سؤال قهرني فغدوت مؤمن
يا قوم أنا لست من المتفلسفين
أنا أتساءل ومن حقي الجميع أن يتساءلوا
ما سبب أني مدرك لوجودي ولفرديتي ؟
أريد جوابا لهذا السؤال
أنا لا أذكر أني كنت من المدركين قبل وجودي في هذا الجسد الكيميائي الحيوي ، وفجأة أصبحت مدركا للشكولاته والحليب بالفراولة وإذا غاب أبي عنا للعمل بكيت وإذا جاءت ابنة الجيران ركضت للعب معها ...الخ
هذه الفردية في الإدراك من وضعها في ؟
لماذا لم أكن أنا الآدمن أو أبي أو هتلر ؟
لماذا فجأة ظهرت على الدنيا ؟
هل الترتيب المعين للذرات والجزيئات يصنع عبدالله ؟
طيب لو استنسخنا عبدالله آخر فهل سأدرك مشاعره ووجوده كما أدرك نفسي التي بين جنبي ؟
هل لو أكل هذا النسخة طبق الأصل صحن كنافة أشعر أنني أنا أكلتها ؟
ماذا لو مت ، هل سأشعر أنني حي بنسختي الثانية ؟
يعجبني قول طرفة بن العبد :
فلو شاء ربي لكنت عمو بن مرثد ولو شاء ربي لكنت قيس بن ساعد
وهذا حالي ، من شاء أن أكون ، بالتأكيد لست أنا ولا أبواي ، فأنا ولدت لا أعلم شيئا ، وأبواي إنما انجباني بفعل الشهوة الجنسية التي أجبرتهم كرها على انجابي .
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم .
نعم أنا ما شهدت خلق نفسي وما اخترت ، وما كنت مدركا قبل وجودي أني حي من فصيلة الثديات ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ )
بالنسبة لي لا لم يأتيني حينا من الدهر وأنا عدم .
______________________________________________________
رد رقم 63 - الكاتب: بروتين
تحياتي لزملاء الكرام وبعد طول عناء مع البروكسي تمكنت من الدخول
شدني عنوان هذا الشريط وأشفقت على صاحبه من حالة القهر التي أصبته والتي جعلته رغم عنه مؤمناً وعزمت أن أخلصه من حالة القهر وتبعتها :oops2: .
طبعاً الموضوع طويل والمعقد وربما يوجد البعض هنا من لا يرغب في رؤية إجابات على مثل الأسئلة حتى يلقي بإجابته المعرفة تلك (الله), ومقدماً أتوقع ما سوف يقوم به هؤلاء وهو إعادة تكرر السؤال وكأنه لم يفهم الإجابة أو استخدام قواميس الردح والسباب بكلمات مثل (هراء سفه عته جهل هروب) ومقدماً أقول لرداحين بأنني لأن ألتفت إلى مداخلتهم فأن غير مستعد للمشاركة في مهرجان الردح– وإلا على رأسه بطحه يحسس عليها. :evil1: .
بدأ ذي بد يجب علينا الفصل بين مفهومين أساسيين في هذه القضية وهما الإدراك consciousness والأنا Ego هذا الفصل ضروري جداً جداًَ لأن الخلط بينهما هو بداية كل التعقيدات التي لا داعي لها
نحن كبشر لدينا ظاهرة نسمية الإدراك consciousness وهنا أكتب الاسم اللاتيني حتى يتسنى لزملاء البحث عن هذا الموضوع بأنفسهم ولدينا كذلك الأنا Ego وحتى لا تلتبس المسميات.
كل منا يدرك العالم بطريقته "الخاصة" وكل منا كذلك يفترض أن الآخرين لديهم أدراك للعالم مشابه له ومثلما يقول البعض (نحن لسنا أجهزة كمبيوتر) بمعنى أننا نحن البشر من يحق لنا امتلاك هذه الخاصية (الإدراك). تناول قضية الإدراك بهذه الكيفية يخرجها من دائرة العلم لسبب رئيسي وهو أن الشخص يفترض أفترض ومن ثم يدافع عنه انطلاقا من قناعته الأولى وبدون مبرر منطقي فوصف دماغ الإنسان أو الإنسان عموما بإنه النظام الوحيد الذي يستحق امتلاك خاصية الإدراك بدون تقديم مبررات موضعية لذلك لا يجوز وحتى تعود القضية لدائرة العلم مرة أخرى فعلينا نزع هذا التحيز العاطفي , فالقضية هنا ليست عاطفية.
لو افترضنا مثلاً أننا تمكنا من صنع روبوت يحاكي تصرفات الإنسان بحيث يبدو في بعض الأوقات حزين وفي البعض الآخر سعيد ويختار ما يحلو له (اعتمادا على ما يعرف برياضيات المنطق الضبابي) فهل نستطيع أن نقول أن هذا الربوت يدرك العالم من حوله, العديد منا سوف يقول لا هذا الربوت مجرد مجموعة برامج وذلك لا يؤهله ليكون مدركاً وكل المظاهر السلوكية التي يبديها ما هي إلا عملية ميكانيكية
حسناً سوف ندع هؤلاء لريهم حتى حين ولنحظر نفس هذا الربوت ونقوم بإعطائه هيئة بشرية بحيث لا يفرق الناظر له بينه وبين الإنسان (وجميع هذا تقنياً ليس بمستحيل على المدى المنظور) نضع هذا الإنسان الآلي وسط مجموعة من الأشخاص الذين لا يعلمون أنه ربوت فهل سيكون تفاعلهم معه على أساس أنه روبوت, وهل إذا تمكن هذا الربوت من اجتياز هذا الاختبار يحق له أن نصفه بأنه يمتلك ذلك الوعي والإدراك ألم يفترض هؤلاء بأن هذا الشخص له أدراك ووعي مثلهم تماماً.
من هذا المثال نستنتج أن قضية التعرف على الإدراك عند الآخرين والذي هو خبرة شخصية في النهاية مسألة نفسية بحتة لا علاقة لها بالموضوعية
في الإدراك يوجد لدينا التصور والرمز,, التصور يمثل الكيفية التي نفهم بها العالم المحيط والتصور يتم من خلال مجموعة رموز أولية على سبيل المثال كمجموعة متتالية من الصور المخزونة في الدماغ أو الخبرات الحسية أو كجمل لغوية أو حتى أرقام حسابية كلما كانت هذا التصور تجريد ومنفصل عن الحواس كلما كان موضوعي أكثر, الخبرة الحسية تقف إلى جانب اللغة وجميع النظم الرمزية التي يبدعها الدماغ لتصور, الشعور الحسي ينتج عن إشارة عصبية كهربائية تحدث في الدماغ هذه الإشارات لها درجات متباينة ومختلفة ويقوم الدماغ بتصنيف وترميز هذه الإشارات الكهربائية بشكل شبيه من النوتة الموسيقية حيث يكون البعض حاد والبعض الأخر منخفض.
