذا كان اصل شعوب شمال الجزيرة هو الجزيرة نفسها فهل من المعقول ان هذه المنطقة كانت فارغة من السكان؟ وبالمقابل فان الطائفة الثانية تنكر على الاولى قائلة ما الذي يجبر الناس على ترك السهول والانهار والذهاب الى الصحاري القاحلة؟

لقد غاب عن هؤلاء ان كلا الرأيين صحيح لانه في ظل حركة المد والجزر في الاستيطان فانك تجد ان بعض عرب الشمال ينحدر من الجنوب وبعض عرب الجنوب ينحدر من الشمال وستجد تأكيد على ان اصل هؤلاء من اولئك واولئك من هؤلاء !

من يخسر الصراع يسكن الصحراء

نعم ! هناك ما يجبر الانسان على ترك السهول والانهار والهجرة الى الصحراء واهم عامل هو الطرد من المدينة لاسباب عديدة منها الاسباب الدينية مثل تهمة الهرطقة حيث نجد العديد من الرهبان الذين طردتهم الكنيسة بتهمة الهرطقة قد سكنوا الجزيرة العربية هرباً من ملاحقة الكنيسة وقد يكون سبب الطرد اخلاقي او اجتماعي وما شابه ذلك من اسباب مثل اللصوصية وقطع الطريق والخروج على الملوك...الخ

عرب مكة

من ينظر الى الاصول التاريخية لعرب مكة، يجد انه اهل مكة بدؤا حياتهم السياسية كمجموعة من قطاعي الطرق يفرضون على القبائل المارة من الشمال الى الجنوب وبالعكس مقداراً معيناً من المال لقاء مرورها سالمة ومن عجب ان المؤرخين حتى يحفظوا بياض وجه مكة زعموا ان هذا المقدار من المال هو في حقيقة الامر لقاء حماية القافلة من قطاع الطرق الاخرين المنتشرين على طول طريق القوافل !

من صفات العربي القديم

لم يكن الامر مقتصراً على اهل مكة فقد كان الغزو من الامور المقدسة في تاريخ العرب ومما تفخر القبائل بذكره من ايام تاريخية هجموا فيها على غيرهم وسبوهم ونهبوا اموالهم...لقد كان تاريخ العرب في بدايته تاريخ اسود كالح ...تاريخ حفنة من المطرودين من المدن لجرائم اخلاقية راحوا يسكنون الصحراء ويقطعون الطريق ويقتل بعضهم بعضاً ممجيدن شعارات الغزو والشجاعة والاقدام، وكما قلت سابقاً فان العربي كان يتحلى الى جانب هذه الصفات بصفات الكرم والمروءة والنخوة وغيرها من "مكارم الاخلاق" بمفهوم البدو لمكارم الاخلاق ! ان العربي كان كما يقول القرآن "اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين" فالعربي يرى في انتماءه الى القبيلة ملاذاً وحماية من الاخر الذي قد يسلبه ماله وحايته لو عاش وحيداً في الصحراء فهو يفخر ويمجد قبيلته ولو كانت اعتى القبائل ظلماً وعدواناً وكما قال دريد بن الصمة:

وهل انا الا من غزية ان غوت...غويت، وان ترشد غزية ارشد

ولكنه شديد البأس على اعداءه ممن لاينتمون الى قبيلته فلايجد حرجاً في قتلهم وسلبهم والفتك بهم واغتصاب نساءهم، وسيأتي محمد في مابعد ويستثمر هذه الخاصية فيغير اتجاه سيف العربي من القبائل العربية الى شمال الجزيرة حيث الغنائم الوفيرة والاراضي والنساء وماتهفو اليه نفسه.

استغلال محمد لاخلاق اهل القبائل

ان محمد لم يغير اي شيء من اخلاق العرب بل ظلت نفس الاخلاق ونفس التعصب فهو يأمرهم ان يحبوا بعضهم كقبيلة واحدة اسمها قبيلة الاسلام وكره غيرهم والفتك بهم وقتلهم بلا رحمة يعني ان محمد لم يقم بعمل خارق بل كل مافعله هو انه وجه العرب نحو عدو جديد بعد ان كانوا يوجهون حرابهم نحو بعضهم البعض.