يعتقد أغلب الناس أن الإشارة العصبية هي من تحدد طبيعة الإحساس وهذا الاعتقاد فيه الكثير من عدم الصحة, نعم الصحيح أن استجابتنا للحرارة والبرودة تتشابه لكن هذا بسبب تشابه النسبي لأدمغتنا وليس لأن الإشارة العصبية سوف تؤدي بضرورة لذلك الإحساس فالدماغ هو في النهاية من يفسر أن تلك الإشارة تعني حرارة وأن الإشارة الأخرى تعني برود في الحقيقة لا يهم مصدر الإشارة بقدر ما يهم الكيفية التي سوف يفسر بها الدماغ تلك الإشارة, الخبرات الحسية لا تكفي لوحدها, الخبرة الحسية هي مجرد نوع من اللغة لتواصل بين الخلايا العصبية في الدماغ وتلك الخبرة الحسية تنشئ التصور الأولي للعالم وهي مثلما موجودة لدى الإنسان مجوده كذلك لدى جميع الأنظمة الشبيهة التي تعتمد على الإشارات الكهروكيميائية من تلك اللغة البداية الأولى يبدأ تشكل التصور البدائي هذا التصور يتطور ويتعقد كلما تطورت وسائل تبادل الإشارات والمعلومات فحتى الديدان والحشرات لديها وسائل اتصال فيما بينها وربما لا تتواجد لدى الإنسان كالرسائل الكيمائية والتي تنشئ في أدمغتها أحاسيس مشتركة بالمعنى الفعلي وكأن الجميع في دماغ واحد والتي تجعل من المجموعة وحدة متجانسة ومنسجمة, الرموز الصوتية والكتابية التي أستحدثها الإنسان غيرت من تصوره للعالم ولذاته بشكل جذري تتميز الرموز الصوتية ومن بعدها الكتابية بقدرتها الفائقة على التطور مما يساعد الإنسان كذلك على التطور فهي وعلى الرغم من أنها ليست بالتأثير التي تتميز به الرموز الكيمائية إلا أنها قادرة على مجارات التعقيدات في المجتمعات البشرية بشكل أفضل.
وحتى ندرك حجم التأثير التي تمارسه الرموز واللغة على التصور البشري فأنه يمكننا ملاحظة الفرق بين الإنسان الشفوي والكتابي ومنطق كل منهما والكتابي لا أقصد به طبعاً من يعرف فك الخط فقط فهناك العديد من البشر من يستطيع القراءة والكتابة ولكنه ما زال يتعامل مع الكتابة على أنها مجموعة طلاسم سحرية تحمل في ذاتها قوة خفية, وبهذا المعنى صدر كتاب بعنوان الشفوية والكتابية منشور ضمن سلسلة عالم المعرفة يوضح كيف أن الإنسان الشفوي يقوم بتحوير المعلومة لتناسب أفكاره المسبقة وهو لا يعي ذلك الأمر والمعلومات لدية تتغير وتتبادل عبر الزمن بتبدل ظروف الشخص الحامل للمعلومة بعكس المعلومة الكتابية التي تكون مستقلة عن الإنسان ويتم معالجتها في كل مرة بشكل مستقل ومن المفارقات أن أن هناك دلالات حسية تتطور بالتوازي مع الرموز اللغوية بحيث أصبحت بعض الكلمات تثير كيمياء الدماغ بطريقة واضحة التفاعل مع اللغة بهذه الطريقة كرموز كيميائية جعلنا نقع في العديد من المطبات والإشكاليات الحضارية وأصبحت اللغة وسيلة برمجة لاشعورية لا وسيلة نقل للمعلومات الواعية فقط والحديث عن اللغة والاتصال ذوى شجون ومتشعب .
ولكن نعود مرة أخرى للإدراك....,,,,,,,,,
مثال أخر وهو الحيوان فنحن ندعي جميعاً أننا نمتلك أدراك للعالم الخارجي وحتى المجنون منا لا نستطيع تصوره بدون تلك الخبرة الذاتية لأنها مقرونة لدينا بإنسانية الإنسان فهل الحيوان كذلك يمتلك تلك الميزة العديد (والأسباب خاصة) سوف يحاول غض النظر عن قضية إدراك الحيوان أو سيقول لا أعلم مع أن بعض الحيوانات لديه من الذكاء والمشاعر ما يفوق العديد من البشر هناك بعض الاختبارات التي أجريت على الحيوانات كاختبارات المرآة حيث يعرض الحيوان على مرآة لتختبر ردة فعلة إزاء صورته وهل سيدرك بأن المقابل له هو مجرد انعكاس لصورته هذا الاختبار يحدد ماذا كان الحيوان يدرك وجوده الشخصي وقد نجحت بعض الحيوانات فعلاً في هذا الاختبار كالغوريلا والشمبانزي والدولفين والفيل في هذا الاختبار وهذا لا يعني أن الحيوانات الأخرى لا تدرك العالم من حولها ولكن هذا الاختبار مقتصر فقط على القدرة على التعرف على الذات وجود حيوانات تقف إلى جنب إلى الإنسان في القدرة على التعرف على الذات ولو بكيفيات مختلفة والبدائية يفتح الباب على مصرعيه للعديد من الاحتمالات وربما يطرح مشكلات أخلاقية في كيفية تعاملنا مع هذه الحيوانات, لكن نحن وبسبب غرورنا لا نقبل أن نتصور أن هناك من يشاركنا هذه الميزة.
الجهاز العصبي والإدراك
أثبت علماء الأعصاب أن الحس له أمكن متخصصة في الدماغ فهناك الحس البصري والسمعي وحاسة اللمس وغيرها من الحواس ولكل من هذه الحواس مناطق متخصصة في الدماغ فمثلاً يوجد للأبصار مناطق متخصصة لرؤية الأجسام المتحركة وأخرى لثابتة هذا التخصيص بين الأجسام المتحركة والثابتة هو لتوفير عمليات المعالجة التي تتم لصورة فالعين تقوم بالتقاط 24 صورة في الثانية هذا في ما يخص الأجسام المتحركة أما الثابتة فأنه تحتفظ لها بصورة واحدة فلا حاجه لإعادة أخذ الصورة, ويتم تركيب الأجزاء المتحركة مع الثابتة في منطقة أخرى من الدماغ بحيث يشعر الإنسان بأن الصورة تم التقاطها دفعة واحدة هنا يتم تجديد الصور الثابتة إذا شعر الدماغ بأن هناك خلال ما في الصورة المخزونة أو إذا واجه صور من نوع جديد لم يلفه هناك كذلك مناطق في دماغ مخصصة لتعرف على الوجوه البشرية فالدماغ يتعرف إلى الوجه البشري بطريقة أفضل وأسرع من تعرفه على الإشكال الأخرى وهذا طبعاً بسبب الحاجة المستمرة للإنسان لذلك يوجد بعض المرضى الذي يعانونا من تلف في بعض المناطق الدماغية مما يؤدي إلى قصور في بعض الوظائف الإدراكية وقد تعرف على العلماء على هذه التخصصية في الدماغ في بادئ الأمر عن طريق هؤلاء المرض وتوفر بعض الأجهزة كالتصوير برنين المغناطيسي أدوات جبارة للعلماء للكشف عن تفاصيل الدماغ وكما أن للأبصار مناطقه فكذلك للحواس الأخرى فالدماغ يصنف الأصوات ويستهدف أصوت دون غيرها.
هذا التخصص في المناطق الدماغية هو لتوفير الجهد لكنه يؤدي لقصور وأخطاء يقع فيها الإنسان عندما يتعامل مع بعض الأشياء غير المألوفة لديه كألاعيب الخفة والتي يستغل الممارس لها وجود مناطق مختلفة للأبصار (كمناطق تميز الأجسام المتحركة والثابتة).
ومن أكثر الأشياء التي قدمت دليل على مدى أرتبط الدماغ بالعقل والإدراك هي تلك العمليات الجراحية التي كانت تجرى في السباق للمصابين بالصرع حيث يتم فصل المنطقة الواصلة بين شقي الدماغ الأيمن والأيسر هذه العملية تؤدي لاختفاء نوبات الصرع ولكن له أضرر جانبية كثيرة ومن أهم هذه الأضرار والتي لم تلاحظ منذ بدايات أجرى هذا النوع من العمليات أن الإنسان ينقسم إلى إنسانين وكل منهم يجهل وجود الأخر فمن المعروف أن خصائص الشق الأيمن من الدماغ تختلف عن خصائص الشق الأيسر الحواس عند الإنسان ترتبط بشكل تبادلي فأعضاء الجزء الأيمن من الإنسان مرتبطة بالجزء الأيسر والعكس صحيح ما يحدث عند انقسام الدماغ هو انقطاع تبادل المعلومات بين شقي الدماغ, فتتراكم الخبرات بعد عملية الفصل بين جزئي الدماغ بشكل منفصل وفي أحد التجارب على البعض من هؤلاء المرض تم عرض مجموعة من الإشكال من خلال أحد العينين ثم تم عرضها للعين الأخرى والتي لم تستطع تذكر ما شاهدته العين الأخرى لأن منطقة تخزين المعلومات لكل العينين أصبحت منفصلة.
ولتوضيح كيف يمكن أن تكون الأحاسيس والإشارات الملتقطة خادعة لو تصورنا أننا قمنا بنزع عيون شخص ما وركبنا في عيونه تلك جهاز إرسال يقوم ببث الصورة الملتقطة من العين ثم وضعنا جهاز أستقبل على طرف العصب البصري الموجود في رأس الشخص للتقاط الإشارات الواردة من العين ووضعنا العينين على قمة جبل أو فوق طائرة محلقة ووضعنا هذا الشخص داخل البحر, فهل يمكننا تخيل الصورة التي سوف يشاهده هذا المسكين أنها سوف سيشعر بأنه في الماء لكن سيرى أن ما يحيط به هو الهواء بطريقة أشبة بالحلم نحن لا نختلف كثير عن ذلك الشخص إلا في أن عيوننا وأذاننا وأجسادنا تقع في نفس المكان أو هكذا نعتقد.
كل هذا يؤكد لأن بأن هناك آلية (خطوة خطوة) تؤدي في النهاية لهذه الظاهرة الإدراك ويمكننا أن نصف هذه الخبرة الذاتية بأنه نتاج للعمليات الجارية في الدماغ وهنا أقول وأؤكد بأنه نتاج وليست سبب, الإدراك هو مجموعة عمليات جارية وليست جسماً ثابتاً.
عندما تتكرر نفس الظروف المؤدية لصنع هذه الظاهرة (الإدراك) في أي نظام يعتمد التبادلات الكهروكيميائية سوى في الحيوان أو الربوت فأنه سوف تظاهر لدية بغض النظر عن طبيعة هذا النظام.
التوصيف الفيزيائي للإدراك
أجد أن أفضل مقاربة للإدراك فيزيائياً ينطلق من فهم العلاقة بين مراقب التجربة والتجربة نفسها فلكي نستطيع ملاحظة تجربة ما فيجب أن يتواجد لدينا المراقب وأداة القياس والحدث نحن نعجز عن ملاحظة الإدراك لأنه هو أداة الملاحظة التي يستخدمها المراقب لأجراء عملية القياس لتغيرات الحدث, ولا يمكن للمراقب أن يكون مستقلاً عن تلك الأداة, كذلك يمتلك كل شخص إدراكه الخاص ولا يمكننا أن نتشارك تلك الأداة إلا بشكل نسبي مما يخلق ذلك التصور الدائم بأننا مختلفون.
في جميع التجارب الفيزيائية يكون هناك المراقب الذي يقيس التجربة من خلال إطاره المرجعي وتكون القياسات صحيحة بشكل نسبي لذلك المراقب, ولولا وجود هذا المراقب في التجربة لما كانت الفيزيائي كما نعرفها نحن الآن "حتمية" ولكنت تخضع فقط للفيزياء "الكوانتيه" الإدراك هو الذي من خلاله نقيس الزمن وأبعد المكان هذه الأبعاد تكون موجوده وحتى ولو لم يوجد الإدراك لكنها ليست بالكيفية التي نعيها نحن من خلال إدراكنا
وهناك العديد من المتغيرات إلى جانب الزمان والمكان لكن الزمكان وبوصفها أبعاد لصورة العالم المتكونة في الإدراك فأنها تبقى المحدد لشكل فضاء الوعي.
الإدراك هو نِتّاج لتبادل المعلومات في الدماغ وسيرورة تلك المعلومات محدده بالإبعاد التي يتعامل معها نظام تبادل المعلومات (الزمانية والمكانية) فالإدراك البشري لا يستطيع تتبع الأنظمة الكوانتية التي لديها أبعاد أكثر واعقد.