ملخص القول

ان الانسان الحديث وفق نظرية التطور ظهر في شمال افريقيا والشرق الاوسط وقد سكن المدن اولاً وهناك بدأت اولى التنظيمات الاجتماعية وبدأ مفهوم "مع الجماعة" و "ضد الجماعة" ومنه صار هناك منبوذين وخارجين عن القانون من المهرطقين واللصوص وقطاع الطرق ممن توغلوا في الصحارى والاهوار والجبال وغيرها من المناطق هرباً من ملاحقة الدولة وفي تلك المناطق الصحراوية التي شكلت ملاذاً للهاربين ظهر العرب لاول مرة في تاريخهم ولا انس ان اذكر ان كلمة عربي تعني ساكن الصحراء واقدم ذكر للكلمة هو في احدى المسلات الاشورية التي تصور احدى حروب الملك شلمنصر الثالث حيث ذكر حربه من اقوام سماهم العرب وكلمة عرب باللغة الاكدية تعني ساكن البادية او الصحراء ولانزال حتى هذه اللحظة في العراق نقول عن البدوي بانه عـُربي !

الى كل متشكك

قلت سابقاً اننا نبحث لسبر اغوار احداث لم يذكر لنا التاريخ منها شيئاً وتعود الى مايزيد عن سبعة الاف سنة، وامام هذا لابد لنا من استخدام منهج مغاير لكيما نفسر الاصل التاريخي للعرب، ان عملية التفسير تعني ان نستطيع الاجابة عن السؤالين: لماذا هناك عرب؟ وكيف جاء العرب (لماذا وكيف) اما السؤال الاول فيسهل الاجابة عليه في ظل نظرية التطور لان الحياة في الصحراء امر محتمل ولما كان محتمل كان لابد ان يكون هناك حياة، اما عن الكيفية التي نشأ بها العرب فنحن لانرى اختلاف بايولوجي بين العرب وغيرهم فليس هاهنا مجال لنظرية التطور البايولوجية ولكن المجال هو لنظريات التطور الاجتماعية وللنظريات التي تفسر حركة التاريخ والصراع الانساني مع الانسان ومع الطبيعة، ولعل اسهل الطرق للحصول على جواب هو الدراسة المقارنة مع حدث مشابه حصل في التاريخ المنظور من تلك الاحداث التي نطمئن لصحتها ونرى انها تتكرر دائما طوال التاريخ، ويأتينا التشابه مما كان يحصل في العراق وسوريا خلال فترة القرون الوسطى وحتى العصر الحديث من حركات مد وجزر في الهجرة من والى الصحراء العربية، ان مثل هذا التفسير نراه ينطبق على الكثير من الشعوب التي نعلم الى درجة مقبولة كيف ظهرت بسبب قرب الزمن الذي ظهرت فيه...فكيف ظهر الشعب الامريكي؟ نعلم ان هذا حدث عن طريق الهجرة...هجرة اللصوص والمحكومين والمنبوذين والمهرطقين ممن طردتهم الكنيسة والباحثين عن الذهب والحياة الجديدة وكل رافض لواقع الحياة الاوروبية الى امريكا ! وهذا ماحصل للعراق وسوريا طوال فترة القرون الوسطى وهو كما رأينا ناموس بشري اجتماعي قد يحصل في كل مكان وزمان ومنها الصحراء العربية في قديم الزمان.