إذا يا سادة يا كرام الإدراك هو تلك الظاهرة التي تنشا لدينا عندما يوجد نظام لتبادل المعلومات يخضع لأبعاد محددة هذا النظام ينشأ صورة هيولوجرافية يتم فيه أعادة بناء معلومات النظام ضمن هيكل الأبعاد, فمن يمثل هيكل الإدراك هو الإبعاد ومن يعبئ تلك الصورة هو المعلومات الواردة لنظام
و لربما تسأل البعض أين تنشأ تلك الصورة الافتراضية التي نكون نحن في وسطها وتمثلنا وتمثل العالم في نفس الوقت thinking 2 وهنا لان أجيب بالدماغ مثلما قد يتبادر لذهن البعض, بالفعل ما يحدث في الدماغ هو ما ينشأ تلك الهلوسة المسماة بالإدراك لكن المفاجأة هنا أن الإدراك لا يقع في مكان هل تعلمون لماذا ؟؟؟؟
لأننا بكل بساطة نحدد أبعاد المكان عن طريق أللإدراك وليس العكس فالإدراك هو أداة قياس الزمان والمكان, وحتى نفهم المسألة بشكل أفضل لو افترضنا جدلاً أننا تمكنا من نزع الهيكل الزمكاني أللإدراك فان معلوماتنا الدماغية لأن تخضع في تنقلاتها بين العصبونات لأي من القوانين السببية الحتمية والمسألة في حقيقتها أعقد من ذلك بكثير فعلينا هنا أن نغير كل تصورتنا ومفاهيمنا عن ما نسميه "نظام" والمرتبطة لدينا دائما بالهيكل المعروف 3 أبعاد مكانية وبعد واحد زماني يجب علينا أن نصنع هياكل جديدة أكثر تعقيدا وتنتج سلاسل مختلفة من طرق التفاعل بين المعلومات.
هذا يقودنا لنتيجة مهمة وهي كما أنه لا يصح أن نسأل كم ذرعاً طول ذرعنا فكذلك لا يصح أن نسأل أين يوجد consciousness أو أللإدراك لأنه بحد ذاته يمثل أداة ووحدة قياس الزمان والمكان في نفس الوقت.
وكما أن اشتعال النار في وجود الهواء يكون النتيجة حتمية للارتفاع المستمر في درجات الحرارة فكذلك أللإدراك هو النتيجة الحتمية لوجود نظام معقد بدرجة معينة ضمن نطاق أبعاد زماني مكانية.
الانا
بعد هذا الشرح عن الإدراك أعود لقضية أخرى وهي الأنا أو Ego والتي لا يميزها الكثيرون عن الإدراك وحتى طارح الموضوع قد خلط بينهما.
الأنا هو الكيفية التي يميز بها (الفرد) (النظام) ذاته عن ما سواه وللعلم الإنسان يولد وهو غير ممتلك لتلك الأنا بذلك الشكل الذي نمتلكه نحن البالغون وحتى عمر سنتين فأنه يعتقد أن كل الأشياء التي يراها فأن أمه تراها كذلك لأنه لا يميز ذاته عن الآخرين طبعاً مسألة تميز (الأنا) لا تتم بين عشية وضحها أو في موعد محدد فالأنا مثله مثل الإدراك مرتبط بالعديد من المتغيرات والإنسان يميز ذاته من خلال العديد من المعرفات والقضايا ولربما غاب عن الكثيرين أن الإنسان قد يعيش جل حياته وهو لا يميز ذاته إلا من خلال أسمه وأعضاء جسده فقط فنحن كما أننا نحتج أن ندرك أننا مستقلون أن أمهاتنا لعبور مرحلة الطفولة المبكرة كذلك نحتج أن نشعر أننا مستقلون عن محيطنا الاجتماعي والفكري وأننا نمتلك حق الوجود ككيان مستقل.
يمكننا أن نقول عن أللإدراك بأنه نمذجة العالم الخارجي داخل فضاء افتراضي ونقول عن الأنا بأنها تمثل العدد صفر داخل هذا النظام وتكمن أهمية العدد صفر في أننا من خلاله سوف نبدأ العد وننشأ نظام للعد والأنا كالصفر ليست لها قيمة في حد ذاتها ولكن وجودها يصنع فرق جوهراً في المعلومات المضافة إليها, فنحن نحتفظ بحد أدنى لتعريف ذواتنا من خلال المظهر الخارجي أو من خلال الاسم ثم ننطلق بهذه الدائرة إلى الخارج.
معضلة الأنا أقل تعقيداً من أللإدراك لذلك لأن أتوسع كثير في تحليلها فهناك العديد من الكتب والدراسات التي وصفتها بشكل جيد.
خارج التوصيفات الحديثة فأن خير من وصف العقل هي الفلسفة البوذية حيث أنها تقارب العلم الحديث لحد كبير بينما نجد أن التوصيف المستخدم من قبل الديانات الشرق أوسيطة (والتي أخذته من الأفكار السابقة لها والمنتشرة في مجتمعاتها) كالروح والنفس والهواء والتي لا تعدو كونها تصورات بدائية لا يمكن الاعتماد عليها في التوصيف فالروح مثلاً هي لفظ غير معرف ولا يمكن وصفها بأكثر من كلمة "سر" فنحن هنا نقول أن هناك سر وأن هذا السر سوف يبقى سراً وذلك لأن يفيد أحد وحتى أن نسمي شيء لا نعرف عنه شيء هو في حد ذاته بلهه غير مقبولة إلا في التفكير الديني
ونقطة أخيره أشير إليها وهي أن الإدراك والأنا والتي نستخدمهما كأدوات قياس للعالم لا يتحقق وجودهما إلا بوجود الظروف المرتبطة بهما فأنا لو كنت أنت لشعرت بأني أنا فقضية الاختلاف بين فرد وأخر هي قضية الاختلاف بالتفاصيل والظروف لا غير فكما يقول الزميل المتألق الفيلسوف تكهنين أنت هو أنا وأنا هو أنت ولولا هذه الأنا لما كنت أنت, ولا يوجد اختلاف جوهري فأنت أنا وأنا أنت فحتى أنت أحياناً لا تصبح أنت بعد مرر الزمن عليك.
مشكلة البعض عند بداية تعاطيهم مع مشكلات من هذا النوع بأنهم لا يحولون أن يجهدوا نفسهم لفهمها أو التعاطي معهافقط من خلال أفكار مسبقة فقط, فلا يقوموا بتوصيفها بشكل السليم الذي يسمح لهم بفهمها في النهاية والمنهاج العلمي هو الوحيد القادر على سبر أغوارها.