استدراك وتذكير

وهذا يا احبائي هو اصلنا...وكوننا ننحدر من حفنة من قطاعي الطرق فان هذا لايقلل من انسانيتنا شيئاً مثل ما ان رجوعنا مع القرود الى جدو القرد الاكبر لاينتقص من انسانيتنا شيئاً، بل انه يكون حافز لمن يريد الحقيقة في ان يبني لنفسه حاضراً يغنيه عن الفخر بالاجداد والماضي السحيق من تاريخ لم يجلب لنا سوى الموت والدمار.
وقد صدق معروف الرصافي حين قال (لنردد كلنا معه):

أرى مستــقبل الأيـــام أولى........بمطمح من يحاول أن يـسودا

فمـــا بلغ المقاصد غير ساع........يردد في غــد نــظراً ســـديدا

فوجه وجــه عزمك نحو آت.........ولا تلفت، إلى الماضين جيدا

وهل إن كان حـاضرنا شـقيا.........نســود بــكون ماضينا سعيدا

تــقدم أيهــا العـربي شــوطا.........فإن أمامك العيـش الرغــــيدا

وأســس في بنائـك كل مـجد.........طريف، واترك المجد التليـدا

فــشر العالمـين ذوو خــمول........إذا فاخـرتهم ذكروا الجــدودا

وخير الناس ذو حسـب قــديم........أقام لنـــفسه حـــسبا جــــديدا

تراه إذا ادعى في الناس فخرا.........تـقـــيم لـه مكارمه الشهــودا

فــدعني والفـــخار بمجد قوم..........مضى الزمن القديم بهم حميدا

قد ابتسمت وجوه الدهر بيضا.........لـــهم، ورأيــنا فعبــسن سودا

وقــد عهدوا لــنا بتراث مـلك.........أضـعنا في رعايــــته العهودا

وعاشــوا سادة في كل أرض.........وعشـــنا في مواطنـنا عبـــيدا

إذا الجـــهل خيــم في بــــلاد.........رأيت أسودها مســـخت قرودا


تحياتي لكم جميعاً.

هناك ٣ تعليقات:

Ahmad Mohri يقول...

كتب أحمد المُهري
أخي الملحد ENKI
قرأت بعض كتب المرحوم الدكتور علي الوردي واستمتعت كثيرا بتحليلاته التي تدل على دقته في التفكير والتأمل ومحاولاته الجادة لاستكشاف حقائق الماضي من آثارهم ومن التاريخ الذي لا يمكن أن يكون صحيحا أبداً. إن التاريخ المدون كله مكتوب بدواة الملوك وأصحاب المصالح ولو تفتح أي تاريخ عربي معروف تراه يبدأ من خلق السماوات والأرض إلى خلق آدم وحواء وكأنهم حضروا هذه المشاهد التي لا نجد لها مثالاً في ما رآه البشر في عصور التدوين. وهذا يكفينا لمعرفة مدى صدقهم المسلوب ولليقين بطغيان الكذب والافتراء على التأريخ الذي قدموه لملوكهم سعياً لإرضاء نفسياتهم الضعيفة التي تريد خلق أمجاد مزورة لها من أخبار جدودهم ليضعفوا لهم العطيات. وبالطبع فإن كثيرا ممن مضى إن لم يكن كلهم، بعيدون كل البعد عن الأمجاد. ولو نفتح عيوننا قليلا لنحلل هذه الأمجاد كما فعله الدكتور الوردي لنرى بأنها تعسفات ومثالب وليس أمجاداً. وأي مجد هو حكاية القتل والسلب والنهب واغتصاب أخواتهم من البشر ونفي إخوانهم ومحوهم من الوجود، يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم ويسرقون جَناة غيرهم ويهلكون الحرث والنسل لإشباع غرائزهم الشريرة ولإرضاء نفوسهم الشرسة التي تهون أمامها شراسة السباع والأفاعي السامة؟

ورأيت أنك مهتم بشخصية الرسول العربي محمد بن عبد الله بأن تعيز إليه التقدم المشهود في الفترة التي توسع فيها العرب وخاصة قريش ومن بعدهم المسلمون الأتراك في أتون المدن والدول المحيطة بالعرب والتي كانت فيما قبل تحكم المنطقة العربية وتشد عليها سلاسل الذل والاستعباد. فكأن الكرة رُدَّت للعرب ضد الفرس والرومان وبعض الأفارقة. وما كتبته لا يزعج العربي الذي يريد أن ينسب أي مجد ممكن لسلفه حتى ولو كان على أكتاف المظلومين وفي أحضان السبايا المجرورات عدوانا وقسوة إلى خارج مآويهن وبيوتهن. لكني أرى الحقيقة لا تتفق مع هذا المجد الزائف الذي لم يضع محمد لبناته أبدا. بالطبع أقصد محمد النبي المذكور قصصه في القرآن الكريم ولا أقصد محمد البخاري وسيرة ابن اسحاق وتاريخ الطبري وبقية الكتب الشيعية والزيدية والبهرة وغيرهم من طوائف المسلمين. إن محمدا المذكور في كتب الملوك لهو إنسان شهواني ظالم لا يتمتع بالرحمة في قلبه ويستمتع بأن يرى بني قريضة يصبحون أصحاء ويظهرون مضرجين بدمائهم أمام أعين نسائهم وأطفالهم. ذاك محمد الملك وليس محمد النبي الذي نعرفه من القرآن الكريم.

لو كان المحمدان واحدا فإني بريء منه ولا يمكن أن أحبه ولو كان أبي المباشر فالعاقل يحب العدالة والقسط ويكره الظلم والقسوة والإنسان المنصف يحب لأخيه الإنسان ما يحبه لنفسه وإلا فالكلب والنمر أشرف منه وأكثر رحمة ومجدا. لكنهما مختلفان. هناك محمد الحقيقي ابن عبد الله الذي اصطفاه الله تعالى من بين مشركي قريش ليكون رسولا إليهم من ربهم وهناك محمد آخر خلقه الذين خلقوا سندباد وعلاء الدين وملوك شهرزاد. ذاك هو محمد الخيالي لا الحقيقي. ولو تعود إلى نفس التاريخ الأسود الذي كتبوه لترى طياته يتحدثون عن أصدق أصحاب محمد الحقيقي مثل أبي بكر وعمر وعلي وأبي ذر وعمار لتراهم مختلفين عن معاوية وخالد وعمرو بن العاص وبقية القتلة والسفاحين. ثم ترى بأن أبا بكر كان محبا للرسول ومخلصا في حبه ولكنه لم يكن إمعة له. إنه أول من ذكره التاريخ وهو يحرق كل ما دونه لنفسه من أحاديث الرسول لأنها يمكن أن يخلق للناس قرآنا جديدا يشارك الله تعالى في كتابه القويم والكريم. ونرى عمر وهو يحب رسول الله وأولاده وأسرته أكثر من بني عدي قومه ولكنه لم يحكم بين الناس إلا بما يراه هو بنفسه ويفهمه من كتاب الله. ونرى علي بن أبي طالب كما يصفه نهج البلاغة في بعض صفحاته وهو يشمئز من أن يوصى به. إنه يعتبر الموصى به ضعيفا لا يجوز له أن يحكم.