وعسى أن يكون غيض وحزن السائل قد زال ضحكة 1
يا قوم أنا لست من المتفلسفين
أنا أتساءل ومن حقي الجميع أن يتساءلوا
ما سبب أني مدرك لوجودي ولفرديتي ؟
أريد جوابا لهذا السؤال
أنا لا أذكر أني كنت من المدركين قبل وجودي في هذا الجسد الكيميائي الحيوي ، وفجأة أصبحت مدركا للشكولاته والحليب بالفراولة وإذا غاب أبي عنا للعمل بكيت وإذا جاءت ابنة الجيران ركضت للعب معها ...الخ
هذه الفردية في الإدراك من وضعها في ؟
لماذا لم أكن أنا الآدمن أو أبي أو هتلر ؟
لماذا فجأة ظهرت على الدنيا ؟
هل الترتيب المعين للذرات والجزيئات يصنع عبدالله ؟
طيب لو استنسخنا عبدالله آخر فهل سأدرك مشاعره ووجوده كما أدرك نفسي التي بين جنبي ؟
هل لو أكل هذا النسخة طبق الأصل صحن كنافة أشعر أنني أنا أكلتها ؟
ماذا لو مت ، هل سأشعر أنني حي بنسختي الثانية ؟
يعجبني قول طرفة بن العبد :
فلو شاء ربي لكنت عمو بن مرثد ولو شاء ربي لكنت قيس بن ساعد
وهذا حالي ، من شاء أن أكون ، بالتأكيد لست أنا ولا أبواي ، فأنا ولدت لا أعلم شيئا ، وأبواي إنما انجباني بفعل الشهوة الجنسية التي أجبرتهم كرها على انجابي .
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم .
نعم أنا ما شهدت خلق نفسي وما اخترت ، وما كنت مدركا قبل وجودي أني حي من فصيلة الثديات ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ )
بالنسبة لي لا لم يأتيني حينا من الدهر وأنا عدم .
______________________________________________________
رد رقم 63 - الكاتب: بروتين
تحياتي لزملاء الكرام وبعد طول عناء مع البروكسي تمكنت من الدخول
شدني عنوان هذا الشريط وأشفقت على صاحبه من حالة القهر التي أصبته والتي جعلته رغم عنه مؤمناً وعزمت أن أخلصه من حالة القهر وتبعتها :oops2: .
طبعاً الموضوع طويل والمعقد وربما يوجد البعض هنا من لا يرغب في رؤية إجابات على مثل الأسئلة حتى يلقي بإجابته المعرفة تلك (الله), ومقدماً أتوقع ما سوف يقوم به هؤلاء وهو إعادة تكرر السؤال وكأنه لم يفهم الإجابة أو استخدام قواميس الردح والسباب بكلمات مثل (هراء سفه عته جهل هروب) ومقدماً أقول لرداحين بأنني لأن ألتفت إلى مداخلتهم فأن غير مستعد للمشاركة في مهرجان الردح– وإلا على رأسه بطحه يحسس عليها. :evil1: .
بدأ ذي بد يجب علينا الفصل بين مفهومين أساسيين في هذه القضية وهما الإدراك consciousness والأنا Ego هذا الفصل ضروري جداً جداًَ لأن الخلط بينهما هو بداية كل التعقيدات التي لا داعي لها
نحن كبشر لدينا ظاهرة نسمية الإدراك consciousness وهنا أكتب الاسم اللاتيني حتى يتسنى لزملاء البحث عن هذا الموضوع بأنفسهم ولدينا كذلك الأنا Ego وحتى لا تلتبس المسميات.
كل منا يدرك العالم بطريقته "الخاصة" وكل منا كذلك يفترض أن الآخرين لديهم أدراك للعالم مشابه له ومثلما يقول البعض (نحن لسنا أجهزة كمبيوتر) بمعنى أننا نحن البشر من يحق لنا امتلاك هذه الخاصية (الإدراك). تناول قضية الإدراك بهذه الكيفية يخرجها من دائرة العلم لسبب رئيسي وهو أن الشخص يفترض أفترض ومن ثم يدافع عنه انطلاقا من قناعته الأولى وبدون مبرر منطقي فوصف دماغ الإنسان أو الإنسان عموما بإنه النظام الوحيد الذي يستحق امتلاك خاصية الإدراك بدون تقديم مبررات موضعية لذلك لا يجوز وحتى تعود القضية لدائرة العلم مرة أخرى فعلينا نزع هذا التحيز العاطفي , فالقضية هنا ليست عاطفية.
لو افترضنا مثلاً أننا تمكنا من صنع روبوت يحاكي تصرفات الإنسان بحيث يبدو في بعض الأوقات حزين وفي البعض الآخر سعيد ويختار ما يحلو له (اعتمادا على ما يعرف برياضيات المنطق الضبابي) فهل نستطيع أن نقول أن هذا الربوت يدرك العالم من حوله, العديد منا سوف يقول لا هذا الربوت مجرد مجموعة برامج وذلك لا يؤهله ليكون مدركاً وكل المظاهر السلوكية التي يبديها ما هي إلا عملية ميكانيكية
حسناً سوف ندع هؤلاء لريهم حتى حين ولنحظر نفس هذا الربوت ونقوم بإعطائه هيئة بشرية بحيث لا يفرق الناظر له بينه وبين الإنسان (وجميع هذا تقنياً ليس بمستحيل على المدى المنظور) نضع هذا الإنسان الآلي وسط مجموعة من الأشخاص الذين لا يعلمون أنه ربوت فهل سيكون تفاعلهم معه على أساس أنه روبوت, وهل إذا تمكن هذا الربوت من اجتياز هذا الاختبار يحق له أن نصفه بأنه يمتلك ذلك الوعي والإدراك ألم يفترض هؤلاء بأن هذا الشخص له أدراك ووعي مثلهم تماماً.
من هذا المثال نستنتج أن قضية التعرف على الإدراك عند الآخرين والذي هو خبرة شخصية في النهاية مسألة نفسية بحتة لا علاقة لها بالموضوعية
في الإدراك يوجد لدينا التصور والرمز,, التصور يمثل الكيفية التي نفهم بها العالم المحيط والتصور يتم من خلال مجموعة رموز أولية على سبيل المثال كمجموعة متتالية من الصور المخزونة في الدماغ أو الخبرات الحسية أو كجمل لغوية أو حتى أرقام حسابية كلما كانت هذا التصور تجريد ومنفصل عن الحواس كلما كان موضوعي أكثر, الخبرة الحسية تقف إلى جانب اللغة وجميع النظم الرمزية التي يبدعها الدماغ لتصور, الشعور الحسي ينتج عن إشارة عصبية كهربائية تحدث في الدماغ هذه الإشارات لها درجات متباينة ومختلفة ويقوم الدماغ بتصنيف وترميز هذه الإشارات الكهربائية بشكل شبيه من النوتة الموسيقية حيث يكون البعض حاد والبعض الأخر منخفض.