ثم نرى الذين يدعون بأنهم يتبعون عمرا يلوذون بهذه الأحاديث الزائفة التي جادت بها (أريحيات) الملوك القتلة من بني أمية وبني العباس باستثناء القليل من الطيبين منهم مثل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى. هؤلاء ببغاوات ويا ليتهم ببغاوات. إنهم ببغاوات لأنهم لا يملكون فكرا بل يتبعون السلف ويفخرون به ولكنهم ليسوا ببغاوات حقيقيين لأنهم يتبعون عمر الزائف ومحمد الزائف وأبا بكر المزيف وعلي الخيالي لا الحقيقي. وإني رأيتك تذكر شخصيتين عربيتين عراقيتين أبْدَيا اهتماما كبيرا بالتاريخ الإسلامي هما علي الوردي ومعروف الرصافي. وهما متباينان أخي الملحد. إن علي الوردي يسعى لذكر الحقيقة واستجلائه من واقع الأحداث ولذلك قلما ترى في كتابه ما يكون متناقضا مع بقية الكتاب. لكن الرصافي يناقض نفسه كل لحظة، ولعل السبب في ذلك هو أنه شاعر يتمثل بالخيال أكثر من تمثله بالحقيقة. إنه كتب كتابا يربو على 900 صفحة ويبدو أنه أوصى بأن يُنشر بعد موته وقد قرأه أحد تلاميذي المحترمين والذي أصفه بالدقة وذكر لي خلاصة ما كتبه عن القرآن ومحمد والتاريخ العربي. فرأيت أنه غير صائب في تحليلاته ولم أعرف حقيقة أمره. هل هو مسلم أم أنه ملحد مثل جنابكم؟ وأنا لست بصدد الرد عليك لأن إيجابياتك أكثر بكثير من سلبياتك فدعني أكون موافقا مع إيجابياتك ولكني أدعوك وأنت متمكن من معرفة الحقائق الاجتماعية وقوي في اختصارها أن ترسم لنفسك صورة صادقة لمحمد في القرآن ثم تقارن بينه وبين محمد في كتب المسلمين لتجد المغايرة بينهما فتسعى لفهم جديد عن محمد؛ والسلام لا الخصام.
أخوك المؤمن
أحمد المُهري

ألِف يقول...

مرحبا،

نظريتك لا تختلف كثيرا عن التفسيرات المثيولوجية لأصل الاشياء التي تنتقدها.

البداوة هي إحدى مراحل التطور البشري اجتماعيا و سياسيا، و هي مرحلة سابقة على ما تلاها من استقرار ارتبط بالثورة الزراعية. أتى حين من الدهر كان فيه كل البشر بدوا.

لا يختلف في هذا تاريخ مصر عن الصين عن الهند و كل الحضارات الكبرى العتيقة. و لن أضرب مثالا بحضارات من الثابت تاريخيا أن مؤسسيها كانوا في بداية أمرهم بدوا من جزيرة العرب، مثل البابليين.

لا ينفي كون الصحراء قاسية طاردة، لكن هذه القساوة لم تكن ثابتة على مر الزمن. إنك تغفل عوامل التغير المناخي التي تتجه إلى جفاف مستمر منذ العصر الجليدي و التي توجد شواهد أن حدتها تتزايد منذ زمن المسيح، و تتجاهل دورات الصحراء الإفريقية الكبرى. لا يمكن فهم تاريخ الإنسان بمعزل عن التاريخ الطبيعي للكوكب، مثله مثل أي كائن حي آخر.

ثم من قال إن كل العرب بدو يعيشون في الصحارى! من العرب إلى اليوم من يعيشون على الزراعة في أراض بها وفرة من المياه و جبال تتساقط منها المياه و يحف قممها الضباب و تكسوها الثلوج.

تصوير العرب على أنهم خليط من مطاريد أجناس الشعوب المتمدينة التي تحيط بهم غير صحيح. و تتعارض مع الدورة المشهودة في التاريخ التي تتحول فيها الأمم البدوية إلى امبراطوريات، تتهددها جماعات البدو على حدودهاإلى أن يتغلبوا عليها فيكونوا هم القوة الإمبراطورية الجديدة، و هكذا دواليك.

لماذا تتصور وضع العرب مختلفا عن أوضاع الشعوب البدوية الأخرى في التاريخ، من جرمان و ترك و مغول!

تصورك كذلك يفترض أنه لولا عملية تكون "المطاريد الخاسرين الصراع" لما كان هناك بدو! فهلا أخبرتنا من طرد بدو أمريكا الشمالية، أو الهون أو الطوارق أو غيرهم؟

تحليلك نابع من عقيدة مسبقة و يسعى لأن يبررها، و هو في هذا لا يختلف عن أساطير سمو الأصل و اللغات المقدسة و نسل الآلهة. أساطير جميلة و أحبها، لكنها ليست و هي في حالتها الخام مصدرا للتاريخ و العلم.

سلام،

غير معرف يقول...

دكوم بي ابن بلاعة العير هو انته اصلك واحد إيراني فارسي اخت التنيج