يعتقد أغلب الناس أن الإشارة العصبية هي من تحدد طبيعة الإحساس وهذا الاعتقاد فيه الكثير من عدم الصحة, نعم الصحيح أن استجابتنا للحرارة والبرودة تتشابه لكن هذا بسبب تشابه النسبي لأدمغتنا وليس لأن الإشارة العصبية سوف تؤدي بضرورة لذلك الإحساس فالدماغ هو في النهاية من يفسر أن تلك الإشارة تعني حرارة وأن الإشارة الأخرى تعني برود في الحقيقة لا يهم مصدر الإشارة بقدر ما يهم الكيفية التي سوف يفسر بها الدماغ تلك الإشارة, الخبرات الحسية لا تكفي لوحدها, الخبرة الحسية هي مجرد نوع من اللغة لتواصل بين الخلايا العصبية في الدماغ وتلك الخبرة الحسية تنشئ التصور الأولي للعالم وهي مثلما موجودة لدى الإنسان مجوده كذلك لدى جميع الأنظمة الشبيهة التي تعتمد على الإشارات الكهروكيميائية من تلك اللغة البداية الأولى يبدأ تشكل التصور البدائي هذا التصور يتطور ويتعقد كلما تطورت وسائل تبادل الإشارات والمعلومات فحتى الديدان والحشرات لديها وسائل اتصال فيما بينها وربما لا تتواجد لدى الإنسان كالرسائل الكيمائية والتي تنشئ في أدمغتها أحاسيس مشتركة بالمعنى الفعلي وكأن الجميع في دماغ واحد والتي تجعل من المجموعة وحدة متجانسة ومنسجمة, الرموز الصوتية والكتابية التي أستحدثها الإنسان غيرت من تصوره للعالم ولذاته بشكل جذري تتميز الرموز الصوتية ومن بعدها الكتابية بقدرتها الفائقة على التطور مما يساعد الإنسان كذلك على التطور فهي وعلى الرغم من أنها ليست بالتأثير التي تتميز به الرموز الكيمائية إلا أنها قادرة على مجارات التعقيدات في المجتمعات البشرية بشكل أفضل.
وحتى ندرك حجم التأثير التي تمارسه الرموز واللغة على التصور البشري فأنه يمكننا ملاحظة الفرق بين الإنسان الشفوي والكتابي ومنطق كل منهما والكتابي لا أقصد به طبعاً من يعرف فك الخط فقط فهناك العديد من البشر من يستطيع القراءة والكتابة ولكنه ما زال يتعامل مع الكتابة على أنها مجموعة طلاسم سحرية تحمل في ذاتها قوة خفية, وبهذا المعنى صدر كتاب بعنوان الشفوية والكتابية منشور ضمن سلسلة عالم المعرفة يوضح كيف أن الإنسان الشفوي يقوم بتحوير المعلومة لتناسب أفكاره المسبقة وهو لا يعي ذلك الأمر والمعلومات لدية تتغير وتتبادل عبر الزمن بتبدل ظروف الشخص الحامل للمعلومة بعكس المعلومة الكتابية التي تكون مستقلة عن الإنسان ويتم معالجتها في كل مرة بشكل مستقل ومن المفارقات أن أن هناك دلالات حسية تتطور بالتوازي مع الرموز اللغوية بحيث أصبحت بعض الكلمات تثير كيمياء الدماغ بطريقة واضحة التفاعل مع اللغة بهذه الطريقة كرموز كيميائية جعلنا نقع في العديد من المطبات والإشكاليات الحضارية وأصبحت اللغة وسيلة برمجة لاشعورية لا وسيلة نقل للمعلومات الواعية فقط والحديث عن اللغة والاتصال ذوى شجون ومتشعب .
ولكن نعود مرة أخرى للإدراك....,,,,,,,,,
مثال أخر وهو الحيوان فنحن ندعي جميعاً أننا نمتلك أدراك للعالم الخارجي وحتى المجنون منا لا نستطيع تصوره بدون تلك الخبرة الذاتية لأنها مقرونة لدينا بإنسانية الإنسان فهل الحيوان كذلك يمتلك تلك الميزة العديد (والأسباب خاصة) سوف يحاول غض النظر عن قضية إدراك الحيوان أو سيقول لا أعلم مع أن بعض الحيوانات لديه من الذكاء والمشاعر ما يفوق العديد من البشر هناك بعض الاختبارات التي أجريت على الحيوانات كاختبارات المرآة حيث يعرض الحيوان على مرآة لتختبر ردة فعلة إزاء صورته وهل سيدرك بأن المقابل له هو مجرد انعكاس لصورته هذا الاختبار يحدد ماذا كان الحيوان يدرك وجوده الشخصي وقد نجحت بعض الحيوانات فعلاً في هذا الاختبار كالغوريلا والشمبانزي والدولفين والفيل في هذا الاختبار وهذا لا يعني أن الحيوانات الأخرى لا تدرك العالم من حولها ولكن هذا الاختبار مقتصر فقط على القدرة على التعرف على الذات وجود حيوانات تقف إلى جنب إلى الإنسان في القدرة على التعرف على الذات ولو بكيفيات مختلفة والبدائية يفتح الباب على مصرعيه للعديد من الاحتمالات وربما يطرح مشكلات أخلاقية في كيفية تعاملنا مع هذه الحيوانات, لكن نحن وبسبب غرورنا لا نقبل أن نتصور أن هناك من يشاركنا هذه الميزة.
الجهاز العصبي والإدراك
أثبت علماء الأعصاب أن الحس له أمكن متخصصة في الدماغ فهناك الحس البصري والسمعي وحاسة اللمس وغيرها من الحواس ولكل من هذه الحواس مناطق متخصصة في الدماغ فمثلاً يوجد للأبصار مناطق متخصصة لرؤية الأجسام المتحركة وأخرى لثابتة هذا التخصيص بين الأجسام المتحركة والثابتة هو لتوفير عمليات المعالجة التي تتم لصورة فالعين تقوم بالتقاط 24 صورة في الثانية هذا في ما يخص الأجسام المتحركة أما الثابتة فأنه تحتفظ لها بصورة واحدة فلا حاجه لإعادة أخذ الصورة, ويتم تركيب الأجزاء المتحركة مع الثابتة في منطقة أخرى من الدماغ بحيث يشعر الإنسان بأن الصورة تم التقاطها دفعة واحدة هنا يتم تجديد الصور الثابتة إذا شعر الدماغ بأن هناك خلال ما في الصورة المخزونة أو إذا واجه صور من نوع جديد لم يلفه هناك كذلك مناطق في دماغ مخصصة لتعرف على الوجوه البشرية فالدماغ يتعرف إلى الوجه البشري بطريقة أفضل وأسرع من تعرفه على الإشكال الأخرى وهذا طبعاً بسبب الحاجة المستمرة للإنسان لذلك يوجد بعض المرضى الذي يعانونا من تلف في بعض المناطق الدماغية مما يؤدي إلى قصور في بعض الوظائف الإدراكية وقد تعرف على العلماء على هذه التخصصية في الدماغ في بادئ الأمر عن طريق هؤلاء المرض وتوفر بعض الأجهزة كالتصوير برنين المغناطيسي أدوات جبارة للعلماء للكشف عن تفاصيل الدماغ وكما أن للأبصار مناطقه فكذلك للحواس الأخرى فالدماغ يصنف الأصوات ويستهدف أصوت دون غيرها.
هذا التخصص في المناطق الدماغية هو لتوفير الجهد لكنه يؤدي لقصور وأخطاء يقع فيها الإنسان عندما يتعامل مع بعض الأشياء غير المألوفة لديه كألاعيب الخفة والتي يستغل الممارس لها وجود مناطق مختلفة للأبصار (كمناطق تميز الأجسام المتحركة والثابتة).
ومن أكثر الأشياء التي قدمت دليل على مدى أرتبط الدماغ بالعقل والإدراك هي تلك العمليات الجراحية التي كانت تجرى في السباق للمصابين بالصرع حيث يتم فصل المنطقة الواصلة بين شقي الدماغ الأيمن والأيسر هذه العملية تؤدي لاختفاء نوبات الصرع ولكن له أضرر جانبية كثيرة ومن أهم هذه الأضرار والتي لم تلاحظ منذ بدايات أجرى هذا النوع من العمليات أن الإنسان ينقسم إلى إنسانين وكل منهم يجهل وجود الأخر فمن المعروف أن خصائص الشق الأيمن من الدماغ تختلف عن خصائص الشق الأيسر الحواس عند الإنسان ترتبط بشكل تبادلي فأعضاء الجزء الأيمن من الإنسان مرتبطة بالجزء الأيسر والعكس صحيح ما يحدث عند انقسام الدماغ هو انقطاع تبادل المعلومات بين شقي الدماغ, فتتراكم الخبرات بعد عملية الفصل بين جزئي الدماغ بشكل منفصل وفي أحد التجارب على البعض من هؤلاء المرض تم عرض مجموعة من الإشكال من خلال أحد العينين ثم تم عرضها للعين الأخرى والتي لم تستطع تذكر ما شاهدته العين الأخرى لأن منطقة تخزين المعلومات لكل العينين أصبحت منفصلة.
ولتوضيح كيف يمكن أن تكون الأحاسيس والإشارات الملتقطة خادعة لو تصورنا أننا قمنا بنزع عيون شخص ما وركبنا في عيونه تلك جهاز إرسال يقوم ببث الصورة الملتقطة من العين ثم وضعنا جهاز أستقبل على طرف العصب البصري الموجود في رأس الشخص للتقاط الإشارات الواردة من العين ووضعنا العينين على قمة جبل أو فوق طائرة محلقة ووضعنا هذا الشخص داخل البحر, فهل يمكننا تخيل الصورة التي سوف يشاهده هذا المسكين أنها سوف سيشعر بأنه في الماء لكن سيرى أن ما يحيط به هو الهواء بطريقة أشبة بالحلم نحن لا نختلف كثير عن ذلك الشخص إلا في أن عيوننا وأذاننا وأجسادنا تقع في نفس المكان أو هكذا نعتقد.
كل هذا يؤكد لأن بأن هناك آلية (خطوة خطوة) تؤدي في النهاية لهذه الظاهرة الإدراك ويمكننا أن نصف هذه الخبرة الذاتية بأنه نتاج للعمليات الجارية في الدماغ وهنا أقول وأؤكد بأنه نتاج وليست سبب, الإدراك هو مجموعة عمليات جارية وليست جسماً ثابتاً.
عندما تتكرر نفس الظروف المؤدية لصنع هذه الظاهرة (الإدراك) في أي نظام يعتمد التبادلات الكهروكيميائية سوى في الحيوان أو الربوت فأنه سوف تظاهر لدية بغض النظر عن طبيعة هذا النظام.
التوصيف الفيزيائي للإدراك
أجد أن أفضل مقاربة للإدراك فيزيائياً ينطلق من فهم العلاقة بين مراقب التجربة والتجربة نفسها فلكي نستطيع ملاحظة تجربة ما فيجب أن يتواجد لدينا المراقب وأداة القياس والحدث نحن نعجز عن ملاحظة الإدراك لأنه هو أداة الملاحظة التي يستخدمها المراقب لأجراء عملية القياس لتغيرات الحدث, ولا يمكن للمراقب أن يكون مستقلاً عن تلك الأداة, كذلك يمتلك كل شخص إدراكه الخاص ولا يمكننا أن نتشارك تلك الأداة إلا بشكل نسبي مما يخلق ذلك التصور الدائم بأننا مختلفون.
في جميع التجارب الفيزيائية يكون هناك المراقب الذي يقيس التجربة من خلال إطاره المرجعي وتكون القياسات صحيحة بشكل نسبي لذلك المراقب, ولولا وجود هذا المراقب في التجربة لما كانت الفيزيائي كما نعرفها نحن الآن "حتمية" ولكنت تخضع فقط للفيزياء "الكوانتيه" الإدراك هو الذي من خلاله نقيس الزمن وأبعد المكان هذه الأبعاد تكون موجوده وحتى ولو لم يوجد الإدراك لكنها ليست بالكيفية التي نعيها نحن من خلال إدراكنا
وهناك العديد من المتغيرات إلى جانب الزمان والمكان لكن الزمكان وبوصفها أبعاد لصورة العالم المتكونة في الإدراك فأنها تبقى المحدد لشكل فضاء الوعي.
الإدراك هو نِتّاج لتبادل المعلومات في الدماغ وسيرورة تلك المعلومات محدده بالإبعاد التي يتعامل معها نظام تبادل المعلومات (الزمانية والمكانية) فالإدراك البشري لا يستطيع تتبع الأنظمة الكوانتية التي لديها أبعاد أكثر واعقد.
إذا يا سادة يا كرام الإدراك هو تلك الظاهرة التي تنشا لدينا عندما يوجد نظام لتبادل المعلومات يخضع لأبعاد محددة هذا النظام ينشأ صورة هيولوجرافية يتم فيه أعادة بناء معلومات النظام ضمن هيكل الأبعاد, فمن يمثل هيكل الإدراك هو الإبعاد ومن يعبئ تلك الصورة هو المعلومات الواردة لنظام
و لربما تسأل البعض أين تنشأ تلك الصورة الافتراضية التي نكون نحن في وسطها وتمثلنا وتمثل العالم في نفس الوقت thinking 2 وهنا لان أجيب بالدماغ مثلما قد يتبادر لذهن البعض, بالفعل ما يحدث في الدماغ هو ما ينشأ تلك الهلوسة المسماة بالإدراك لكن المفاجأة هنا أن الإدراك لا يقع في مكان هل تعلمون لماذا ؟؟؟؟
لأننا بكل بساطة نحدد أبعاد المكان عن طريق أللإدراك وليس العكس فالإدراك هو أداة قياس الزمان والمكان, وحتى نفهم المسألة بشكل أفضل لو افترضنا جدلاً أننا تمكنا من نزع الهيكل الزمكاني أللإدراك فان معلوماتنا الدماغية لأن تخضع في تنقلاتها بين العصبونات لأي من القوانين السببية الحتمية والمسألة في حقيقتها أعقد من ذلك بكثير فعلينا هنا أن نغير كل تصورتنا ومفاهيمنا عن ما نسميه "نظام" والمرتبطة لدينا دائما بالهيكل المعروف 3 أبعاد مكانية وبعد واحد زماني يجب علينا أن نصنع هياكل جديدة أكثر تعقيدا وتنتج سلاسل مختلفة من طرق التفاعل بين المعلومات.
هذا يقودنا لنتيجة مهمة وهي كما أنه لا يصح أن نسأل كم ذرعاً طول ذرعنا فكذلك لا يصح أن نسأل أين يوجد consciousness أو أللإدراك لأنه بحد ذاته يمثل أداة ووحدة قياس الزمان والمكان في نفس الوقت.
وكما أن اشتعال النار في وجود الهواء يكون النتيجة حتمية للارتفاع المستمر في درجات الحرارة فكذلك أللإدراك هو النتيجة الحتمية لوجود نظام معقد بدرجة معينة ضمن نطاق أبعاد زماني مكانية.
الانا
بعد هذا الشرح عن الإدراك أعود لقضية أخرى وهي الأنا أو Ego والتي لا يميزها الكثيرون عن الإدراك وحتى طارح الموضوع قد خلط بينهما.
الأنا هو الكيفية التي يميز بها (الفرد) (النظام) ذاته عن ما سواه وللعلم الإنسان يولد وهو غير ممتلك لتلك الأنا بذلك الشكل الذي نمتلكه نحن البالغون وحتى عمر سنتين فأنه يعتقد أن كل الأشياء التي يراها فأن أمه تراها كذلك لأنه لا يميز ذاته عن الآخرين طبعاً مسألة تميز (الأنا) لا تتم بين عشية وضحها أو في موعد محدد فالأنا مثله مثل الإدراك مرتبط بالعديد من المتغيرات والإنسان يميز ذاته من خلال العديد من المعرفات والقضايا ولربما غاب عن الكثيرين أن الإنسان قد يعيش جل حياته وهو لا يميز ذاته إلا من خلال أسمه وأعضاء جسده فقط فنحن كما أننا نحتج أن ندرك أننا مستقلون أن أمهاتنا لعبور مرحلة الطفولة المبكرة كذلك نحتج أن نشعر أننا مستقلون عن محيطنا الاجتماعي والفكري وأننا نمتلك حق الوجود ككيان مستقل.
يمكننا أن نقول عن أللإدراك بأنه نمذجة العالم الخارجي داخل فضاء افتراضي ونقول عن الأنا بأنها تمثل العدد صفر داخل هذا النظام وتكمن أهمية العدد صفر في أننا من خلاله سوف نبدأ العد وننشأ نظام للعد والأنا كالصفر ليست لها قيمة في حد ذاتها ولكن وجودها يصنع فرق جوهراً في المعلومات المضافة إليها, فنحن نحتفظ بحد أدنى لتعريف ذواتنا من خلال المظهر الخارجي أو من خلال الاسم ثم ننطلق بهذه الدائرة إلى الخارج.
معضلة الأنا أقل تعقيداً من أللإدراك لذلك لأن أتوسع كثير في تحليلها فهناك العديد من الكتب والدراسات التي وصفتها بشكل جيد.
خارج التوصيفات الحديثة فأن خير من وصف العقل هي الفلسفة البوذية حيث أنها تقارب العلم الحديث لحد كبير بينما نجد أن التوصيف المستخدم من قبل الديانات الشرق أوسيطة (والتي أخذته من الأفكار السابقة لها والمنتشرة في مجتمعاتها) كالروح والنفس والهواء والتي لا تعدو كونها تصورات بدائية لا يمكن الاعتماد عليها في التوصيف فالروح مثلاً هي لفظ غير معرف ولا يمكن وصفها بأكثر من كلمة "سر" فنحن هنا نقول أن هناك سر وأن هذا السر سوف يبقى سراً وذلك لأن يفيد أحد وحتى أن نسمي شيء لا نعرف عنه شيء هو في حد ذاته بلهه غير مقبولة إلا في التفكير الديني
ونقطة أخيره أشير إليها وهي أن الإدراك والأنا والتي نستخدمهما كأدوات قياس للعالم لا يتحقق وجودهما إلا بوجود الظروف المرتبطة بهما فأنا لو كنت أنت لشعرت بأني أنا فقضية الاختلاف بين فرد وأخر هي قضية الاختلاف بالتفاصيل والظروف لا غير فكما يقول الزميل المتألق الفيلسوف تكهنين أنت هو أنا وأنا هو أنت ولولا هذه الأنا لما كنت أنت, ولا يوجد اختلاف جوهري فأنت أنا وأنا أنت فحتى أنت أحياناً لا تصبح أنت بعد مرر الزمن عليك.
مشكلة البعض عند بداية تعاطيهم مع مشكلات من هذا النوع بأنهم لا يحولون أن يجهدوا نفسهم لفهمها أو التعاطي معهافقط من خلال أفكار مسبقة فقط, فلا يقوموا بتوصيفها بشكل السليم الذي يسمح لهم بفهمها في النهاية والمنهاج العلمي هو الوحيد القادر على سبر أغوارها.
وعسى أن يكون غيض وحزن السائل قد زال ضحكة 1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق